ذكاء اصطناعي

بالصور: كوكب يتشكل أمام أعيننا… هل نشهد ولادة أرض جديدة؟

محمد كمال
محمد كمال

3 د

التقط علماء الفلك صورة لأول كوكب في طور التكوين وسط حلقات غبار وغاز.

أطلق على الكوكب الجديد المكتشف اسم WISPIT 2b، ويدور حول نجم يشبه الشمس.

استخدم الباحثون تقنية بصرية حديثة، MagAO-X، لتصحيح تشويش الغلاف الجوي.

التقطت الصورة ضوء H-alpha الناتج عن امتصاص الكوكب للهيدروجين الساخن.

هذا الاكتشاف يفتح نافذة لمعرفة أسرار نشأة العوالم ويفسر نظريات فلكية قديمة.

منذ عقود، اعتبر العلماء أن الفجوات داخل حلقات الغبار والغاز المحيطة بالنجوم قد تكون علامة على ولادة كواكب، لكن حتى اليوم لم نحصل قط على دليل بصري مباشر. والآن، وللمرة الأولى، التقط فريق فلكي صورة تؤكد أن كوكبًا يتكوّن بالفعل في أعماق الفضاء.

في دراسة نشرت مؤخرًا في مجلة علمية متخصصة، أعلن باحثون من جامعة أريزونا بالتعاون مع مرصد ليدن في هولندا عن نجاحهم في رصد كوكب ناشئ أُطلق عليه اسم **WISPIT 2b** داخل قرص كوكبي محيط بنجم شبيه بالشمس يعرف بـ **WISPIT 2**. الصورة تكشف عن نقطة مضيئة تتوهج وسط فجوة بين حلقتين من الغبار، ما يبرهن وبشكل مباشر أن الكوكب في طور الولادة. وهذا الاكتشاف يربط النظريات القديمة بمشاهدات ملموسة لم يكن من الممكن الحصول عليها سابقًا.


تقنية بصرية متطورة تفتح نافذة على الماضي


الاكتشاف تحقق بفضل نظام بصري متقدم يسمى **MagAO-X**، تم تركيبه على تلسكوب ماجلان الكبير في تشيلي. هذا الجهاز يعمل على تصحيح التشويش الناجم عن الغلاف الجوي للأرض، ما يسمح بالتقاط صور فائقة الدقة للكواكب الخافتة رغم قربها من نجومها الساطعة. وخلال ساعتين فقط من التصوير، ظهر الكوكب الوليد بوضوح مذهل، متوهجًا بضوء يعرف باسم **H-alpha** الناتج عن امتصاصه للهيدروجين الساخن. ومن هنا، يصبح واضحًا أن التكنولوجيا التي وصلت إليها الفلك المعاصر مكّنت من رؤية مشهد كان يُظن أنه مستحيل.

وهذا يقودنا إلى جانب آخر مثير في القصة: رصد فريق البحث أيضًا مرشحًا لكوكب ثانٍ حمل اسم **CC1**، يقع أقرب إلى النجم وقد يكون أضخم من كوكب المشتري بتسع مرات.


موقع فلكي يكشف أصول عمالقة الغاز


الكوكب الأول WISPIT 2b يدور على بعد يعادل نحو **56 وحدة فلكية**، أي ما يقارب 3.5 مليار ميل عن نجمه، وهو موقع أبعد كثيرًا من مدار نبتون في نظامنا الشمسي. أما الكوكب الثاني CC1 فيتموضع على مسافة تشبه الفضاء بين زحل وأورانوس، وهو ما يمنح الباحثين فرصة لدراسة تكوين أنظمة كوكبية ضخمة تشبه نسخًا مكبرة من كواكبنا الغازية. وهنا يمكن القول إن هذه المعطيات تُقدّم لعلماء الكواكب "صور الطفولة" للعمالقة الغازية التي نعرفها، ولكن بحجم يفوقها بعشرة أضعاف.

ومع ذلك، فإن ما يجعل اللحظة فريدة هو أن هذه المراحل المبكرة قصيرة العمر نسبيًا. لو تمت مراقبة النجم بعد ملايين السنين من الآن، لما كان بالإمكان رؤية أي أثر لذلك التوهج الكوكبي.


نافذة نادرة على لحظة التكوين


أوضحت الباحثة ريشيلي فان كابيلفين أن العثور على مثل هذه اللحظة أمر بالغ الندرة، لأن النجوم لا تحتفظ بأقراص غبارها سوى لفترة محدودة من عمرها. فقد كنا سنفقد فرصة المشاهدة لو تأخر الرصد قليلًا. لذلك، فإن ما حدث يجسد مزيجًا من التخطيط العلمي الدقيق والحظ الكوني النادر.

ذو صلة

وفي الختام، يفتح رصد ولادة كوكب جديد نافذة ثمينة على أسرار نشأة العوالم، ويعيد إحياء تساؤلاتنا حول كيفية تكوّن نظامنا الشمسي قديمًا. المشهد الذي التقطته عدسات التلسكوبات ليس مجرد صورة، بل شهادة على لحظة كونية تُعيدنا إلى أصول النجوم والكواكب وتمنحنا لمحة عن المستقبل الذي قد تكشفه تقنيات أكثر تقدمًا قادمة.

ذو صلة