ذكاء اصطناعي

تيلي نوروود: ممثلة بالذكاء الاصطناعي تشعل غضب نجوم هوليوود

مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

أثارت الشخصية الرقمية "تيللي نوروود" جدلًا واسعًا في هوليوود حول مستقبل التمثيل.

نقابة الممثلين الأميركية ترفض الاعتراف بالشخصية الافتراضية، معتبرة ذلك انتهاكًا لحقوق الفنانين.

بعض شركات الإنتاج ترى في الذكاء الاصطناعي وسيلة لتقليل التكاليف وتوسيع الإنتاج.

يجري استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في السينما من فهم جديدة للشاشة الفضية.

تيللي نوروود تفتح الباب لنقاشات حول الحدود الأخلاقية والقانونية لدمج التكنولوجيا في الفن.

من ظهورها على برامج حوارية افتراضية إلى مشاهد حركة مبهرة، جذبت شخصية رقمية تُدعى «تيللي نوروود» الأنظار بسرعة خاطفة. لكن هذه المرة، لم يكن الاهتمام مزيجاً من الإعجاب والتصفيق المعتاد في هوليوود، بل تصاعدت أصوات استهجان قوية من ممثلين حقيقيين ونقابة الممثلين الأميركية. القضية تتجاوز مجرد شخصية افتراضية، إنها تمس مستقبل التمثيل نفسه.

وهذا الجدل يفتح نافذة أوسع على العلاقة المعقدة بين التكنولوجيا والإبداع الفني.


ممثلة بلا حياة… ونقابة بلا تنازلات

أُطلقت «نوروود» على يد شركة أوروبية تحمل اسم «Particle6»، وقد وصفتها الشركة بأنها ممثلة جاهزة لأي دور، تجمع بين قوة المؤثرات البصرية وسهولة الاستخدام. لكن نقابة الممثلين في الولايات المتحدة أكدت بلهجة صارمة أنها لا تعترف بها كممثلة، موضحة أن الشخصية الرقمية بُنيت باستخدام ملايين النماذج الصوتية والأدائية المستقاة من ممثلين حقيقيين من دون إذن أو مقابل مالي. بالنسبة للنقابة، ما يحدث ليس ابتكاراً بريئاً، بل انتهاك لحقوق الفنانين وتهديد لمصدر رزقهم.

ومن هنا، بدأت ردود الفعل تأخذ طابعاً شخصياً، مع تعليقات غاضبة من مشاهير مثل ميليسا بارييرا وتوني كوليت، الذين اعتبروا الأمر تعدياً على جوهر المهنة.


شركات الإنتاج بين الحذر والطموح

رغم موجة الانتقادات، كشفت تصريحات من داخل مجالس إدارات شركات الترفيه أن الموقف ليس موحداً. ففي حين حسمت وكالة المواهب الشهيرة «Gersh» موقفها معلنة رفضها توقيع أي عقد مع «نوروود»، هناك تلميحات بأن وكالات أخرى قد تكون مستعدة لتجربة هذا النموذج الرقمي. الشركات ترى في الذكاء الاصطناعي وسيلة لتقليل التكاليف وتوسيع نطاق الإنتاج، خصوصاً مع قدرته على تقديم أداء متنوع بلا توقف أو شروط إنسانية معقدة.

وهذا الموقف المتباين يكشف حجم الانقسام في هوليوود بين من يخشى ضياع «البشرية» في الأداء الفني، ومن يتطلّع لثورة سينمائية جديدة.


التقنيات تتسلل إلى الشاشة الكبرى

الجدل لا يقف عند حدود شخصية واحدة، فالذكاء الاصطناعي أصبح أداة يستخدمها صناع الأفلام بالفعل. من تقنيات إعادة الشباب لبعض النجوم، إلى دبلجة المسلسلات بلغات مختلفة، مروراً بتحسين المؤثرات البصرية—كلها تطبيقات ترسخ قدم التكنولوجيا داخل غرفة المونتاج الهوليوودية. أكثر من ذلك، أسماء كبيرة مثل جيمس كاميرون انضمت لمجالس إدارات شركات تطوير الذكاء الاصطناعي، بل وحتى أكاديمية الأوسكار سمحت بقبول أفلام استخدمت أدوات رقمية متقدمة ضمن منافساتها.

وهذا يعكس أن أبواب الصناعة بدأت تُفتح تدريجياً، وإن كان بتوجس، أمام هذه الموجة التقنية.


ما بين أداة جديدة وتهديد قديم

في دفاعها، تصر إيلين فان دير فلدن، المؤسسة المطورة لـ«نوروود»، على أن هدفها ليس استبدال الموهبة البشرية، بل توسيع أدوات السرد مثلما فعلت الرسوم المتحركة أو تقنيات CGI سابقاً. لكنها تدرك في الوقت نفسه أن مساحة القلق بين الممثلين حقيقية، وتستوجب حواراً صريحاً حول الحدود الأخلاقية والقانونية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الفن.

ذو صلة

وهذا يقودنا إلى التناقض الأساسي: هل ستظل التكنولوجيا مجرد أداة مساعدة، أم ستسحب البساط من تحت أقدام المبدعين؟

نهاية الحديث، تيللي نوروود ليست مجرد تجربة عابرة أو فيديو ساخر قصير، بل تشكل اختباراً مبكراً لمستقبل التمثيل والشاشة الفضية. بين استعجال بعض الشركات لمواكبة «الموجة الرقمية» وحرص الممثلين على حماية حرفتهم، تبدو هوليوود مقبلة على مفترق طرق. السؤال الذي سيحدد ملامح العقد القادم هو: هل ستبقى القصة الإنسانية في صميم الفن، أم ستتوارى خلف برمجيات قادرة على تقليدها؟

ذو صلة