ذكاء اصطناعي

اكتشاف جمجمة “رجل التنين” في الصين: هل نكشف لغزًا جديدًا حول فئة غامضة من البشر

فريق العمل
فريق العمل

3 د

جمجمة "رجل التنين" المكتشفة في الصين قد تكون دليلاً على الدينيسوفانيين.

وجدت الجمجمة في هاربين خلال بناء جسر قبل قرن من الزمن.

تحليلات البروتينات والحمض النووي تشير إلى ارتباطها بالدينيسوفانيين.

النتائج قد تساعد في رسم ملامح الدينيسوفانيين للمرة الأولى.

الأبحاث مستمرة لتأكيد النتائج وتوضيح هوية "رجل التنين".

في اكتشاف قد يعيد كتابة تاريخنا القديم، وجد العلماء أن جمجمةً بالغة القدم عُثر عليها في الصين، ويعود عمرها إلى أكثر من 146 ألف سنة، ربما تكون أول دليل على شكل وملامح أقرباء البشر الغامضين المعروفين باسم "الدينيسوفانيين".

بداية قصة العثور على هذه الجمجمة تعود إلى ما يقارب قرناً من الزمن، وتحديداً في مدينة هاربين بشمال الصين، عندما اكتشفها بعض العمال أثناء مشروع لبناء جسر. الجمجمة التي أطلق عليها العلماء "رجل التنين" سببت جدلاً واسعاً، حيث ادعت دراسة سابقة أنها تنتمي إلى نوع بشري جديد يسمى "هومو لونغي"، لكن الأبحاث الجديدة تشير بقوة إلى أنها ربما تكون أكثر الأمثلة اكتمالاً للدينيسوفانيين، وهم فرع قريب من البشر، عاش خلال العصر الحجري في آسيا، وظل لغزًا عصيًا على الفهم لفترة طويلة.

وللتوصل إلى هذا الاستنتاج، استعان فريق العلماء والبروفيسورة كياومي فو، المتخصصة في علم الوراثة التطورية بمعهد الحفريات الفقارية والأنثروبولوجيا القديمة في بكين، ببروتينات قديمة تم استخراجها من الجمجمة. وتُظهر تحليلات البروتينات ثلاث نسخ خاصة نادرة مرتبطة مباشرة بالدينيسوفانيين فقط، وهي التي ظهرت في عظام "رجل التنين"، مما يربط بشكل أوضح الجمجمة بالمجموعة البدائية ذاتها. إضافةً إلى ذلك، تم استخلاص الحمض النووي الميتوكوندري من التكلس السني المحيط بالجمجمة، والذي جاء مطابقًا لحمض نووي عُثر عليه من قبل في كهوف دينيسوفا بسيبيريا، حيث تم اكتشاف آثار أولية للدينيسوفانيين سنة 2012 إثر العثور على جزء صغير من عظمة إصبع.

أما ما يجعل هذه النتائج مهمة للغاية، فهو أن الأدلة السابقة عن الدينيسوفانيين كانت محدودة جدًا: مجرد بقايا بسيطة مثل عظمة الإصبع وبعض الأضلاع وجزء صغير من الفك السفلي، وهو ما جعل من تحديد شكل هؤلاء البشر البدائيين غير واضح تمامًا. والآن، بفضل هذه النتائج الجديدة لشكل الجمجمة بالكامل، بدأنا أخيرًا نتخيل ملامح وجه أبناء عمومتنا من الدينيسوفانيين للمرة الأولى.

ولكن الأمور ليست محسومة تمامًا لدى العلماء، فهناك أصوات تطالب بمزيد من الحذر قبل إعلان نتائج حاسمة، كالباحث شيجون ني، من نفس المعهد في بكين، الذي يرى أن الحمض النووي المستخرج من الجير السني قد يحمل تلوثًا حديثًا من لمسات العلماء الذين تعاملوا مع الجمجمة مرارًا وتكرارًا. ولهذا، يُشدد ني وعدد من الباحثين على أهمية أخذ عينات إضافية من أماكن لم يتم لمسها مسبقًا، مثل العظام الداخلية للأذن والأسنان ذاتها لضمان دقة النتائج المخبرية.

وفي السياق ذاته، يشير بعض الباحثين من جامعة بافالو في نيويورك إلى أن هذه الخصائص البروتينية الخاصة بالدينيسوفانيين لم يتم إثباتها بشكل كامل في عظام أخرى ذات صلة من تايوان، ويقترحون إمكانية وجود خليط جيني ناتج عن تزاوج بين أنواع بشرية مختلفة قد يفسر النتائج الغامضة الحالية.

ذو صلة

وبين استخدام العلماء للبروتينات القديمة واختبار الجينات الدقيقة، ما تزال هذه الجمجمة تثير أسئلة أكثر بكثير مما تقدم من إجابات نهائية. ويبدو أن لغز هوية "رجل التنين"، وهوية مجموعة الدينيسوفانيين بشكل عام، لن تُكشف بسهولة، لكن هذه التفاصيل الجديدة والبروتينات المستخرجة من الجمجمة قد تضعنا خطوة أقرب من رسم ملامح أقاربنا الغامضين الذين عاشوا معنا على نفس الأرض منذ آلاف السنين.

وفي حين تبقى الأبحاث جارية لمعرفة المزيد عن هذا الكائن القديم الغامض، يُفضل تعزيز المقالات القادمة ببعض التفاصيل عن الحياة اليومية المحتملة لهذه الكائنات، وكيف كانت العلاقة بينهم وبين الإنسان الحديث، مع توضيح بعض المصطلحات العلمية بدقة أبسط، لإحداث ترابط أوضح مع الجمهور الذي يبحث عن إجابات تقدم صورة كاملة لعالمنا القديم الغامض.

ذو صلة