ذكاء اصطناعي

الفيديوهات المزيفة تلوث الإنترنت… والبيئة تدفع الثمن!

Abdelrahman Amr
Abdelrahman Amr

3 د

انتشار مقاطع «ديب فيك» يثير تساؤلات حول الأثر البيئي لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

مراكز البيانات التي تعالج فيديوهات «ديب فيك» تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء والمياه.

نجاح تطبيقات إنشاء المحتوى الواقعي السريع يزيد العبء على الخوادم وانبعاثات الكربون.

التوسع في مراكز البيانات يحتاج إلى حلول لتقليل الأثر البيئي، مثل استخدام الطاقة المتجددة.

وعي الأفراد باستخدام الذكاء الاصطناعي يساهم في تقليص استهلاك الموارد والطاقة.

في الأسابيع الأخيرة، بات من النادر أن تتصفح شبكات التواصل الاجتماعي دون أن تصادف مقاطع «ديب فيك» مصنوعة بأدوات الذكاء الاصطناعي. هذه المقاطع، التي تولد صوراً وفيديوهات فائقة الواقعية، أصبحت مادةً مثيرة للجدل والسخرية في آن واحد، خصوصاً مع انتشار مشاهد تُظهر شخصيات تاريخية أو فنانين راحلين في مواقف مفبركة وغريبة. لكن خلف هذه الظاهرة التكنولوجية المدهشة، ينبّه علماء إلى خطرٍ لا يقل أهمية: الأثر البيئي لهذه التقنيات.

وهذا يفتح الباب للحديث عن البعد الآخر الذي لا يراه المستخدم وهو البنية التحتية الرقمية التي تقوم عليها هذه الصناعة.


مراكز البيانات.. مصانع الطاقة الخفية

يشرح الدكتور كيفن غريشك، المحاضر في جامعة أكسفورد، أن كل فيديو مُولّد لا يُنتج على هاتف المستخدم، بل في مراكز بيانات ضخمة موزعة حول العالم. هذه المراكز، كما يقول، «تستهلك كميات هائلة من الكهرباء والمياه لتبريد الخوادم التي تعمل دون توقف». ففي ظل سباق شركات التقنية لإنتاج المحتوى الاصطناعي بسرعة وجودة عالية، يتضاعف الضغط على موارد الطاقة والمياه العذبة.

وهنا تتقاطع مشكلة «الديب فيك» مع النقاش العالمي حول استدامة الذكاء الاصطناعي واستهلاكه المتزايد للطاقة.


هوس تطبيقات الذكاء الاصطناعي يزيد العبء البيئي

مع إطلاق أدوات مثل «سورا» التابعة لشركة «أوبن إيه آي»، وصل عدد التنزيلات إلى أكثر من مليون خلال أيام قليلة، ما جعل التطبيق في صدارة متجر «آبل» الأميركي. تسهيل إنشاء مقاطع واقعية بهذه السرعة يعني مضاعفة الطلب على الخوادم التي تعالج هذه البيانات، ومن ثم زيادة انبعاثات الكربون الناتجة عن تشغيلها. ويرى غريشك أن انتشار مثل هذه التطبيقات يجب أن يقابله وعي جماعي بالأثر البيئي المترتب على الاستخدام المفرط.

ومن هذا المنطلق، يتوسع النقاش نحو مسؤولية الحكومات وشركات التقنية في وضع حلول مستدامة.


دعوة إلى التفكير المتكامل في مواقع ومصادر الطاقة

يشير الباحث إلى أن التوسع في بناء مراكز البيانات، مثل المشروعات المقترحة في جنوب أوكسفوردشير، يتم دون دراسة كافية لمسألة تأمين المياه اللازمة لتبريد الخوادم. وهو يحذر قائلاً: «علينا أن نعيد التفكير في أماكن إنشاء هذه المراكز وطريقة تبريدها، فلا يمكن النظر إلى الذكاء الاصطناعي بمعزل عن الموارد البيئية». ويرى أن تبني استراتيجيات للطاقة المتجددة وإعادة تدوير المياه قد يشكل خطوة ضرورية لتقليل الأثر السلبي.

وفي ضوء هذه التحذيرات، يصبح من الضروري الالتفات إلى الاستخدام الفردي اليومي لتقنيات الذكاء الاصطناعي.


وعي المستخدم خطوة أولى نحو الحد من الأثر

يرى الخبراء أن المسؤولية تبدأ من المستخدم نفسه، فالتحكم في عدد المقاطع المنتجة وعدد مرات النشر يمكن أن يسهم في تقليص استهلاك الطاقة. كما أن تقييد الاستخدام في ما يخدم المحتوى التعليمي أو الإبداعي الحقيقي قد يكون بديلاً أكثر استدامة من الترفيه العابر الذي يثقل كاهل الموارد.

ذو صلة

خاتمة


بين الإبداع التقني والتحديات البيئية، يقف الذكاء الاصطناعي على مفترق طريق حساس. فبينما تبهر تقنيات «الديب فيك» العالم بقدرتها على خلق واقع موازٍ، تبقى آثارها البيئية بمثابة التحدي الخفي الذي يتطلب وعياً فردياً وخططاً حكومية لضمان أن لا يكون مستقبل الذكاء الاصطناعي مكلفاً لكوكب الأرض أكثر مما يجب.

ذو صلة