ذكاء اصطناعي

الطبيعة تختلط… وظهور طائر نصفه من نوع وآخر من نوع مختلف!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

اكتشف باحثون في جامعة تكساس بأوستن طائرًا هجينًا جديدًا في سان أنطونيو.

تزاوج طائر اليُغر الاستوائي والقيق الأزرق بسبب تغير المناخ.

أدى الانتشار الجغرافي للطيور إلى لقائها بعد عزلة دامت سبعة ملايين عام.

تحليل الحمض النووي كشف تطابقًا مع محاولات سابقة للتهجين في السبعينيات.

المناخ المتغير يواصل إعادة تشكيل النظم البيئية ويسمح بتهجين الأنواع.

في حدث غير مألوف، وثّق باحثون من جامعة تكساس بأوستن ظهور طائر جديد نتج عن تزاوج طبيعي بين طائر **اليُغر (Green Jay)** الاستوائي و**القيق الأزرق (Blue Jay)** الشائع في أميركا الشمالية. ويُرجّح العلماء أن هذا الاكتشاف يُمثل أحد أول الأمثلة على **تهجين طبيعي محفَّز بتغير المناخ**، بعد أن ظلت هاتان السلالتان منفصلتين عن بعضهما لسبعة ملايين عام من التطور.

هذا التطور يضعنا أمام مشهد جديد يُبين كيف يمكن للمناخ المتقلب أن يعيد رسم الحدود الجغرافية للأنواع البرية ويُمكّنها من الالتقاء بعد عزلة طويلة.


تغير المناخ يجمع الأنواع المتباعدة


لم يكن من الممكن تخيل لقاء بين هذين الطائرين قبل نصف قرن فقط. ففي خمسينيات القرن الماضي، بالكاد بدأ اليُغر بالوصول شمالاً من المكسيك إلى أقصى جنوب تكساس، بينما كان امتداد القيقر الأزرق يتوقف قرب مدينة هيوستن دون تجاوزها غرباً. لكن مع التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، بدأ نطاق كل منهما بالاتساع حتى التقيا في **منطقة سان أنطونيو**، حيث أصبح حدوث التزاوج أمراً ممكناً.

وهكذا تظهر العلاقة المباشرة بين **تحولات الطقس العالمية** وتبدل الخرائط البيئية، مما يسهل حدوث تداخل غير مسبوق بين الأنواع.


قصة اكتشاف غير متوقع


بدأت القصة بصورة منشورة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي التقطتها هاوية مراقبة الطيور في إحدى ضواحي سان أنطونيو. أظهرت الصورة طائراً بملامح غريبة: لون أزرق مائل مع قناع أسود وصدر أبيض، بدا مألوفاً لكنه مختلف في الوقت نفسه. كان ذلك كافياً لجذب انتباه الباحث **براين ستوكس** الذي سارع إلى زيارة المكان.

في المحاولة الأولى استعصى الطائر على الإمساك، لكن في اليوم التالي وقع في شبكة دقيقة مخصصة لاصطياد الطيور دون أذى. أخذ الباحث عينة دم صغيرة ووضع حلقة تعريف على ساقه ثم أطلق سراحه، لتبدأ رحلة إثبات أصله الجيني.

هذا يوضح كيف يمكن أن تؤدي مبادرة فردية صغيرة – مثل صورة على الإنترنت – إلى اكتشاف علمي مثير يفتح باباً لفهم أنماط التهجين الطبيعي.


ما بين العلم والمصادفة


بعد تحليل الحمض النووي، تبيّن أن الطائر ذكر هجين من أم ينتمي لليُغر وأب من القيقر الأزرق. الطريف أن باحثين في السبعينيات كانوا قد جرّبوا التهجين بين هذين الطائرين في الأسر، واحتفظ متحف العلوم والتاريخ في فورت وورث بعينة محنطة منه. التشابه بين الطائر الحالي وذلك النموذج المحفوظ أكّد هوية الاكتشاف الجديد.

وهنا نجد رابطاً مباشراً بين **البحث الأكاديمي القديم** ونتائج الميدان الحديثة، مؤكداً أن الطبيعة قادرة على إنتاج ما حاول الإنسان تحقيقه تحت ظروف مصطنعة.


احتمالات أوسع للتهجين الطبيعي


يشير ستوكس إلى أن التهجين في عالم الحيوانات ربما يكون أكثر شيوعاً مما نتصوّر، لكن قلة التوثيق تجعل من الصعب إدراك حجمه. ففي بيئات أخرى قد تمنع المسافات الطبيعية التقاء الأنواع، لكن مع تغير التوزيعات البيئية يصبح التهجين واقعاً ممكناً. ومن أمثلة أخرى على ذلك **الدب الهجين بين القطبي والرمادي (Grolar bear)** أو الكائنات الناتجة عن تقاطع الذئب مع الكايوتي.

هذا يعني أن مستقبل التنوع البيولوجي سيحمل لنا مفاجآت قد تغيّر طريقة فهمنا لتطور الأنواع واستجابتها للضغوط البيئية.

ذو صلة

خاتمة


ظهور الطائر الهجين في باحة منزل بتكساس ليس مجرد خبر طريف لعشاق الطيور، بل هو مؤشر حي على **تأثير المناخ على النظم البيئية** وكيف يكسر الحواجز بين الأنواع. وبين المصادفة العلمية ورصد الهواة، تتضح أهمية متابعة التغيرات الميدانية عن قرب، فربما يحمل كل موسم قصة جديدة تروي كيف تُعيد الطبيعة تشكيل ذاتها أمام أعيننا.

ذو صلة