إصلاح السمع بالخلايا الجذعية: تجربة بريطانية قد تفتح أبوابًا جديدة للملايين

4 د
أدى استخدام الخلايا الجذعية لاستعادة السمع إلى أول تجربة بشرية.
يعتمد العلاج على حقن خلايا جذعية في الأذن الداخلية.
تهدف التجارب لتقييم فعالية العلاج الجديد مقارنة بالطرق التقليدية.
إمكانية عودة السمع قد تغيّر حياة الملايين إذا أثبتت الفعالية.
الباحثون يستعدون للتجارب السريرية لتأكيد نجاح التقنية الجديدة.
لطالما بقي علاج فقدان السمع الشديد تحديًا كبيرًا أمام العلماء طوال عقود، ولكن اليوم قد نكون أمام لحظة فاصلة، إذ حصل فريق بحث بريطاني على الموافقة الرسمية لبدء أول تجربة على البشر لعلاج جديد مبتكر يستخدم الخلايا الجذعية لاستعادة القدرة على السمع.
الفريق العلمي بقيادة باحثين من جامعة شيفيلد قرّر تأسيس شركة بيولوجيا حيوية ناشئة تُدعى Rinri Therapeutics، وتهدف إلى استخدام تقنية خلايا جذعية تدعى "رينسيل-1" في معالجة ما يُسمّى "فقدان السمع الحسّي العصبي"، الناجم عن تلف بالأجزاء الدقيقة في الأذن الداخلية.
كيف تعمل هذه التقنية الجديدة؟
في الوضع الطبيعي، هناك خلايا دقيقة حساسة تشبه الشعيرات في جزء من الأذن الداخلية يُسمّى "القوقعة"، تلتقط الصوت وتحوّله إلى إشارات عصبية. عندما تتأذى هذه الشعيرات الحساسة أو تتلف الأعصاب التي تربطها بالدماغ، تتوقف الاتصالات التي تُرسل الصوت إلى أدمغتنا، ما ينتج عنه فقدان القدرة على السمع.
هنا يأتي دور علاج "رينسيل-1" الجديد، الذي يعتمد على حقن خلايا جذعية جنينية متخصصة داخل الأذن الداخلية خلال جراحة زراعة القوقعة. تكتسب هذه الخلايا القدرة على التحوّل إلى خلايا عصبية سمعية قادرة على إصلاح وربط الخلايا الحساسة المتضررة مع الدماغ من جديد، ومن ثمّ استعادة وظيفة السمع.
يقول مارسيلو ريفولتا، الباحث المسؤول عن الدراسة من جامعة شيفيلد: "أظهرت أبحاثنا السابقة أن رينسيل-1 يتمتع بقدرة فريدة على استهداف وإعادة بناء البنية العصبية الدقيقة داخل الأذن الداخلية، ما يمنحنا أملاً كبيرًا في إمكانية عكس أضرار السمع واستعادة الوظائف الطبيعية".
وهذا التطور المثير لا يعد أمرًا عابرًا، بل يأتي استجابة لتحدٍ صحي من الدرجة الأولى. إذ تشير منظمة الصحة العالمية إلى معاناة حوالي مليار شخص حول العالم من مشكلات مختلفة في السمع تواجه فيها العلاجات التقليدية الحالية، مثل الزراعة القوقعية، محدودية في الفعالية ولا تؤدي دائمًا إلى استعادة السمع بشكل كامل.
انطلاق أول التجارب البشرية
مع الحصول على الموافقة التنظيمية من قبل وكالة الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في المملكة المتحدة، سيشرع الباحثون قريبًا في تنفيذ تجربة سريرية مصغّرة تشمل 20 مريضًا. ستُقسم هذه المجموعة إلى فريقين متساويين: الأول يعاني من فقدان سمع مرتبط بتقدم العمر، المعروف طبيًا باسم "Presbycusis"، والثاني لديه ما يُسمى "اضطراب العصب السمعي" (ANSD)، وهو حالة مرضية تتلقى فيها الأذن الأصوات لكنها تعجز عن إرسالها بوضوح للدماغ.
كل مجموعة ستقسَّم أيضًا بشكل عشوائي بين مرضى يتلقون حقنة من رينسيل-1 بالتوازي مع عملية زرع القوقعة، وآخرين لا يتلقون سوى العملية التقليدية بدون الحقنة. وبذلك ستتمكن الدراسة من تقييم فعالية العلاج الجديد بمقارنته مباشرة بالأسلوب التقليدي وحده، ما سيوفر أدلة جيدة حول إمكانية استخدام التقنية وحدها مستقبلًا أو بالاقتران مع الزراعة.
ويؤكد سيمون تشاندلر، المدير التنفيذي لشركة Rinri Therapeutics، أن العلاج يمكن أن يصبح نقطة تحوّل كبيرة في علاج فقدان السمع، قائلًا: "نستهدف بزراعة هذه الخلايا استعادة التكوين الدقيق والطبيعي داخل الأذن الداخلية، ما يمكنه أن يعيد للمرضى قدراتهم السمعية بشكل حقيقي وجذري".
الخطوة التالية: آفاق مستقبلية واعدة
إذا أثبتت التجارب الجديدة فعاليتها، فذلك يعني أن ملايين الأشخاص حول العالم سيستفيدون من علاج في غاية الأهمية والضرورة. فالعلاج الجديد لن يكون مجرد تحسين تدريجي محدود التأثير، بل سيكون تطورًا حقيقيًا كفيلًا بتغيير حياة الملايين للصورة التي كانت تبدو مستحيلة قبل سنوات قليلة فقط.
بالإضافة إلى ذلك، يخطط الباحثون لتقييم احتمالية استخدام العلاج وحده في المستقبل دون الحاجة لعملية زرع قوقعة، ما قد يجعله علاجًا أكثر سهولة وتاحًا لعدد أكبر من المرضى. هذا أمر مثير للمتابعة وهو بلا شك محور الاهتمام لكثير من المتخصصين في مجال الطب السمعي في السنوات القادمة.
ويؤكد الباحثون أن الوقت والتجارب السريرية المكثفة وحدها ستكون الحُكم الفصل على مدى نجاح هذه التقنية الجديدة.
في نهاية المطاف، يبقى الأمل حاضرًا وقويًا مع هذا النوع من الأبحاث الطبية الفريدة. ومن المهم ربما استبدال بعض المصطلحات الطبية بتعبيرات بسيطة وقريبة من فهم القارئ، لتعزيز سهولة ووضوح المحتوى للجمهور. كما يمكن ضمّن جملة ربط هنا أو هناك لتسهيل الانتقال بين المواضيع بشكل أكثر سلاسة.
على أية حال، الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن المزيد من التفاصيل حول نتائج التجارب التي قد تُغيّر مستقبل علاج فقدان السمع إلى الأبد. ونحن معكم لمتابعة آخر المستجدات وتوضيحها بكل بساطة ووضوح.