ذكاء اصطناعي

ترامب يرحب بالمواهب… بشرط أن يدفعوا 100 ألف دولار أولًا على تأشيرة H-1B!

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

ترامب يفرض رسوماً جديدة بقيمة 100 ألف دولار على تأشيرات H-1B.

يثير القرار قلق شركات التكنولوجيا التي تعتمد على الكفاءات الأجنبية.

يرى البيت الأبيض أن برنامج التأشيرات تعرض لـ"الاستغلال الواسع.

" يحذر الخبراء من انتقال المواهب إلى دول أخرى مثل كندا وألمانيا.

قرار ترامب يثير الجدل حول حماية الوظائف المحلية وجذب المواهب العالمية.

في خطوة أثارت عاصفة من الجدل داخل الأوساط التقنية والاقتصادية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسم جديد بقيمة 100 ألف دولار على طلبات تأشيرة العمل الشهيرة H-1B، التي تُستخدم عادة لجلب أصحاب المهارات المتخصصة إلى الولايات المتحدة. القرار مثّل قفزة هائلة مقارنة بالرسوم السابقة التي لم تتجاوز 215 دولاراً في مرحلة التسجيل بالقرعة.

وهذا التطور يربط مباشرة بين سياسات الإدارة الأميركية الحالية ومخاوف شركات التكنولوجيا التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الماهرة الأجنبية.


ما هي تأشيرات H-1B ولماذا تهم وادي السيليكون؟

تتيح تأشيرة H-1B للشركات الأميركية توظيف خبراء في مجالات كالهندسة والرياضيات وعلوم الحاسوب والطب، حيث يقتصر العدد السنوي على 65 ألف تأشيرة، مع 20 ألفاً إضافية لحملة الشهادات العليا من الجامعات الأميركية. مدة التأشيرة عادة ثلاث سنوات قابلة للتمديد، وغالباً ما تشكّل بوابة للحصول على البطاقة الخضراء (green card).

لكن حُجة البيت الأبيض أن هذا البرنامج تعرّض لما يسميه “الاستغلال الواسع” وأدى إلى إقصاء العمال الأميركيين. واستشهدت الإدارة ببيانات تُظهر أن نسبة العاملين بتأشيرات H-1B في قطاع تكنولوجيا المعلومات ارتفعت من 32% في 2003 إلى أكثر من 65% اليوم، في وقت تصل فيه بطالة خريجي علوم الحاسوب الجدد إلى أكثر من 6%.

وهذا بدوره يفتح النقاش حول التوازن الصعب بين حماية الوظائف المحلية وجذب المواهب العالمية التي تدفع بعجلة الابتكار.

الرد جاء سريعاً من وادي السيليكون، حيث عبّر رواد التكنولوجيا عن قلقهم من نزيف محتمل في الكفاءات. من بين الأمثلة البارزة، إيلون ماسك الذي دخل أميركا بدايةً عبر تأشيرة H-1B قبل أن يؤسس شركات كبرى مثل تسلا وسبيس إكس. كذلك، مايك كريغر، المؤسس المشارك لإنستغرام، هو مثال آخر على قصص نجاح بدأت من نفس البرنامج.


شركات التكنولوجيا ترفع صوتها

في هذا السياق، حذّرت جمعيات رأس المال المخاطر مثل **National Venture Capital Association** من أنّ تقليص فرص H-1B قد يعيق تأسيس مزيد من الشركات الناشئة المبتكرة. وهذه النقطة تربط بشكل مباشر بين مستقبل الاستثمارات وسياسة الهجرة الأميركية.


انعكاسات عالمية محتملة

الأثر لا يتوقف عند حدود الولايات المتحدة، إذ يخشى كثير من الخبراء أن يؤدي القرار إلى هجرة المواهب نحو دول أكثر ترحيباً مثل كندا وألمانيا وسنغافورة. بالفعل، تناقلت تقارير أن شركات كبرى مثل أمازون وغوغل ومايكروسوفت طلبت من موظفيها العاملين بتأشيرة H-1B تجنّب السفر خارج البلاد في الوقت الحالي، خشية تعقيدات الدخول مجدداً.

وهذا يعكس كيف يمكن لسياسة داخلية أن تعيد رسم خارطة توزيع الابتكار عالمياً.


ثغرات ومجالات استثناء

رغم الصرامة، تركت الإدارة الأميركية الباب موارباً من خلال إمكانية الاستثناءات الفردية إذا تبيّن أن ذلك يصب في "المصلحة الوطنية". كما وجّهت وزارة العمل لإعادة النظر في معايير الأجور حتى لا تتحول هذه التأشيرات إلى وسيلة لخفض رواتب العاملين المحليين.

ذو صلة

وهذا التوجه يمنح قدراً من المرونة لكنه يظل غير كافٍ لطمأنة قطاع التكنولوجيا الذي يعتمد جذرياً على الكفاءات الأجنبية.

إذن، قرار ترامب الأخير يتجاوز كونه مجرد تعديل مالي على تأشيرة H-1B، فهو يضع مستقبل الابتكار الأميركي في مواجهة تحدي كبير: كيف توازن واشنطن بين حماية سوق العمل المحلي والحفاظ على مكانتها كوجهة أولى للمواهب العالمية؟ الجدل مرشح للتصاعد مع اقتراب موسم الانتخابات والانقسام المتجدد حول دور الهجرة في الاقتصاد الأميركي.

ذو صلة