ذكاء اصطناعي

بعد 100 عام من الغياب… التمثال المصري يستعيد نصفه المفقود

محمد كمال
محمد كمال

3 د

أعلن فريق من علماء الآثار العثور على النصف العلوي المفقود لتمثال رمسيس الثاني.

تم الاكتشاف في منطقة الأشمونين بمحافظة المنيا، مما يكمل التمثال بعد قرن من التنقيب.

عُثر على التمثال في حالة حفظ ممتازة، واكتُشفت بقايا ألوان زرقاء وصفراء عليه.

يخطط العلماء لإعادة توحيد التمثال لعرضه بارتفاع يقارب سبعة أمتار.

في لحظة وُصفت بالمثيرة، أعلن فريق من علماء الآثار المصريين والأمريكيين عن العثور على النصف العلوي المفقود من تمثال الملك رمسيس الثاني، بعد ما يقارب مئة عام من التنقيب. فهذا الاكتشاف يكمل التمثال الذي عُثر على قاعدته منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ويفتح نافذة جديدة على عبقرية الفراعنة في فن النحت والعمارة.

التمثال الذي يقع موقعه في منطقة الأشمونين بمحافظة المنيا، على بُعد 240 كيلومتراً جنوب القاهرة، كان قد أثار حيرة الباحثين منذ أن اكتشف عالم الآثار الألماني غونتر رويذر الجزء السفلي منه عام 1930. ومع ذلك، ظل الجزء العلوي في عداد المفقود حتى مارس 2024 حين نجح الفريق المشترك في إخراجه بحالة حفظ استثنائية. وهذا يربط بين جهود البحث التاريخية والطموحات الحالية لإعادة تجميع التمثال كاملاً.


حالة حفظ نادرة رغم قسوة العوامل البيئية


اللافت في هذا الحدث أن النصف العلوي الذي يبلغ ارتفاعه نحو 3.8 متر لم يتعرض لتلف كبير على الرغم من مرور القرون. وهو أمر غير معتاد، إذ إن كثيراً من التماثيل المصنوعة من الحجر الرملي أو الجيري في مهدها على ضفاف النيل تضررت بسبب تغيّر منسوب المياه عقب بناء خزان أسوان. وهذا يوضح العلاقة المباشرة بين التغيرات البيئية ومصير الآثار المصرية في صراعها مع الرطوبة والمياه الجوفية.

ومن هنا جاء التركيز على أهمية الحدث، فالعلماء كانوا يتخوفون من أن يجدوا كتلة حجرية بلا ملامح، لكنهم بدلاً من ذلك حصلوا على عمل فني مهيب بملامح الوجه وتفاصيل الرأس واضحة. وهذا بدوره يعزز من فرص إجراء أبحاث أعمق عن تقنيات النحت وأدوات الفنانين القدماء.


ألوان باقية تكشف أسراراً جديدة


وكأن الاكتشاف لم يكن مفاجئاً بما يكفي، فقد عثر الفريق على بقايا ألوان زرقاء وصفراء لا تزال عالقة بسطح التمثال. هذه التفاصيل النادرة تذكّرنا بأن التماثيل المصرية لم تكن مجرد كتل حجرية رمادية، بل كانت تزدان بألوان زاهية تعكس المعاني الدينية والجمالية. وهذا يربط بين البُعد الفني للتمثال وفهمنا الأوسع لهوية الفراعنة وثقافتهم البصرية.

كما يشير الأثريون إلى أن العثور على الطلاء القديم سيتيح استخدام تقنيات علمية لتحليل تركيبة الأصباغ ومعرفة مراحل التحنيط اللوني للفن المصري القديم، وهو ما يفتح باباً لاكتشافات أخرى مرتبطة بالجداريات والمنحوتات التي تزين المعابد.


الخطوة التالية: إعادة التوحيد


بعد نجاح العثور على النصفين، يخطط علماء الآثار لإعادة توحيد التمثال كي يظهر كما أراده الفنان القديم، بارتفاع يقترب من سبعة أمتار. هذه الخطوة لن تجعل التمثال مجرد قطعة متحفية ضخمة فحسب، بل ستعيد إلى المشهد الحضاري المصري صورة أحد أعظم ملوك التاريخ. وهذا يربط بين جهود الحاضر وحلم المستقبل في إبراز مكانة مصر الثقافية كمنارة للتراث الإنساني.

ذو صلة

رمسيس الثاني، المعروف بلقب "رمسيس العظيم"، حكم مصر 66 عاماً وبنى عشرات المعابد والأبراج الضخمة، ما جعل عهده رمزاً للقوة والثروة. واليوم، يعود تمثاله بعد غياب طويل ليعيد للأذهان هيبته ومكانته البارزة.

في الخلاصة، لا يمثل هذا الاكتشاف مجرد إحياء لقطعة أثرية، بل هو تذكير حي بقدرة التاريخ على الظهور من جديد متى ما صبر الباحثون وثابروا. وبين ضفاف النيل وعمق الرمال، لا يزال الماضي يروي حكاياته، ويمنحنا فرصة للتأمل في عبقرية المصريين القدماء وروحهم الخالدة في كل تمثال وحجر.

ذو صلة