المادة المظلمة لم تعد لغزًا ثابتًا… بل كائن كوني يتطور!

3 د
يزداد الكون في توسع سريع يربك العلماء بسبب مشكلة "التوتر في ثابت هابل".
تشير دراسة جديدة إلى أن المادة المظلمة قد تكون متغيرة بمرور الوقت.
الباحثان تشين ولوب يقترحان أن المادة المظلمة قد تمتلك خصائص ديناميكية.
يناقش العلماء فكرة أن جزءًا من المادة المظلمة يمكنه تذبذب الخصائص الفيزيائية.
المادة المظلمة المتغيرة قد تفسر التوتر في قياسات توسع الكون.
في الوقت الذي تزداد فيه معرفتنا بالكون، ما زال أحد أهم أسراره بلا إجابة: لماذا يتمدد الكون بوتيرة أسرع مما تُخبرنا به النماذج الفيزيائية المعروفة؟ هذا اللغز، المعروف باسم **مشكلة التوتر في ثابت هابل**، أربك علماء الكونيات وأجبرهم على إعادة النظر في المفاهيم الأساسية حول **المادة المظلمة** و**الطاقة المظلمة**.
منذ سنوات، كان الاعتقاد السائد أن تسارع تمدد الكون يعود إلى الطاقة المظلمة الثابتة والمستقلة عن الزمن، لكن دراسة جديدة تقترح أن **المادة المظلمة نفسها قد تكون متغيرة أو «متطورة» بمرور الوقت**، وهي فكرة تفتح باباً جديداً للتفسير.
ينتقل هذا الاكتشاف بنا إلى فكرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ببنية الكون وتطوره منذ الانفجار العظيم وحتى اليوم، إذ يشير الباحثان **شينغانغ تشين وأبراهام لوب** إلى أن المادة المظلمة ربما ليست كتلاً «ساكنة» كما كنا نعتقد، بل تمتلك خصائص ديناميكية تتبدل عبر مليارات السنين.
توازن دقيق بين المادة والطاقة المظلمة
لفهم الفرضية، يجدر بنا التذكير بأن التوسع الكوني يتأثر بنسبة الطاقة إلى المادة في الكون. فإذا تغيرت خصائص المادة المظلمة – ككثافتها أو حالتها الفيزيائية – فسيتغير معها معدل تمدد الفضاء نفسه. وقد أظهر الباحثان أنه يمكن تفسير البيانات المرصودة سواء باعتبار الطاقة المظلمة هي التي تتطور، أو المادة المظلمة هي التي تتغير، إذ تُظهر الحسابات أن النموذجين قد ينتجان سلوكاً مشابهاً في تمدد الكون.
وهذا يقودنا إلى الجزء الأهم من البحث: **فكرة "المادة المظلمة المتذبذبة"**. يقترح العلماء أن جزءاً صغيراً من المادة المظلمة قد يتمتع بـ«معادلة حالة» متغيرة، أي أن طاقته وضغطه يتبدلان بمرور الزمن بطريقة تشبه تذبذب كتل **النيترينوات** المعروفة في الفيزياء الحديثة.
نسبة دقيقة ونتائج واعدة
بعد تحليل البيانات الكونية، وجد الباحثان أن أفضل توافق مع الرصد يكون عندما تتكون المادة المظلمة من نحو **85٪ مادة مظلمة تقليدية** و**15٪ مادة مظلمة متذبذبة**. هذا النموذج يمكن أن يفسر التوتر في قياسات ثابت هابل، ويُبقي في الوقت نفسه على اتساق الملاحظات الفلكية الخاصة بالمجرات وسلوك الضوء في الكون العميق.
يربط هذا الاستنتاج بين ظاهرتين طالما بَعُدتا عن بعضهما: الخصائص الدقيقة للجزيئات المظلمة من جهة، والبنية الكونية الكبرى من جهة أخرى، ليقترح احتمال وجود تفاعل غير مرئي بين «البارد» و«الديناميكي» في مادة الكون.
بحث ما زال في بدايته
ورغم أن النموذج الحالي ما زال في مرحلة «الاختبار النظري»، فإنه يفتح الباب أمام حقبة جديدة من الدراسات حول طبيعة المادة المظلمة – ذلك المكون الغامض الذي يشكل أكثر من ربع محتوى الكون دون أن نراه أو نلتقطه مباشرة حتى الآن.
يشدد الباحثان على أن ما طرحاه ليس نموذجاً نهائياً، بل تصوراً تمهيدياً لتحفيز المزيد من الأبحاث حول خصائص الجسيمات المظلمة وطرق تفاعلها مع الزمكان والطاقة المظلمة.
في نهاية المطاف، يبدو أن سؤال "ممَّ يتكون الكون حقاً؟" لم يُجب بعد، لكن فكرة أن **المادة المظلمة قد تتطور بمرور الزمن** تمنحنا مساراً جديداً للتفكير في أكبر أسرار الفيزياء الكونية اليوم.









