استثمارات في الظل: تقارير تقول إن شركة سبيس إكس لديها باب سري للاستثمار الصيني

3 د
كشفت ProPublica أن سبيس إكس سمحت باستثمارات صينية غير مباشرة عبر ملاذات ضريبية مثل جزر كايمان.
تعمل الشركة في مشاريع دفاعية حساسة، لم تخضع لتدقيق لجنة الاستثمار الأجنبي CFIUS حتى الآن.
يحتفظ إيلون ماسك بعلاقات وثيقة مع الصين، حيث تُنتج نصف سيارات تيسلا في شنغهاي.
أشارت تحقيقات سابقة إلى أن شركات ماسك الأخرى تلقت أيضًا تمويلًا صينيًا بطرق ملتوية.
في تطور مثير للجدل، كشفت منصة ProPublica الاستقصائية أن شركة سبيس إكس (SpaceX)، المملوكة للملياردير إيلون ماسك، قد سمحت باستثمارات صينية غير مباشرة عبر ملاذات ضريبية مثل جزر كايمان، رغم كونها متعاقدًا دفاعيًا حساسًا مع وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون).
تتولى سبيس إكس مسؤوليات حيوية في البنية الدفاعية للولايات المتحدة، من ضمنها تطوير شبكة أقمار صناعية تجسسية سرية، ما يجعل أي تسلل استثماري أجنبي، خاصة من الصين، موضع قلق أمني بالغ. فالاستثمار من قِبل دولة تعتبر خصمًا استراتيجيًا قد يتيح لها الوصول إلى تقنيات عسكرية متقدمة أو معلومات استخباراتية حساسة أو حتى سلاسل التوريد الخاصة بالبنتاغون.
خلفيات مالية تكشف عن ثغرات قانونية
التفاصيل التي أزاحت الستار عن هذه الممارسات جاءت خلال نزاع قانوني دارت أحداثه مؤخرًا في ولاية ديلاوير، حيث أدلى كل من المدير المالي لسبيس إكس، بريت جونسون، والمستثمر البارز إقبالجيت خالون، بشهادات تبيّن أن الشركة تعتبر من المقبول دخول الاستثمارات الصينية طالما تمت عبر كيانات مالية خارجية، غالبًا ما تُستخدم لإخفاء هوية المستثمرين الحقيقيين.
هذه المعلومات جاءت على خلفية صفقة فاشلة عام 2021، كان من المفترض أن تستثمر بموجبها شركة صينية مبلغ 50 مليون دولار في أسهم سبيس إكس. وعندما تسربت تفاصيل الصفقة، سارعت الإدارة التنفيذية للشركة إلى إلغائها، خشية إثارة غضب الجهات الرقابية المعنية بالأمن القومي.
خالون أكد خلال شهادته في ديسمبر الماضي أن استخدام صناديق خارجية لاستقطاب استثمارات صينية "أمر مقبول" لدى الشركة، رغم ما يحمله ذلك من شبهات تتعلق بإخفاء ملكية أجنبية حساسة في مؤسسة تعمل في صميم الصناعات الدفاعية الأمريكية.
تساؤلات حول علاقة ماسك بالصين
هذه القضية تسلط الضوء من جديد على العلاقة المعقدة التي تربط إيلون ماسك بالصين. فإلى جانب أن مصنع تيسلا في شنغهاي ينتج قرابة نصف سيارات الشركة عالميًا، فإن ماسك كثيرًا ما عقد اجتماعات مع مسؤولين من الحزب الشيوعي الصيني لمناقشة مصالحه التجارية.
الجدير بالذكر أن تقارير سابقة أفادت بأن البنتاغون أطلع ماسك على سيناريوهات محتملة لنشوب صراع مع الصين، في خطوة تعكس حساسية موقعه بين الاقتصاد والتكنولوجيا والدفاع. هذا التداخل بين النفوذ الاقتصادي والانخراط في مشاريع عسكرية يجعل من أي علاقة مالية مع الصين موضع مساءلة.
الجهات الرقابية في موقف غامض
رغم أن مثل هذه الاستثمارات يجب أن تخضع عادة لتدقيق لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS)، وهي الجهة المختصة بمراجعة الاستثمارات الأجنبية التي قد تهدد الأمن القومي، إلا أنه لا يوجد سجل علني يُظهر أن سبيس إكس خضعت لمثل هذا التدقيق من قبل اللجنة.
بحسب ما ذكرته ProPublica، فإن هذه الممارسات لا تزال مبهمة، ولا توجد إجابة واضحة حول الأسباب التي تدفع سبيس إكس للسماح بمثل هذه الاستثمارات من دون رقابة مشددة. كما لم تستجب الشركة أو اللجنة لأي طلبات تعليق حتى لحظة نشر التقرير.
ممارسات مشابهة في شركات ماسك الأخرى
هذا التقرير الاستقصائي يأتي استكمالًا لتحقيق سابق أجرته Financial Times، كشف أن مستثمرين صينيين يستخدمون مركبات استثمارية خاصة (Special-Purpose Vehicles) لضخ ملايين الدولارات بهدوء في شركات يملكها ماسك، مثل سبيس إكس وNeuralink وxAI، ما يثير مزيدًا من الأسئلة حول شفافيتها، وحجم النفوذ الصيني في شركات التكنولوجيا المتقدمة في أمريكا.
في الختام، تكشف هذه الوقائع عن ثغرات محتملة في المنظومة الرقابية الأمريكية، التي يبدو أنها غير قادرة على رصد كل طرق الالتفاف المالي المستخدمة من قبل خصوم استراتيجيين مثل الصين. ففي وقت تصعد فيه الولايات المتحدة خطابها السياسي والأمني ضد محاولات الصين لاختراق الصناعات الحساسة، يبدو أن الشركات الكبرى مثل سبيس إكس قد تكون تُفسح المجال خلف الكواليس، طوعًا أو عن قصد، لتلك الاختراقات.
مثل هذه القضايا تحتاج إلى مراجعة عاجلة من صانعي السياسات الأمريكية، ليس فقط لمساءلة سبيس إكس، وإنما أيضًا لإعادة تقييم منظومة الأمن الاقتصادي والتكنولوجي أمام تغيرات مشهد الاستثمار العالمي.