الدهون تهاجم وهرمون FGF21 يدافع: هل سيكون هذا الهرمون هو سلاح الجسم الخفي وسر الصحة القادم!؟

3 د
اكتشف الباحثون هرمون FGF21 الذي يحسن عملية التمثيل الغذائي ويطيل العمر.
يزيد الهرمون حساسية الجسم للإنسولين ويقلل الدهون الضارة.
أكدت التجارب على الفئران زيادة فرصة العمر بنسبة تصل إلى 40%.
يعتبر الهرمون أملاً لإطالة الصحة والوقاية من الأمراض المزمنة مستقبلاً.
هرمون جديد يطيل العمر ويحارب أمراض السمنة والقلب.. هل سيكون سر الصحة القادم؟
يرتكب الكثير منّا هذه الأيام عادات غذائية غير صحية يصعب التخلص منها، لعل أبرزها اتباع أنظمة غذائية غنية بالدهون. المشكلة ليست فقط إنسانية؛ إذ تشير الأبحاث إلى أن الفئران أيضًا تواجه مشاكل مشابهة عندما تأكل طعامًا غنيًا بالدهون، مثل زيادة الوزن وأمراض السكري والقلب واضطرابات التمثيل الغذائي.
لكن ماذا لو كان الحل لهذه المشاكل الصحية مختبئًا داخل أجسامنا؟ هذا ما اكتشفه الباحثون مؤخرًا، حيث عرفوا من خلال الفئران هرمونًا قد يساعد في تعزيز التمثيل الغذائي (عملية تحويل الطعام إلى طاقة) ويطيل أعمارنا بشكل ملحوظ.
الهرمون المكتشف يُسمى FGF21، أو "عامل نمو الخلايا الليفية 21"، وهو أحد الهرمونات التي تُفرزها أنسجة الجسم المختلفة ومنها بشكل خاص الأنسجة الدهنية. وقد أظهرت دراسة حديثة، نُشرت في المجلة العلمية "Cell Metabolism"، أن زيادة إنتاج هذا الهرمون في أجسام فئران بالغة تغذت على أطعمة غنية بالدهون، أدى إلى تحسين كبير في صحتها وزيادة عمرها مقارنة بالفئران الأخرى، دون أن تقلل هذه الفئران من استهلاك الغذاء.
كيف يعمل هذا الهرمون بالضبط؟
رغم اكتشاف فوائد هذا الهرمون منذ حوالي عقد من الزمان، لم تكن آلية عمله واضحة بشكل كاف. لكن في الدراسة الجديدة، تمكن الباحثون من شرح طبيعة عمل هرمون FGF21 بشكل أكثر وضوحًا. فعندما يتم إنتاجه بوفرة داخل الخلايا الدهنية لدى الفئران، يعمل على تخفيض دهون ضارة معينة تسمى "سيراميدات"، تتراكم خصوصًا في الدهون الحشوية (الدهون حول الأعضاء الداخلية)، وهذه السيراميدات مرتبطة بشكل كبير بأمراض القلب والسكري.
وبفضل الزيادة في مستوى هذا الهرمون لدى الفئران، تراجعت الدهون الضارة، مما أدى إلى رفع حساسية الجسم للإنسولين (مؤشر مهم لصحة التمثيل الغذائي)، وتقليل الالتهابات المرتبطة بالتقدم في السن. نتائج الدراسة كشفت أيضًا أن هذه الفئران استطاعت العيش لفترة أطول بنسبة وصلت بين 30% إلى 40% مقارنةً بمثيلاتها التي ظلت مستويات الهرمون لديها عادية.
وهذا الاكتشاف يعد خطوة مهمة، لأنه يكشف أن تحفيز الجسم على إفراز هذا الهرمون، حتى مع استمرار استهلاك أطعمة عالية الدهون، يمكن أن يقدم فوائد كبيرة للصحة ويؤخر من ظهور أمراض الشيخوخة المعروفة كالسكري والقلب والكبد الدهني وأمراض الكلى.
تجارب جديدة تفتح أبواب الأمل لمستقبل صحتنا
للتوصل لهذه النتائج، قام الباحثون بالتعديل الجيني لخلايا الدهون في الفئران البالغة فقط، وذلك للتأكد من فعالية الهرمون بشكل مستقل عن المرحلة المبكرة من حياة الفئران. كما حرص الباحثون خلال تجربتهم على إطعام الفئران طريقة تغذية مشابهة لنمطنا الغذائي الغني بالدهون.
وهنا تأتي أسئلة هامة، فهل ستكون هذه النتائج فعالة في الإنسان كما في الفئران؟ يؤكد الفريق العلمي بقيادة البروفيسور فيليب شيرير من جامعة تكساس الأمريكية أن هذه النتائج تعد بدايةً واعدةً وأساساً قوياً لإجراء تجارب أوسع مستقبلًا على الإنسان. فالهدف هو تطوير علاجات مبنية حول هذا الهرمون، ليس فقط لإطالة العمر، وإنما لتوفير حياة أكثر صحة وجودة ووقاية من الأمراض المزمنة.
في النهاية، لا يزال أمامنا مسار طويل لندرك بالكامل إمكانيات هرمون FGF21 على صحتنا. لكن تظل هذه الاكتشافات العلمية بمثابة بصيص أمل للعديد من البشر الذين يعانون من أمراض مزمنة وخصوصًا السمنة ومشاكل القلب. وقد يكون الاهتمام بإجراء مزيد من البحوث حول طريقة عمل هذا الهرمون وكيفية تعزيزه بشكل طبيعي، من التغذية الصحية إلى التمارين الرياضية، خطوة أساسية نحو مستقبل صحي أفضل وأكثر نشاطًا.