آثار أنهار قديمة تؤكد أن المريخ كان أكثر رطوبة مما اعتقدنا!

3 د
اكتشاف مسارات أنهار في المرتفعات الجنوبية للمريخ يدعم وجود المياه سابقًا.
الصور الملتقطة من Mars Reconnaissance Orbiter أظهرت تلالًا نهرية متعرجة.
الأنهار تبدو نتيجة لهطول أمطار وثلوج دوري ومستقر قبل 3.
7 مليار سنة.
العلماء يعتقدون بوجود خزانات مياه ضخمة مختبئة داخل المريخ حاليًا.
الاكتشاف يعزز فهمنا للتاريخ الجيولوجي والمناخي للكوكب الأحمر.
ماذا لو أخبرتك أن الكوكب الأحمر - الذي يبدو اليوم جافاً وقاحلاً - كان في الماضي مليئاً بالأنهار والينابيع، وأنه ربما شهد أمطاراً وثلوجاً منتظمة؟ قد يكون الأمر صعب التصديق! لكن الأدلة العلمية الجديدة تدعم ذلك بشكل مثير.
أعلن فريق من الباحثين مؤخراً عن اكتشاف مسارات أنهار قديمة تمتد لمسافة تصل إلى نحو 16 ألف كيلومتر في منطقة المرتفعات الجنوبية من المريخ، وهي منطقة كانت سابقاً تعتبر خالية من أي دليل قاطع على وجود المياه. هذه المنطقة تحديداً تُعرف بـ "نواكيس تيرا" Noachis Terra أو "أرض نوح"، وهي من أقدم المناطق الجغرافية على سطح الكوكب الأحمر.
الدكتور آدم لوسكوت، من الجامعة المفتوحة البريطانية، وأحد الباحثين القائمين على الدراسة، يقول: "كنا لفترة طويلة نعتقد أن هذه المنطقة خالية من المياه بسبب غياب واضح لأدلة الأنهار والحفر المائية. لكن الصور عالية الدقة الملتقطة بواسطة جهاز Mars Reconnaissance Orbiter التابع لناسا أعطتنا صورة مختلفة ومدهشة".
كيف ظهرت هذه المسارات النهرية القديمة وما هي حقيقة الأمر؟
لنتخيل معاً أننا ننظر من الفضاء إلى كوكب المريخ قبل 3.7 مليار سنة؛ كنا سنشاهد أنهاراً متشابكة تجري على سطحه، تصب في كل مكان وتشكل شبكة هائلة كالأوردة الممتدة على الكوكب. ظلت هذه الأنهار موجودة لفترة طويلة، ونتيجة لتواجد المياه بشكل دائم، كانت هذه المنطقة أقرب إلى كوكب صالح للحياة على الأقل من ناحية توافر المياه.
وتنقسم الأنهار المكتشفة إلى نوعين: قصير يمتد بضعة كيلومترات فقط، ونوع آخر طويل تتجاوز مساراته 160 كيلومتراً. وتظهر الصور التي التقطتها المركبات المدارية مئات القنوات النهرية المتحجرة، والتي ظهرت بفعل تحجّر الرواسب النهرية وانكشافها لاحقاً بفعل عوامل النحت والتعرية الطبيعية، مكونة ما يسمى بـ"القنوات النهرية المقلوبة" أو "التلال المتعرجة".
وبحسب د. لوسكوت، فإن السبب الوحيد لتوزع الأنهار بهذا الشكل في منطقة واسعة كهذه هو وجود نظام مطري وثلجي دوري ومستقر.
واكتشاف هذه المسارات النهرية المقلوبة يفتح باباً مثيراً لفهم وضع المريخ الجيولوجي والمناخي قبل مليارات السنين. فالدراسات السابقة توقعت تساقط أمطار وثلوج على المنطقة، لكن غياب الأدلة المباشرة جعل من هذه الفكرة مثيرة للشك بالنسبة لعلماء الكواكب. واليوم، تؤكد الأدلة الجديدة صحة هذه النظريات القديمة وتعزز من الدراسة المناخية والجيولوجية للمريخ.
ويشير الباحثون إلى أن هذه المياه التي تواجدت على سطح المريخ، لم تختفِ تماماً؛ فبينما تحول المريخ إلى بيئة شديدة الجفاف بعد اختفاء الحقل المغناطيسي للكوكب وتأثير الرياح الشمسية على غلافه الجوي، يعتقد العلماء أن هناك خزانات ضخمة من المياه ما تزال مختبئة في باطن الكوكب بعيداً عن الأنظار.
يأتي هذا الاكتشاف في وقت تحاول فيه بعثات الفضاء إلى المريخ البحث بتركيز أكبر عن أثر المياه القديمة، خاصة مع خطط إقامة الإنسان على المريخ مستقبلاً. فالكوكب الأحمر، الذي لطالما أوحى لنا بأنه صحراوي وخالٍ من الحياة، ربما يحمل قصصاً عديدةً عن تاريخ مناخي أكثر خصوبة مما كنا نتصور.
إن هذا الاكتشاف يؤكد لنا من جديد أن المريخ، الذي طالما أثار مخيلتنا ويبقى هدفاً للأبحاث القادمة، ما زال يخفي في ثنايا مساحاته الشاسعة أسراراً تنتظر الاكتشاف. ولعل تقديم بعض التوضيحات للمصطلحات العلمية، كاستبدال كلمة "التلال متعرجة" بـ "القنوات المقلوبة" بوضوح في النص، أو إضافة جملة قصيرة لتعزيز الربط بين اختفاء الماء وتغير المجال المغناطيسي، ستجعل من المقال أكثر بساطة وتعبيراً للقارئ غير المختص في المستقبل.