ذكاء اصطناعي

بيضة رومانية عمرها 1700 عام تُدهش العلماء بمحتواها السائل في إنجلترا

محمد كمال
محمد كمال

3 د

اكتشف علماء الآثار في إنجلترا بيضة رومانية عمرها 1700 عام بمحتوى سائل محفوظ.

الحفاظ على البيضة جاء بفضل البيئة الرطبة والمشبعة بالطين التي وُجدت فيها.

أُخضعت البيضة لفحص دقيق بالأشعة المقطعية لتحديد حالتها دون كسر القشرة.

تُعرض البيضة الآن في متحف باكس لدراسات إضافية حول أصلها ونوع الطائر.

يعكس الاكتشاف الحياة اليومية في بريطانيا الرومانية ودور الطقوس الرمزية فيها.

اكتشف علماء الآثار في مدينة إيلسبيري البريطانية واحدة من أغرب الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة: بيضة رومانية لا تزال كاملة ومحتفظة بسائلها الداخلي بعد مرور أكثر من 1700 عام على دفنها. هذا الاكتشاف الفريد أثار دهشة الباحثين والمؤرخين على حد سواء، إذ يُعتقد أنها الحالة الوحيدة المعروفة في العالم لبيضة قديمة ما زالت تحتفظ بمحتواها الأصلي.

قاد فريق **أوكسفورد للآثار (Oxford Archaeology)** أعمال التنقيب في مقاطعة **باكينغهامشير** ضمن موقع أثري يعود إلى الحقبة الرومانية، حيث عثر الباحثون على أربع بيضات مدفونة وسط أدوات فخارية وأحذية جلدية وعظام حيوانات. وعندما جرى انتشالها بعناية، انكسرت ثلاث منها مطلقة رائحة كبريتية حادة، بينما ظلت إحداها سليمة تماماً، ليطلق عليها لاحقاً اسم “بيضة إيلسبيري”.

وهذا يربط بين الحذر العلمي الذي أحاط بالاكتشاف وبين المفاجأة التالية التي كشفت أسرار البيضة من الداخل. فقد قررت عالمة المواد **دانا غودبرن-براون** إجراء فحص تصويري دقيق باستخدام الأشعة المقطعية في **جامعة كِنت** لتحليل محتواها الداخلي دون كسر القشرة. وكانت المفاجأة أن الفحص أظهر وجود سائل مكوّن من صفار وبياض البيضة لا يزال في حالته الأصلية تقريباً، وإن كان قد اندمج بفعل الزمن.


بيئة حفظ استثنائية


يُرجّح العلماء أن البيئة الرطبة والمشبعة بالطين التي وُجدت فيها البيضة كانت السبب الرئيس في حفظها المذهل. فقد عُثر عليها داخل حفرة كانت تُستخدم قديماً في عملية التخمير وصناعة الجعة قرب طريق روماني قديم، مما وفر لها بيئة فقيرة بالأكسجين أبعدت عنها تأثير التحلل. وجود **سلة منسوجة** إلى جانب البيضة أشار إلى احتمال استخدامها ضمن طقوس رمزية أو **قرابين دينية** متصلة بالخصوبة والنماء، وهي فرضية يدعمها تعدد الأدوات المحيطة بالموقع.

ومن هذه النقطة، ينتقل الحديث إلى الجهود العلمية المبذولة لحماية هذا الكنز النادر. فقد أُودعت البيضة في **المتحف الطبيعي في لندن** تحت إشراف القيّم **داغلاس راسل**، الخبير في بيض الطيور وأعشاشها، والذي أوضح أن هذا الاكتشاف قد يكون أقدم حالة معروفة لبيضة محفوظة بشكل طبيعي في التاريخ. ويأمل الفريق أن يتمكن من استخراج محتواها من خلال ثقب مجهري يسمح بدراسة مكوناتها دون المساس بسلامة قشرتها الهشة.


اكتشاف يفتح أبواباً جديدة للبحث

ذو صلة


وصفت العالمة غودبرن-براون البيضة بأنها “من أكثر الاكتشافات الأثرية إثارة وصعوبة في مسيرتها المهنية الممتدة لأربعة عقود”. وأكدت أن تحليل مكوناتها يمكن أن يلقي الضوء على أنماط التغذية والتربية في العهد الروماني ببريطانيا. وستُعرض البيضة حالياً في **متحف باكس (Discover Bucks Museum)**، حيث تُجرى دراسات إضافية لمعرفة نوع الطائر الذي وضعها وكيف حافظت الظروف الطبيعية على هذا التوازن الفريد لعناصرها الداخلية.

ختاماً، يقدّم هذا الاكتشاف نافذة مذهلة على **الحياة اليومية في بريطانيا الرومانية**، ويذكّرنا بقدرة الطبيعة على حفظ تفاصيل الماضي بطرق تفوق الخيال العلمي. فمن بيضة صغيرة مغمورة في الوحل خرجت قصة علمية تجمع بين **الأركيولوجيا** و**الكيمياء الحيوية** و**علم المواد**، لتعيد رسم صورة جديدة لعلاقة الإنسان القديم بعاداته ومعتقداته.

ذو صلة