ذكاء اصطناعي

الأخطبوط الذي ناول الغواص أدواته… خيال أم واقع؟

محمد كمال
محمد كمال

3 د

انتشرت قصة "الأخطبوط المساعد" في البرتغال على فيسبوك وأثارت إعجاب الكثيرين.

تبين أن الصورة لم تكن حقيقية بل معدلة، حيث أُضيف الأخطبوط رقميًا باستخدام أدوات التعديل.

التحقيق كشف أن السعي وراء جذب الزيارات والإعلانات ربما كان هدفًا رئيسيًا لنشر القصة.

مثل هذه الأخبار تسلط الضوء على أهمية التحقق من المعلومات من مصادر موثوقة.

الفضول جميل، لكن يتحتم علينا التدقيق لتجنب الانخداع بالصور المزيفة.

في أواخر سبتمبر 2025 انتشرت صورة على فيسبوك بشكل واسع، قيل إنها التقطت قبالة سواحل البرتغال، وتظهر فيها لقطات غير معتادة: غواص تحت الماء يتلقى أداة من أخطبوط بدا وكأنه يعمل كمساعد شخصي في أعمال الصيانة. تداول رواد مواقع التواصل القصة بابتسامة وإعجاب، واعتبرها بعضهم دليلاً جديداً على ذكاء هذه الكائنات البحرية. لكن هل ما رآه الملايين يستند إلى حقيقة علمية، أم أنه مجرد خدعة بصرية صُممت بمهارة؟

وهذا يقودنا إلى تتبع أصل القصة وانتشارها ليصبح واضحاً كيف تحوّلت إلى مادة مثيرة للرأي العام.


من فيسبوك إلى تويتر: انتشار خاطف للقصة


القصة انطلقت من منشور على فيسبوك مصحوب بصورة يظهر فيها أخطبوط يمد غواصاً بمفتاح ربط معدني. سرعان ما لاقت الصورة رواجاً، حصدت آلاف التفاعلات، وجرى تداولها عبر مجموعات وصفحات عدة. لم يتوقف الزخم عند هذا الحد، بل انتقلت الحكاية إلى منصات أخرى مثل منصة "إكس" (تويتر سابقاً) حيث حصد أحد المنشورات أكثر من 700 ألف مشاهدة، كما وصلت حتى إلى لينكدإن، وهو ما منحها مسحة من الجدية لدى بعض القرّاء.

هذا التوسع السريع في الانتشار أعطى القصة وزناً أكبر، وأثار فضول المدققين والمواقع المعنية بالتحقق من الشائعات.


الدليل المفقود: تحقيق يكشف الحقيقة


عند التدقيق في الصور المنشورة، تبيّن أنها لم ترد في أي مصدر إخباري موثوق أو جهة علمية. البحث العكسي عبر جوجل كشف أن أصل اللقطة يعود إلى مقطع فيديو حقيقي جرى تصويره في بحر الشمال عام 2018، يعرض تفاصيل عمل غواصين في بيئة مغمورة. لكن المفاجأة أن الفيديو الأصلي لا يحتوي أي ظهور لأخطبوط، فضلاً عن مشهد يمد أدوات للغواصين. الخلاصة كانت واضحة: الأخطبوط أُضيف رقمياً باستخدام أدوات تعديل الصور وربما عبر برامج مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

ومن هنا يتبين أن انتشار الصور المُعدلة لم يكن مجرد ترف بصري، بل محاولة لصناعة محتوى جذاب قد يُستخدم لجذب الزيارات والإعلانات.


خدعة متكررة في ثوب بحري


التحقيقات أوضحت أيضاً أن هناك نسخاً متعددة من الصورة ظهرت في منشورات مختلفة، بعضها بدا أكثر افتعالاً بسبب النعومة غير الطبيعية في التفاصيل وتمويه الألوان، وهي علامات شائعة في الصور المصطنعة. الأدهى أن بعض الرسائل التي روّجت للقصة أحالت القرّاء إلى مواقع متخمة بالإعلانات، ما يعزز فكرة أن الغرض الأساسي ربما كان تجارياً بحتاً.

هذا يربط القصة بموجة أوسع من الأخبار المضللة التي تصنع لمجرد إثارة الفضول، واستغلال الميل البشري لقصص الحيوانات الذكية وغير المألوفة.


كيف نتعامل مع مثل هذه الأخبار؟


يثبت هذا المثال أن مواقع التواصل قد تحوّل مشهداً صغيراً مزيفاً إلى خبر عالمي بين عشية وضحاها. وللمستهلك العادي، من المهم التحقق عبر مصادر موثوقة، والانتباه للعلامات البصرية التي قد تكشف المحتوى المفبرك. كما أن وجود الخبر حصراً في منصات غير صحفية أو مواقع تجارية مشبوهة يعد إشارة قوية إلى ضعف مصداقيته.

وهنا يظهر درس جوهري: ليس كل ما يثير الدهشة في الشبكة العالمية يستند إلى حقيقة علمية – خاصة عندما يتعلق الأمر بسلوك الكائنات البحرية أو الحياة البرية التي تُستخدم عادة لصياغة حكايات رومانسية جذابة.

في النهاية، القصة المسلية عن "الأخطبوط المساعد" تؤكد مرة أخرى قوة الخيال الرقمي وسرعة التضليل في فضاء الإنترنت. لكنها أيضاً فرصة لتذكيرنا بأن الفضول شيء جميل، لكن التدقيق والتحقق يظلان ضرورة، حتى لا نغرق في عالم من الصور المصطنعة التي قد تبدو واقعية للوهلة الأولى.

ذو صلة

ذو صلة