ذكاء اصطناعي

أبعد إشارة غامضة في الكون: الفلكيون يرصدون حلقة كونية مزدوجة تفوق حجم درب التبانة بعشرين مرة!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

رصد الفلكيون أقوى وأبعد "دائرة راديوية غريبة" حتى الآن في الكون.

شارك متطوعون في تحديد الإشارات باستخدام منصة RAD@home الفلكية التفاعلية.

اكتشاف هذه الهياكل يكشف عن مصادر الموجات الراديوية وتفاعلات الثقوب السوداء.

تشير فرضيات إلى نشوء الدوائر من تصادم ثقوب سوداء أو "رياح فائقة".

التعاون العلمي مع مرصد Vera C.

Rubin سيزيد من فهم تاريخ الكون المبكر.

في اكتشاف يفتح آفاقاً جديدة في علم الفلك، أعلن فريق من العلماء بالشراكة مع متطوعين من مختلف أنحاء العالم عن رصد أقوى وأبعد "دائرة راديوية غريبة" عُرفت حتى اليوم. هذا الاكتشاف النادر قد يغيّر فهمنا لكيفية نشوء المجرات وتفاعلها مع الثقوب السوداء العملاقة في أعماق الفضاء.

انطلقت القصة من مشروع **RAD@home**، وهو منصة فلكية تفاعلية تجمع العلماء والهواة، حيث تمكن المشاركون من تحديد إشارات غير اعتيادية رُصدت بتقنية الرادار الفضائي، قبل أن تتأكد المشاهدات عبر مصفوفة التلسكوبات الأوروبية منخفضة التردد **LOFAR**.

وهذا يربط بين مشاركة الجمهور في البحث العلمي والتطور السريع في تقنيات المراقبة الراديوية، إذ أصبح المتطوعون اليوم جزءاً محورياً في تحقيق الاكتشافات الكونية الكبرى.


حلقة مزدوجة تحيّر العقول

تتميز هذه الدائرة الراديوية – المسماة **RAD J131346.9+500320** – بكونها تتكوّن من حلقتين متداخلتين تشبهان شكل "الڤين داياغرام"، وهي ثاني حالة فقط تُرصد بهذا الشكل في تاريخ علم الفلك. وتمتاز أيضاً بأنها أكثر دائرة إشعاعاً وبُعداً تم توثيقها حتى الآن، حيث يتجاوز قطرها عشرات أضعاف حجم مجرتنا درب التبانة.

ويتوقع العلماء أن تكشف دراسة هذه البنية الفريدة عن تفاصيل مهمة حول مصادر **الموجات الراديوية** الكونية، وتشكل **البلازما** المحيطة بالمجرات، وربما عن نشاط **الثقوب السوداء** المركزية.

وهذا يقودنا إلى التساؤل الأهم: كيف تتكوّن هذه الهياكل المذهلة في المقام الأول؟


فرضيات حول أصل الظاهرة

تشير دراسات سابقة إلى أن مثل هذه الدوائر قد تنشأ بسبب تصادم ثقوب سوداء فائقة الكتلة، مما يُطلق موجات صدمية هائلة تنتشر في الفضاء المحيط. لكن الفريق الحالي يقترح تفسيراً آخر: فوجود خيوط غازية تشبه **النفاثات الكونية** يلمّح إلى أن ما نراه قد يكون نتيجة "رياح فائقة" صدرت عن مجرات حلزونية داخل الدائرة نفسها، وهي رياح ناتجة عن انفجارات نجمية كثيفة أو عن تدفق مادي من المركز المجري.

وهذا الربط بين البنية الراديوية للمجرة والتفاعلات الغازية يجعل العلماء أمام احتمالية أن تكون هذه "الدوائر الغريبة" جزءاً من دورة حياة المجرات وليست مجرد ظواهر معزولة.


اكتشافات إضافية تفتح الطريق

المثير أن البحث نفسه سجّل جسمين آخرين يملكان خصائص مشابهة؛ الأول مجرة عملاقة تمتد ثلاثة ملايين سنة ضوئية محاطة بحلقة إشعاعية، والثاني مجرة تحيط إحدى نفاثاتها الدخانية بدائرة متماثلة الشكل. ويتوقع الباحثون أن يساهم مرصد **Vera C. Rubin** في تشيلي بالتعاون مع نظم الرصد الراديوي في تتبّع المزيد من هذه الأجسام المثيرة خلال الأعوام المقبلة.

وهذا يسهم في إثراء الفهم العلمي لتاريخ الكون المبكر وتطور المجرات عبر ملايين السنين.

ذو صلة

في الختام

يمثل هذا الاكتشاف شاهداً جديداً على أن الفضاء لا يزال يحتفظ بأسرار لم تُفكّ رموزها بعد، وأن التعاون بين العلماء والمواطنين المهتمين يمكن أن يرسم حدوداً جديدة لما نعرفه عن الكون. وبينما تستعد التلسكوبات القادمة لمسح السماء بدقة غير مسبوقة، يبدو أننا على أعتاب حقبة من الفهم الأعمق لعلاقة المجرات بثقوبها السوداء وللطبيعة الخفية لما يسمى بـ"دوائر الراديو الغريبة".

ذو صلة