ذكاء اصطناعي

الذكاء الاصطناعي يكشف: الإنسان الماهر كان فريسة للفهود… لا صيادًا لها

محمد كمال
محمد كمال

3 د

دراسة جديدة تكشف أن الإنسان الماهر كان فريسة للفهود قبل مليوني سنة.

فريق إسباني استخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل حفريات في وادي أولدوفاي بتنزانيا.

أظهرت النتائج توافق أكثر من 90% من آثار الأسنان مع أنياب الفهود.

الدراسة توضح أن الفهود كانت مفترسة للبشر الأوائل، مما يعيد تقييم تاريخهم.

منذ عقود، اعتقد العلماء أن **الإنسان الماهر (Homo habilis)**، الذي يُعد من أوائل أنواع البشر الحقيقيين، مثّل بداية قلب موازين القوى في العلاقة بين الصياد والفريسة. لكن دراسة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي تقلب هذه الرواية رأساً على عقب، لتظهر أن أسلافنا ربما كانوا أكثر عرضة للافتراس مما نتصور.


مقدمة البحث: كيف دخل الذكاء الاصطناعي على خط التاريخ؟


فريق من جامعة ألكالا في إسبانيا أعاد فحص حفريتين من عظام *الإنسان الماهر* اكتُشفتا في وادي أولدوفاي بتنزانيا ويعود عمرهما إلى نحو مليوني سنة. باستخدام تقنيات **الرؤية الحاسوبية** وقواعد بيانات ضخمة من صور آثار أسنان حيوانات مفترسة معاصرة – مثل الأسود، الضباع، التماسيح والذئاب – تمكن العلماء من مقارنة أنماط الثقوب والعلامات بدقة متناهية.
وهذا يربط بين أدوات الحوسبة الحديثة وقدرة الباحثين على إعادة قراءة الماضي الإنساني من زاوية غير متوقعة.


الأدلة تحت المجهر: أنياب الفهود تكشف القصة


نتائج التحليل أظهرت أن أكثر من 90% من علامات الأسنان تتطابق مع تلك التي تتركها الفهود، وخاصة بفعل شكل الحفر المثلث في العظام. هذه النتيجة ليست تفصيلاً تقنياً فحسب، بل دليل قوي يشير إلى أن **الفهود كانت تفترس البشر الأوائل بشكل مباشر**، ما ينفي فكرة أن الإنسان الماهر كان بالفعل على قمة **السلسلة الغذائية**.
ومن هنا يتضح أن القوة الضارية للحيوانات اللاحمة آنذاك سبقت صعود الإنسان إلى موقعه المهيمن الحالي.


إعادة تقييم دور الإنسان الماهر في التطور البشري


البحث يقترح أن وضع *Homo habilis* البيئي لم يكن مختلفاً كثيراً عن أسلافه من **الأسترالوبيثيسين** الذين عاشوا دائماً تحت وطأة التهديد. فلو كان هذا النوع قادراً على منافسة **المفترسات**، لَما انتهت عظامه محفوظة بعلامات افتراس واضحة، بل لكانت بقاياه نهشتها **الضباع** أو غيرها من الكائنات القاضمة للعظام بعد وفاته بطرق طبيعية.
وهذا يربط بين ما عاناه البشر الأوائل وبين التحولات اللاحقة التي سمحت لهم أخيراً بالانتقال إلى خانة السيطرة والصيد بدلاً من البقاء في موقع الضحية.


التكنولوجيا تعيد سرد التاريخ


اللافت أن هذه النتائج لم تصدر عن أسلوب تنقيب جديد بل عن استخدام **خوارزميات ذكية** تقرأ ملامح ميكروسكوبية لم تكن العين البشرية قادرة على تفسيرها بذات الدقة. الدراسة تؤكد أن الذكاء الاصطناعي لم يعد أداة للحاضر فحسب، بل وسيلة لفك طلاسم قصص مضى عليها ملايين السنين.
وهذا يربط بين ثورة العلوم الرقمية الحديثة وبين فهمنا المتجدد لتاريخ الإنسان القديم.


خلاصة


الخلاصة التي خرج بها الباحثون بسيطة لكنها مزلزلة: **الإنسان الماهر كان فريسة مفضلة للفهود**، وأن موقع البشر في **التوازن البيئي** تأخر زمنياً قبل أن يصبحوا صُنّاع النار وحاملي الأدوات وأصحاب الكلمة العليا في الأرض. ومع استمرار تطور أدوات التحليل التقني، ربما سنشهد في السنوات المقبلة المزيد من المفاجآت التي تُعيد كتابة صفحات من كتاب **التطور البشري** الذي نظنه مقروءاً بالكامل.

ذو صلة

ذو صلة