ذكاء اصطناعي

أشعة الليزر تكشف جانبًا خفيًا من الذهب والنحاس والألمنيوم

محمد كمال
محمد كمال

3 د

نجح فريق علمي في استخدام الليزر لرصد إشارات مغناطيسية في الذهب والنحاس.

تمكنوا من تطوير تقنية تجعل الضوء يكشف عن تفاصيل دقيقة في المعادن الشائعة.

هذه التقنية تستند إلى تأثير كير المغناطيسي البصري وتسهم في تطوير الإلكترونيات الحديثة.

يتيح الاكتشاف فهمًا أعمق للظواهر الفيزيائية مثل اقتران اللف الفراغي.

هذا التطور يفتح المجال لتطبيقات جديدة في الحوسبة والذاكرة الإلكترونية المستقبلية.

تخيل أن هناك همسًا خافتًا يدور داخل أكثر المعادن شيوعًا حولنا—كالذهب والنحاس والألمنيوم—لكن لم يملك أحد أذنًا تلتقطه طوال قرنٍ من الزمان. هذا ما نجح فريق علمي في تغييره مؤخرًا بعد أن طوروا وسيلة ذكية لرصد إشارات مغناطيسية دقيقة للغاية في هذه المعادن البسيطة، باستخدام الضوء فقط وتكنولوجيا ليزر غير مسبوقة. هذه القفزة المنشورة في دورية Nature Communications قد تغيّر قواعد اللعبة في عالم الإلكترونيات، بدءًا من الهواتف الذكية وحتى التقنيات الكمية.


من لغز قديم إلى اكتشاف جديد

لطالما حيّر العلماء سؤال: لماذا لا نستطيع رؤية "التأثير الهولّي البصري" في المعادن العادية كما نراه بوضوح في مواد مغناطيسية مثل الحديد؟ فظاهرة هول—وهي انحراف التيار الكهربائي بفعل مجال مغناطيسي—عرفها الباحثون منذ عقود واستخدموها لفهم إلكترونات المواد، لكنها بقيت ضعيفة وبلا أثر ملحوظ في معادننا اليومية. نظريًا، كان يفترض أن نستطيع تتبع سلوك الإلكترونات المتفاعلة مع الضوء والمغنطة بهذا الأسلوب البصري، لكن الإشارات كانت ضئيلة للغاية. ظل الأمر أشبه بمحاولة اختطاف همسة وسط ضجيج مدينة مكتظة.

ولأن فهم تقنيات التأثير الهولّي البصري أمر أساس في تطوير الإلكترونيات الحديثة، ظل الباحثون يبحثون عن منفذ لرؤية هذه الإشارات الدقيقة.


تقنية محدثة تفتح نافذة على المجهول

وفي هذا السياق، قرر الفريق بقيادة البروفيسور أمير كابوع والباحث نداف عم شالوم من الجامعة العبرية، بالتعاون مع خبراء من معاهد دولية، البحث عن طريقة تضخيم صوت الإلكترونات "الصامتة" في معادن لا تلتصق بالمغناطيس كالنحاس والذهب. استخدموا ليزر أزرق بطول موجي 440 نانومتر بالتزامن مع تحكم دقيق في شدة المجال المغناطيسي، مطورين بذلك طريقة تعرف بتأثير كير المغناطيسي البصري (MOKE). هذه التقنية مثل مصباح قوي يكشف عن لمعان طفيف على سطح معدن مظلم. وبفضل التحسينات المبتكرة، أصبحت التقنية حساسة كفاية لرصد ارتداد مغناطيسي في النحاس والذهب والألمنيوم والبلاتين والتانتالوم.

وهذا الربط بين تطوير الأدوات الدقيقة وسبر أغوار فيزياء المواد يمنح العلماء نافذة جديدة على الطبيعة الخفية للذرات.


الإشارات بين الضجيج والكم

غالبًا ما كان العلماء يشطبون الإشارات الضعيفة المرصودة أثناء التجارب ويفسرونها بأنها ضجيج لا معنى له. لكن بدراسة أعمق، اكتشف الفريق أن هذا "الضجيج" ليس عشوائيًا؛ بل هو نمط مرتبط بظاهرة فيزيائية هامة تدعى اقتران اللف الفراغي (spin-orbit coupling)—وهي علاقة بين حركة الإلكترون و"دورانه" حول نفسه، وتلعب دورًا محوريًا في الإلكترونيات الحديثة والذاكرة المغناطيسية. هنا يتحول ما يشبه الشوشرة في جهاز الراديو إلى رسالة خفية تحمل معلومات عن مغناطيسية المادة.

وهكذا، تقدم نتائجهم إمكانية تحليل الإلكترونات وحتى تخزين البيانات بطرق جديدة تمامًا، دون الحاجة للكشف المباشر عن الإشارات الكهربائية أو استخدام الأسلاك التقليدية.


نافذة جديدة لتطبيقات الحاضر والمستقبل

ما يجعل هذا الإنجاز فريدًا أن التقنية لا تتطلب أدوات ضخمة أو تجهيزات معقدة. يكفي تسليط شعاع ليزر على سطح العينة واستقبال الأحاسيس المغناطيسية دون لمس أو تثبيت أسلاك دقيقة، مما يبسط اختبارات أشباه الموصلات ويفتح الباب أمام تطوير معالجات أسرع وأكثر كفاءة. وتزداد أهمية الأمر لدى من يطمحون بتطوير الحوسبة الكمية أو الأجهزة الإلكترونية الدقيقة للغاية.

ذو صلة

وهذا يربط بين تطوير التكنولوجيا البصرية وبين تصميم ذاكرات المستقبل وأنظمة الكشف عن الحالات الكمومية؛ أي ما يشكل قلب الثورة الإلكترونية المقبلة.

في الختام، هذا الاكتشاف لم يُحِل لغز التأثير الهولّي البصري فقط بل فتح نافذة عملية لفهم خفي للمواد الشائعة حولنا، وجعل من الضوء وسيلة لالتقاط حوار الإلكترونات داخل معادننا اليومية. ومن شأن دمج مرادفات أقوى من "الضجيج" مثل "الشوشرة" أو توسيع شرح اقتران اللف الفراغي بجمل توضيحية إضافية أن يجعل الصورة أوضح وأقرب، وربما يؤكد على أهمية الجمل الرابطة التي تحوّل التفاصيل المتفرقة إلى قصة متكاملة ومشوقة لأولئك الذين يطمحون لمواكبة أسرار عالم الفيزياء المتجددة.

ذو صلة