ذكاء اصطناعي

جينات النياندرتال تعود للحياة: علماء يحقنون حمضاً نووياً بشرياً عمره 40 ألف عام في فئران

محمد كمال
محمد كمال

3 د

نجح باحثون يابانيون في حقن جينات بشرية عمرها 40 ألف سنة بفئران تجارب.

التجربة أُجريت باستخدام تقنية تعديل جيني تُعرف باسم "كريسبر".

أظهرت الفئران تغييرات هيكلية مشابهة لشكل إنسان النياندرتال القديم.

هذه الطفرة الجينية لا تزال موجودة بنسبة في مجموعات بشرية حالية.

تفتح التجربة الباب لفهم أعمق لتاريخنا الجيني وتأثيره الحالي.

قد يبدو الأمر للوهلة الأولى وكأنه سيناريو من فيلم خيال علمي، إلا أن ما حدث مؤخراً في مختبر علمي في اليابان حقيقي ومذهل. نجح الباحثون في حقن فئران تجارب بجينات بشرية عمرها حوالي 40 ألف سنة، تعود لإنسان النياندرتال، وكانت النتائج مفاجئة بمقاييس العلماء والجمهور على حد سواء!

استخدم علماء من جامعة كيوتو الطبية في اليابان تقنية حديثة تُعرف باسم "كريسبر" – وهي تقنية تعديل جيني تسمح بإجراء تغييرات دقيقة على الحمض النووي للكائنات الحية – لإدخال جين يعود للنياندرتال معروف باسم GLI3 في فأر تجارب. هذا الجين يحتوي على طفرة خاصة تسمى R1537C، كانت موجودة في الحمض النووي لإنسان النياندرتال ولإنسان الدينيسوفان الأقارب القدامى للبشر المعاصرين، وكانت تنتشر منذ نحو 40 ألف سنة.

لكن هدف العلماء لم يكن مجرد دراسة الجين بحد ذاته، بل أرادوا فهم تأثير هذه الطفرة القديمة على الهيكل العظمي للكائنات، خاصة تلك الفوارق الشهيرة بين شكل الهياكل العظمية لإنسان النياندرتال والبشر العصريين، مثل القفص الصدري العريض والجمجمة الكبيرة والحواجب العظمية البارزة التي ميزت تلك السلالة البشرية القديمة.


نتائج مذهلة وتغييرات هيكلية واضحة

بدأت التغييرات تظهر بشكل واضح ومفاجئ على الفئران بعد حقن الجينات القديمة بفترة قصيرة. لاحظ الباحثون أن الفئران التي أضيفت إليها هذه الطفرة تطورت بطريقة غير متوقعة، حيث ظهرت تغيرات هيكلية شبيهة بشكل مدهش بتكوين جسم النياندرتال في الحفريات، منها توسيع في الجمجمة وظهور انحناء في العمود الفقري يشبه مرض "الجنف"، إلى جانب تغيرات أخرى في شكل عظام الصدر والأضلاع، مماثلة لما تميزت به هياكل النياندرتال في سجلات الأحافير القديمة.

المثير في هذه النتائج أن التحولات الظاهرة على هذه الفئران لم ترتبط بأية تشوهات خطيرة – والتي عادةً ما ترتبط بمثل هذه الطفرات الجينية – وإنما كانت تغيرات بسيطة نسبياً ولكن واضحة. مثل هذه النتائج تسلط الضوء على الدور الدقيق والحيوي الذي قد تلعبه جينات النياندرتال في تشكيل الهيئات العظمية لدى الأجناس القديمة وحتى بعض البشر الحاليين.

وهنا تأتي النقطة الأكثر غرابة وإثارة في الموضوع: هذه الطفرة الجينية القديمة لا تزال موجودة بنسبة تتراوح بين 3.7٪ و 7.7٪ لدى مجموعات بشرية في أوروبا اليوم، وإنما تعد نادرة في القارة الإفريقية. هذا يعني أن جينات النياندرتال التي كنا نعتقد أنها اختفت باندثار عصرها، ما تزال موجودة بشكل أو بآخر داخل تراثنا الجيني.

ويفتح ذلك الباب أمام تساؤلات مهمة حول أثر هذه الطفرة على البشر اليوم: هل تؤثر في طريقة تشكيل عظامنا أو تجعلنا أكثر عرضة لبعض الأمراض مثلاً؟ وكيف تفاعلت هذه الطفرة مع الجينات البشرية الحالية عبر مئات السنين من التطور؟

هذا يربطنا بشكل أوسع مع التساؤلات المستقبلية التي يسعى الفريق العلمي للإجابة عليها من خلال مزيد من الدراسات: هل يمكن أن تكون بعض الجينات القديمة، كالتي حملها النياندرتال، جعلتهم أكثر قدرة على البقاء في ظروفهم القاسية؟ وهل من الممكن أن تأثير هذه الجينات لا يزال ممتداً حتى عصرنا الحالي؟

ذو صلة

الخلاصة، أن هذه التجربة الاستثنائية – التي تجمع بين الماضي والحاضر في تركيب الجينات – تقدم رؤية جديدة وعميقة حول تطور البشر القديمين وتأثير هذه الجينات في الفوارق الجسدية التي تميز بين الأنواع البشرية القديمة والحديثة. ربما يؤدي استمرار مثل هذه الدراسات إلى تحول كبير في فهمنا لتاريخنا الجيني، ما يدفعنا إلى النظر بعمق أكبر في نتائج مثل تلك التجارب الرائدة.

وتبقى الجزئية الأهم في صياغة المقال: استخدام مصطلحات واضحة يفهمها القارئ العادي بسهولة، والابتعاد عن المصطلحات التقنية المعقدة كلما أمكن ذلك. قد يكون مفيداً أيضاً استخدام مرادفات أو تشبيهات بسيطة، فمثلاً يمكن وصف تقنية كريسبر بأنها "مقص جيني" يساعد العلماء على تعديل محتوى الحمض النووي بدقة متناهية، بدلاً من استعمال المصطلح التقني فقط. نأمل أن يساعد هذا في تقديم المقال بشكل أكثر وضوحاً وإثارة للاهتمام.

ذو صلة