ثورة الأنظمة الذاتية: ماذا يحدث عندما تتصرف الآلة بدون الحاجة لتدخل البشر!؟

تخيل معي أن تستيقظ في الصباح لتجد سيارتك الذكية تنتظرك في الخارج، جاهزة لتقلك إلى اجتماع عملك دون أن تلمس عجلة القيادة، بينما تعمل طائرات الدرون ذاتياً لتسليم طرودك في الوقت المحدد. لا نتحدث هنا عن أحد أفلام الخيال العلمي، بل عن واقع بات قريباً جداً من حياتنا اليومية. إنها الثورة الجديدة للأنظمة الذاتية التي بدأت فعليًا بتغيير شكل عالمنا واقتصادنا.

اليوم، يمكننا القول إننا نعيش بوابة عصر جديد، تصبح فيه علاقة الإنسان بالآلة أكثر قوةً وتعقيداً. هذه ليست مجرد آلات ذكية تقوم بمهام محددة، بل أنظمة ذاتية قادرة على التعلم المستمر واتخاذ القرارات المعقدة وحدها تماماً دون تدخل البشر. هذا التحول الاستثنائي أطلقت عليه مجموعة بوسطن الاستشارية مؤخراً، في تقريرها الشامل لعام 2023، "أهم وأكبر تحول في التفاعل بين الإنسان والآلة منذ الثورة الصناعية الأولى." ويضيف التقرير أن هذه الأنظمة لا تكتفي فقط بأتمتة المهام المعتادة، ولكنها تبتكر إمكانيات جديدة تماماً، بل وتخلق نماذج أعمال لم تكن ممكنة من قبل.

ولكي ندرك مدى أهمية هذا التحول، دعونا نلقي نظرة على بعض الأرقام التي تكشف حجم وأهمية هذه الأنظمة في حياتنا المستقبلية. وفقاً لأبحاث Precedence، من المتوقع أن يرتفع حجم سوق الأنظمة الذاتية عالمياً من حوالي 760 مليار دولار في عام 2023 إلى أكثر من 3.7 تريليون دولار بحلول عام 2033، ويشمل هذا السوق الروبوتات الذكية والمركبات ذاتية القيادة والطائرات المسيرة وأنظمة المصانع الذكية وغيرها.

ولهذا السبب، لم يعد مستغرباً أن تجد هذه الأنظمة الآن طريقها إلى مختلف القطاعات الرئيسية في العالم، من الرعاية الصحية والتعليم وصناعة السيارات إلى المجالات اللوجستية والزراعية والأمنية. في قطاع الزراعة على سبيل المثال، يمكن للآلات الذاتية الآن زراعة المحاصيل بصورة دقيقة، واستخدام الروبوتات في حصاد الفواكه والخضراوات بطريقة آلية بالكامل. أما في قطاع النقل، فإن سيارات الأجرة الذاتية والقطارات بدون سائق أصبحت حقيقة في مدن كبرى عدة حول العالم.

ربما تتساءل الآن عن التحديات التي ترافق هذا التحول الكبير. في الواقع، ما زالت هناك جملة من التحديات الواجب التعامل معها؛ كالمخاوف الأمنية، وقضايا الخصوصية، وتعقيد التشريعات والتنظيمات الحكومية. إلى جانب ذلك، علينا أن نفكر جدياً في التأثير المحتمل لهذه الأنظمة على الوظائف الإنسانية التقليدية. مع ذلك، الخبراء يرون أن هذه التحديات قابلة للحل، خصوصاً مع تبني الحكومات والشركات لاستراتيجيات مدروسة تركز على تدريب وتأهيل القوى العاملة، مما يسمح بتكيف الجميع مع هذه المرحلة الجديدة.

بكلمات بسيطة، تفتح الأنظمة الذاتية أبواب حقبة تقنية جديدة ترتقي بقدراتنا البشرية إلى مستويات لم نكن نحلم بالوصول إليها من قبل. وهي بالفعل فرصة لتطوير نمط حياتنا ومجتمعنا واقتصادنا بطريقة إيجابية ملموسة.

ويبقى في نهاية المطاف تأكيد أهمية الالتزام بأساليب فعالة لتنظيم هذا القطاع، والاستمرار في تطوير التشريعات، وتشجيع الابتكار البنّاء والمسؤول في هذا المجال، لضمان تحقيق أفضل النتائج للإنسانية ككل. ربما يسهم اختيار مفردات أقوى وتوضيح بعض المفاهيم التقنية في تعزيز وضوح هذا النقاش للقارئ، كما أن إدراج أمثلة محلية أو قصص نجاح من الواقع سيقرّب الصورة أكثر ويجعل من المقال مادة إخبارية أكثر جذباً للقارئ العربي.