ابتكار ثوري في توليد الطاقة: جهاز تبريد نقطة إكس يقود مفاعلات الاندماج النووي

3 د
تمكن فريق سويسري من جامعة EPFL من حل مشكلة الحرارة الزائدة في مفاعلات الاندماج.
يستخدم الاكتشاف "جهاز تبريد نقطة إكس" لتبديد الحرارة الزائدة في مفاعلات "توكاماك".
تم اختبار الجهاز بنجاح في مفاعل "TCV" وأظهر نتائج استقرار مذهلة في جميع الظروف.
يمكن أن يقلل الابتكار من تكاليف التشغيل ويمد مدينة كاملة بالكهرباء النظيفة.
يدعم العلماء تحسين التقنية لتصبح قابلة للتطبيق التجاري في المستقبل القريب.
في خطوة علمية بارزة تمهّد الطريق لإنتاج طاقة نظيفة وغير محدودة، تمكن فريق بحثي سويسري في جامعة لوزان الفيدرالية للتكنولوجيا (EPFL) من إيجاد حل جذري لمشكلة الحرارة الزائدة التي تعاني منها مفاعلات الاندماج النووي، مما يفتح أبواباً جديدة أمام استغلال هذه التقنية الواعدة بشكل أكثر أمناً وفعالية.
يعتمد اكتشاف العلماء على إضافة ما يعرف بـ "جهاز تبريد نقطة إكس"، وهو ابتكار يتضمن نقطة تحكم مغناطيسي ثانية لمفاعلات الاندماج النووي من نوع "توكاماك". وببساطة، يعمل هذا الجهاز كصمام أمان يساعد على تشتيت الحرارة الزائدة والتخلص منها قبل أن تؤدي إلى إتلاف جدران المفاعل.
مفاعلات الاندماج تُولد حرارة هائلة تصل إلى أكثر من مئة مليون درجة مئوية، وهي حرارة كافية لتدمير المعدات المحيطة إذا تماسّت معها. الجهاز الجديد يعمل بشكل شبيه بوضع فتحات تصريف إضافية على حوض الاستحمام، بحيث يتم تفادي أن تفلت المياه وتغمر البيت.
كيف يعمل هذا الابتكار الجديد؟
لفَهْمٍ أفضل، أشار قائد الفريق كنِث لي إلى أن أهم تحديات محطات الطاقة الاندماجية هو التحكم في الحرارة داخل المفاعل وتخفيف الضغط على الجدران الداخلية الحساسة. لاحظ الباحثون أن إضافة نقطة "إكس" المغناطيسية الثانوية في قناة التخلص من الحرارة تخلق إشعاعات موضعية تمتص الحرارة الزائدة وتُبعِدها عن المناطق المعرضة للخطر.
وقام الفريق باختبار هذه الخاصية بنجاح داخل مفاعل "TCV" التجريبي في مختبرات EPFL. وكانت النتائج مبهرة بالفعل: أثبتت التجارب استقرار هذه الطريقة في جميع الظروف التشغيلية المتوقعة تقريباً، مما يجعلها طريقة أكثر موثوقية من الحلول السابقة التي تم طرحها للتعامل مع ارتفاع الحرارة.
ما الجديد الذي يضيفه هذا الابتكار عالمياً؟
ابتكار "جهاز تبريد نقطة إكس" لا يمثّل مجرد تطوير صغير بل هو بمثابة تغيير جوهري في قواعد اللعبة. ومن المتوقع أن يوفّر هذا الحل مفاعلات اندماجية أكثر كفاءة تدوم لمدة أطول بكثير، مما يعني انخفاضاً في تكاليف التشغيل وتوفيراً حقيقياً للمستهلكين والمجتمعات، حتى أن المفاعل الواحد يمكن أن يمد مدينة كاملة بالكهرباء النظيفة من مصادر متوفرة بسهولة في مياه البحار.
وشركة Commonwealth Fusion Systems بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) يخططان بالفعل لاستخدام هذا التصميم في مفاعلهما الجديد والمُرتقب "SPARC"، والمزمع تشغيله خلال السنوات القادمة كأحد أوائل مشاريع مفاعلات الاندماج النووي التجارية.
ويعني نجاح دمج هذه الفكرة في مفاعل SPARC إمكانية تطبيقها تجارياً على نطاق كبير، ما سيشكل نقلة كبرى نحو مستقبل تستبدل فيه الطاقة النظيفة مصادر الوقود التقليدي مثل الفحم والغاز، ما يعني هواءً أنقى وكهرباء أرخص ومستدامة.
التحديات القادمة وآفاق التطوير
رغم هذا الاختراق الواعد، يبذل العلماء جهوداً لتحسين وتطوير التقنية بشكل مستمر. يقول الفريق السويسري إنهم سيواصلون تحسين وتطوير منظومة "جهاز تبريد نقطة إكس" من خلال تجارب عالية القدرة ومحاكاة علمية دقيقة، واجتياز مزيد من الاختبارات حتى يصبح الاستخدام التجاري لهذه التكنولوجيا ممكناً بشكل فعلي مع مطلع العقد القادم.
الاتجاه نحو مثل هذه الحلول المبتكرة يدفعنا لتخيل عالم فيه مصادر طاقة وفيرة، رخيصة وبدون تلوث، ما قد يعني تحولاً جذرياً في الاقتصاد والحياة اليومية للملايين من الناس. إن دعم هذا المجال من البحث والتطوير يمكن أن يسرّع من الوصول لهذا المستقبل المثير والمشرق.