القرش الأبيض يفقد عرش المحيط لصالح هذا المفترس الجديد!

3 د
شهدت مياه أستراليا تحوّلاً في قمة هرم البحر، الأوركا تتغلب على القرش الأبيض.
وجد العلماء قرشًا أبيض نافقًا وأكد التحليل وجود آثار الحمض النووي للأوركا.
الأوركا تستهدف الكبد بسبب قيمته الغذائية العالية، مما يظهر تكتيكها الذكي.
هذا التغيير في التوازن البحري يؤثر على النظام البيئي وتوزيع الفرائس مثل الفقمات.
ستكثف الأبحاث العلمية لدراسة التأثيرات البيئية لمنافسة الأوركا والقرش الأبيض.
ظلت أسماك القرش الأبيض الكبير لفترات طويلة الملك المتوج والمرعب في عالم البحار، لكن يبدو أنها اليوم تواجه منافساً أكثر قوةً وذكاءً، يهدد سلطتها وهيبتها في عقر دارها!
مؤخراً في المياه الأسترالية، اكتشف العلماء أدلة دامغة صدمت المجتمع العلمي حول العالم، تشير إلى أن القرش الأبيض، الذي لطالما اعتبر المفترس الأعلى في سلم الغذاء البحري، أصبح الآن ضحية للصياد البحري الأكثر ذكاءً وتنظيماً، وهو الحوت القاتل أو ما يُعرف باسم "الأوركا".
أدلة علمية تؤكد تحول "القرش الأبيض" من صيادٍ إلى فريسة
بدأت القصة حين عُثر على قرش أبيض ضخم بطول 4.7 أمتار نافقاً على شاطئ بورتلاند جنوبي ولاية فيكتوريا الأسترالية في أكتوبر 2023. المشهد الذي رآه العلماء تركهم في دهشة كبيرة؛ فجسد القرش العملاق كان خالياً من عدة أعضاء مهمة، مثل كبده وأعضائه الهضمية وحتى الجهاز التكاثري. وكانت علامة بارزة بجانب زعنفته الصدرية، كشفت عن وجود جرح يبلغ طوله حوالي 50 سنتيمتراً، وعند تحليله ظهرت النتائج الصادمة: إنه الحمض النووي للحوت القاتل، "الأوركا".
ولم يكن المشهد وحده الذي قاد العلماء لهذه الحقيقة، بل إن شهوداً محليين كانوا قد أبلغوا بالفعل قبل أيام قليلة عن مشاهدتهم مجموعة من الأوركا، من بينها الحوتان المعروفان باسم "بينت تيب" و"ريبل"، وهما أوركا مشهوران بأساليب الصيد والتنسيق الذكية، وقد شوهدا في المنطقة ذاتها.
وهذه الوقائع تؤكد ما تم رصده سابقًا في مناطق أخرى من العالم، حيث بات من الواضح أن هذه السلوكيات آخذة بالانتشار عالمياً ويبدو أن الأوركا باتت تصطاد القرش الأبيض بشكلٍ منظم.
ولم يكن مفاجئاً للعلماء أن الأوركا قامت باستخراج كبد القرش تحديداً؛ فكبد أسماك القرش يعدّ غنياً جداً بالدهون (الليبيدات)، وهو قطعة ثمينة من حيث القيمة الغذائية العالية التي يبحث عنها الأركة أثناء صيدها. هذا الأسلوب الدقيق في انتقاء الأعضاء الغنية بالمغذيات مدهش جداً ويُظهر مستوى عاليًا من الذكاء والتكتيك في ملاحقة الفريسة.
وهذا الأمر لوحظ من قبل في شواطئ جنوب أفريقيا، حيث سُجلت حالات عديدة قامت فيها الأوركا بإزالة أكباد القروش البيضاء بشكل انتقائي، وترك باقي الجسد دون استهلاكه بشكل كبير، مما أثار مقارنة مثيرة للاهتمام مع استراتيجيات الصيد لدى البشر.
وإذا استمرت هجمات الأوركا على أسماك القرش الأبيض في مياه أستراليا بنفس الطريقة، يُتوقع حدوث تحولات كبيرة مشابهة لما حدث في جنوب أفريقيا التي شهدت انخفاضًا واضحًا في أعداد ظهور القرش الأبيض في مناطق الصيد التقليدية الخاصة بها. وبات من المؤكد أن هذه التغيرات ستؤثر بصورة مباشرة على سلوك القرش الأبيض، وقد تدفعه لانتقال مواطنه الأصلية خوفاً على حياته.
هذا الأمر ستكون له تداعيات أوسع على توازن النظم البحرية بأكملها؛ فغياب أو انخفاض أعداد سمكة بقوة القرش الأبيض سيؤدي إلى تغيير التوزيع الطبيعي لبعض الفرائس مثل الأسماك والفقمات، وهو ما يجعل توازن النظام البيئي أمام تغييرات لا يمكن التنبؤ بها.
يبدو واضحاً الآن أن هذا الصراع الجديد في أعماق البحر، ما هو إلا انعكاس للطبيعة والانتخاب الطبيعي، حيث تستمر المنافسة بين مختلف الأنواع البحرية من أجل البقاء. ومن المهم في المستقبل القريب تكثيف الأبحاث العلمية والدراسات المتعمقة لرصد تأثير هذه الظاهرة على المحيط والكائنات التي تعيش فيه بشكل دقيق ومتسق.
ما زلنا ننتظر اكتشاف المزيد من تفصيلات هذه المنافسة البحرية الشرسة بين المفترسين العظيمين، لنفهم بوضوح التداعيات البيئية الكاملة لهذا التحدي المفاجئ لعرش القرش الأبيض الكبير في المحيطات.