بعد 126 عامًا من الخطأ… أحفورة تكشف عن وحش مفترس سبق تي ريكس!

3 د
تم اكتشاف أحفورة نادرة في متحف بريطاني، تُعيد النظر في تاريخ الديناصورات.
الأحفورة تعود لديناصور نيوتنصوروس كامبرنسيس عاش قبل 200 مليون عام.
العلماء استخدموا تقنيات حديثة لمعرفة خصائص الديناصور العملاق.
الاكتشاف يعيد ترتيب الجدول الزمني لتطور الديناصورات الضخمة في العصر الثلاثي.
منطقة ويلز باتت محط أنظار العلماء لمزيد من الاكتشافات الأحفورية.
في متحف بريطاني صغير كانت قطعة عظمية مغطاة بالغبار لسنوات طويلة، لا تلفت أنظار الزوار ولا تشغل بال العلماء. لكن إعادة فحصها هذا العام قلبت الموازين تماماً، بعدما تبين أنها تعود لديناصور مفترس عملاق عاش قبل أكثر من 200 مليون عام، أي في فترة سابقة بكثير لظهور الديناصورات الشهيرة مثل الـ «تي. ركس».
المفاجأة انطلقت من جزء صغير لا يتجاوز 28 سنتيمتراً من عظم فك متحجر وُجد على الساحل الويلزي سنة 1899. العلماء أعادوا فحصه باستخدام تقنيات حديثة بالتصوير ثلاثي الأبعاد، ليكتشفوا أنه يخص نوعاً جديداً أطلقوا عليه اسم **نيوتنصوروس كامبرنسيس**. التقديرات تشير إلى أن هذا الكائن كان قد يصل طوله إلى سبعة أمتار، وهو حجم مدهش بالنسبة لوحش عاش في العصر الثلاثي.
وهذا الاكتشاف لا يضيف مجرد اسم جديد لقائمة الديناصورات، بل يجبر الباحثين على إعادة النظر في الخط الزمني لتطور الضخامة بين الديناصورات آكلة اللحوم.
من رفوف المتحف إلى صفحات التاريخ
العينة عاشت رحلة طويلة قبل أن تأخذ مكانها الصحيح. بعد اكتشافها أول مرة في منطقة «ستورمي داون» قرب مدينة بريدجند في جنوب ويلز، انتقلت إلى المؤسسة الجيولوجية البريطانية، ومنها لاحقاً إلى المتحف الوطني في كارديف. طوال عشرات السنين صُنفت خطأ تحت جنس قديم يُدعى «زانكلودون»، وهو تصنيف أصبح غير مستخدم اليوم.
لكن بفضل عمل فريق من جامعة بريستول بقيادة البروفيسور مايكل بنتون، تغير المشهد سنة 2025. الفريق استخدم تقنيات الفوتوغرامتري لإعادة بناء شكلي ثلاثي الأبعاد للعظم، فكشفت البنية الداخلية والأسنان المقوسة عن خصائص لا يخطئها خبير: نحن أمام ديناصور لاحم حقيقي. وهذا يوضح أن التكنولوجيا الحديثة قادرة على إحياء قصص اختفت في طيات المتاحف.
ديناصور خارج القاعدة
التحليل أكد أن **نيوتنصوروس** لم يكن مجرد ديناصور، بل عملاق زمنه. ففي حين لم تتجاوز معظم الديناصورات المفترسة في العصر الثلاثي ثلاثة أمتار، كان هذا الكائن يقف على رأس السلسلة الغذائية. مقارنة طول الفك أظهرت أن جمجمته وحدها كانت بطول 60 سنتيمتراً تقريباً، ما يعني جسداً يقترب من سبعة أمتار.
هذا يغير النظرة السائدة التي كانت ترى أن الديناصورات الكبيرة لم تظهر إلا في العصر الجوراسي اللاحق، وهو ما يفتح الباب لإعادة التفكير في كيفية تطور السلالات المفترسة. وهكذا يصبح لفك صغير مدفون في الصخور قصة كبرى تعيد كتابة تاريخ الديناصورات.
تحديات التصنيف وأسئلة مفتوحة
اللافت أن السمات التشريحية للعينة تجمع بين صفات أكثر من مجموعة؛ بعضها يشبه ديناصور «ديلوفوساوروس»، وبعضها الآخر قريب من مجموعة «السيلوفيسويدات» خفيفة البنية. هذا الخليط يترك انطباعاً بأننا قد نكون بصدد «فرع شبح» لم يكن مسجلاً في شجرة تطور الديناصورات.
العينة وُجدت داخل تكوينات «مجموعة بينارث» الصخرية جنوب ويلز، وهي طبقات لم تلقَ اهتماماً كافياً سابقاً. اليوم باتت محط أنظار الباحثين باعتبارها مخزناً محتملاً لمفاجآت أخرى، إذ يؤكد علماء المتحف أن مجرد جزء صغير من هذه الجيولوجيا جرى استكشافه حتى الآن.
وهذا يعني أن ويلز، التي لم تشتهر تاريخياً بغناها في الأحافير، قد تتحول إلى وجهة مركزية في علم الحفريات العالمي.
خاتمة
أحفورة صغيرة مهملة على رف متحف أعادت صياغة قصة قديمة عن بداية صعود الديناصورات الضخمة. اكتشاف **نيوتنصوروس كامبرنسيس** لا يضيء فقط على عملاق عاش قبل «التي. ركس»، بل يكشف أيضاً كيف يمكن لتقنيات التصوير الحديثة وإعادة التدقيق أن تفتح نوافذ جديدة على تاريخ الأرض. ومن يدري؟ ربما يحمل الساحل الويلزي المزيد من الأسرار التي تنتظر من يُزيح الغبار عنها.









