ذكاء اصطناعي

اكتشاف أجسام قديمة عمرها 50,000 عام بنقوش هندسية غامضة قد تكشف عن أولى علامات الإدراك البشري المتقدم

فريق العمل
فريق العمل

3 د

كشفت دراسة جديدة أن أدوات حجرية قديمة تحمل نقوشًا متعمدة تعود إلى ما بين 50,000 و100,000 عام.

تشير النقوش الهندسية على هذه الأدوات إلى بدايات التفكير الرمزي والتجريدي لدى الإنسان القديم.

أظهر التحليل المقارن أن هذه النقوش لم تكن مجرد خدوش عشوائية، بل تطلبت تخطيطًا وتنفيذًا دقيقًا.

يعتقد الباحثون أن هذه الأدلة تعزز الفرضية القائلة بأن الإنسان القديم مارس أشكالًا مبكرة من التعبير الرمزي والإبداعي.

كشف فريق من الباحثين في الجامعة العبرية بالقدس عن أدلة جديدة تشير إلى أن بعض الأدوات الحجرية التي صُنعت في منطقة المشرق قبل ما بين 50,000 و100,000 عام تحمل نقوشًا مقصودة قد تعكس أولى بوادر التفكير الرمزي لدى أسلافنا. ويأتي هذا الاكتشاف ليعزز الفرضيات حول ظهور الوعي التجريدي لدى الإنسان القديم قبل انتقاله إلى الأنشطة الفنية الأكثر تعقيدًا.


نقوش هندسية محفورة عن قصد

وفقًا للدراسة المنشورة في مجلة "العلوم الأثرية والأنثروبولوجية" لعام 2025، فإن الأدوات الحجرية التي تم فحصها باستخدام المجهر أظهرت أنماطًا هندسية دقيقة. ويدحض هذا الاكتشاف الفكرة السائدة التي تعتبر هذه العلامات مجرد خدوش غير مقصودة ناتجة عن عمليات التصنيع. وقد أظهرت التحليلات أن هذه النقوش تتطلب درجة من التخطيط والتنفيذ الدقيق، مما يشير إلى وجود هدف أو معنى وراءها.

تم العثور على اثنتين من هذه الأدوات المحفورة في كهوف بالمشرق، وقد صُنعت باستخدام تقنية "ليفالوا" الخاصة بالعصر الحجري الأوسط، حيث يتم تقشير نواة الصوان للحصول على شفرة حادة. إحدى الأدوات تعود إلى العصر الحجري الأوسط، بينما يعود تاريخ الأخرى إلى نحو 100,000 عام.


الوظيفة أم الجمال؟

يُعد هذا الاكتشاف امتدادًا لأدلة أخرى من العصر الحجري، مثل الأصداف المزخرفة، وأدوات الطلاء بالأوكر، والعظام المحفورة، والتي تُشير إلى أن الإنسان القديم بدأ بممارسة أنشطة ذات طابع رمزي أو جمالي. وعلى الرغم من أن بعض الباحثين في الماضي اعتبروا هذه النقوش مجرد "جماليات أولية" تهدف إلى تحقيق أنماط بصرية مرضية دون دلالة رمزية، فإن الدراسة الجديدة تشير إلى تفسير أعمق.


"التفكير التجريدي يُمثل حجر الأساس في تطور الإدراك البشري"

هكذا علقت عالمة الآثار ماي جودر-جولدبيرجر، المؤلفة الرئيسية للدراسة. وأضافت:


"النقوش المتعمدة على هذه الأدوات تسلط الضوء على قدرة الإنسان القديم على التعبير الرمزي، مما يدل على مجتمع يتمتع بقدرات مفاهيمية متقدمة".


مقارنة بين الأدوات الحجرية

استند الباحثون في تحليلهم إلى مقارنة دقيقة بين الأدوات المنقوشة وغيرها من الأدوات الحجرية القديمة في المنطقة. وتبيَّن أن الأدوات التي تحمل النقوش تُظهر أنماطًا مميزة، مثل خطوط مشعة منتظمة، على عكس الأدوات الأخرى التي تحتوي على خدوش غير متسقة.

على سبيل المثال، نُقشت إحدى الأدوات المكتشفة في كهف عمود قبل 55,000 عام، لكنها لم تكن تحمل نفس الدقة الهندسية التي أظهرتها الأدوات المحفورة الأخرى. هذا يُشير إلى أن النقوش على بعض الأدوات لم تكن مجرد آثار جانبية لعملية التصنيع، بل تمت إضافتها عمدًا قبل إتمام تشكيل الأداة.


دلالات رمزية وليست مجرد مصادفة

أحد الأدوات التي فحصها الباحثون كان "لوحًا حجريًا" يعود إلى نحو 54,000 عام، وهو يختلف عن الأدوات الأخرى لأنه لم يكن مصممًا لغرض عملي معروف. مع ذلك، أظهرت سطحه نقوش هندسية مماثلة لتلك الموجودة على الأدوات الحجرية الأخرى في المشرق، مما يزيد من احتمالية وجود رمزية وراء هذه النقوش.

ويعتقد الباحثون أن هذه الأنماط قد نُقشت باستخدام أدوات حجرية ذات حواف حادة، وذلك بضربة واحدة لكل خط محفور. ووفقًا لفريق البحث، فإن هذه التقنية تدل على "نية إبداعية" واضحة.


ما وراء البقاء: التفكير المفاهيمي عند الإنسان القديم

تشير هذه النتائج إلى أن الدافع وراء صناعة هذه الأدوات قد لا يكون مجرد تلبية الاحتياجات المعيشية، بل ربما كان هناك حافز آخر مرتبط بالتعبير الرمزي والتفكير التجريدي.

ذو صلة

من جهته، علّق عالم الآثار جواو مارييروس من مركز لايبنيز للأبحاث الأثرية في ألمانيا قائلًا:


"المنهجية التي استخدمناها لا تسلط الضوء فقط على الطبيعة المتعمدة لهذه النقوش، بل تقدم أيضًا لأول مرة إطارًا مقارنًا لدراسة مثل هذه الأدوات، مما يعزز فهمنا للمجتمعات في العصر الحجري الأوسط"

ذو صلة