اكتشاف يزلزل العالم: 170 ألف عام من الطاقة المجانية تكشف أسرار الأرض!

3 د
أعلن العلماء عن اكتشاف احتياطيات ضخمة من الهيدروجين الطبيعي في أعماق الأرض.
يمكن للهيدروجين توفير طاقة نظيفة للبشرية لمدة 170 ألف سنة.
يمتاز الهيدروجين بكونه وقودًا نظيفًا، إذ ينتج عند احتراقه بخار الماء فقط.
توجد احتياطيات الهيدروجين في تشكيلات جيولوجية متعددة عبر القارات.
تحتاج استراتيجيات استخراج الهيدروجين إلى تقنيات حفر متقدمة واكتشافات جيولوجية دقيقة.
في خطوة قد تغيّر ملامح مشهد الطاقة العالمي، أعلن فريق من العلماء عن اكتشاف احتياطيات هائلة من **الهيدروجين الطبيعي** في أعماق الأرض، تكفي لتزويد البشرية بالطاقة لما يقرب من 170 ألف سنة. الدراسة التي نُشرت في دورية علمية مرموقة وأشرف عليها باحثون من جامعات أكسفورد ودورهام وتورونتو، تشير إلى أن هذا المورد النظيف يمكن أن يقود العالم إلى عصر جديد يقل فيه الاعتماد على الوقود الأحفوري وبالتالي تنخفض الانبعاثات الكربونية بشكل غير مسبوق.
وهذا يربط بين البحث العلمي الحديث والطموحات الكبرى لمكافحة التغيّر المناخي عالميًا.
لماذا يمثل الهيدروجين مفترق طرق في سباق الطاقة؟
يتميّز الهيدروجين بقدرته على الاحتراق دون إصدار سوى **بخار الماء**، ما يجعله وقوداً نظيفاً مقارنةً بالنفط أو الغاز الطبيعي. لكن العقبة الكبرى كانت أن إنتاجه الصناعي يعتمد غالباً على عمليات مُكلفة وملوثة مثل إصلاح الغاز الطبيعي. الدراسة الأخيرة تقترح بديلاً ثورياً: استخراج الهيدروجين الذي يتكون طبيعياً في باطن الأرض منذ ملايين السنين.
ومن هنا ينتقل النقاش من حدود المختبرات إلى آفاق السوق العالمية والطاقة البديلة.
كيف يتكوّن هذا الهيدروجين في باطن الأرض؟
يشير الباحثون إلى وجود آليتين أساسيتين:
الأولى عبر **تفاعلات الماء مع الصخور** الغنية بالحديد مثل "البريدوتايت"، حيث يؤدي الأكسدة إلى إطلاق غاز الهيدروجين. الثانية تُعرف بـ"التحلّل الإشعاعي"، وفيها تقوم عناصر مشعة مثل اليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم بتفتيت جزيئات الماء بفعل إشعاعها، لينتج الهيدروجين ببطء عبر العصور الجيولوجية.
هذا يقود إلى ضرورة رسم خرائط جيولوجية دقيقة لفهم مواقع تراكم الغاز واستدامته في مستويات يمكن استخراجها.
أين توجد هذه الكنوز الجيولوجية؟
الدراسة لفتت إلى عدد من البيئات الغنية المحتملة، أبرزها **الأوفيوليت** القاري (قطع من قشرة المحيط اندفعت إلى اليابسة)، والتكوينات الغرانيتية الغنية بالإشعاع، والأقاليم البركانية القديمة، إضافةً إلى أحزمة "الغرينستون" ضمن الصخور الأركية. هذه البيئات موجودة في قارات متعددة، ما يشير إلى أن الهيدروجين الطبيعي قد يكون مورداً عالمي التوزع وليس مقتصراً على منطقة محددة.
وهذا يربط بين الجيولوجيا العميقة والطموحات الاقتصادية للدول الباحثة عن استقلال طاقي.
التحديات أمام الاستغلال التجاري
رغم جاذبية الفكرة، فإن الطريق ليس سهلاً. جزء كبير من هذا الهيدروجين قد تسرّب بالفعل إلى الغلاف الجوي أو استهلكته الميكروبات تحت الأرض. كما أن تكوين حقول مركّزة وقابلة للاستخراج يتطلب ظروفاً جيولوجية معقدة، وصفها العلماء بأنها “أشبه بخبز السوفليه” التي تفشل مع أي خطأ طفيف. حتى لو وُجدت هذه الحقول، تبقى مسألة أن الهيدروجين الطبيعي ليس **متجدداً بسرعة** من منظور بشري، إذ احتاج ملايين السنين للتكوّن.
ومع ذلك، فإن أي تقدّم في تقنيات الحفر والاستخراج قد يفتح الباب لمرحلة جديدة من أمن الطاقة العالمي.
بين البيئة والاقتصاد: فرصة لا تعوّض
من الناحية البيئية، يُقدّر أن بصمة الكربون الناتجة عن إنتاج هذا الهيدروجين تقل عن نصف كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوغرام مُستخرج، وهو معدل قريب من إنتاج "الهيدروجين الأخضر" عبر الكهرباء المتجددة. أما من الناحية الاقتصادية، فتقديرات التكلفة تتراوح بين نصف دولار إلى دولار واحد للكيلوغرام، ما يجعله منافساً شرساً أمام الوقود الأحفوري التقليدي.
وهذا يربط الاكتشاف بين رهانات خفض انبعاثات الكربون ودوافع السوق المفتوح الباحث عن أرخص مصادر الطاقة.
خاتمة
يبدو أننا أمام "كنز تحت أقدامنا" قد يساهم في كتابة فصل جديد من تاريخ الطاقة. لكن السؤال الأهم لم يُجب عنه بعد: هل ستتمكّن التكنولوجيا والأنظمة الاقتصادية من اللحاق بسرعة بهذا المورد الجديد قبل أن تواصل البشرية استنزاف مواردها التقليدية؟ اكتشاف الهيدروجين الطبيعي يبعث الأمل، لكنه يكشف أيضاً الحاجة إلى قرارات جريئة واستثمارات عاجلة لرسم مستقبل طاقي آمن ومستدام.









