ذكاء اصطناعي

حزام الكويكبات لم يكن أبديًا… إنه يتآكل منذ 4.6 مليار سنة

محمد كمال
محمد كمال

3 د

لا تزال جاذبية المشتري تمنع تشكّل كوكب جديد في حزام الكويكبات.

الحزام يفقد 0.

0088% من مادته بصفة دورية جراء التصادمات.

20% من الكتل المفقودة تقترب من مدار الأرض كنيازك محتملة.

معدل فقدان الحزام كان أعلى بكثير قبل 3.

5 مليار سنة.

التآكل المستمر يعيد تشكيل فهمنا للتاريخ الجيولوجي للأرض.

لا يزال حزام الكويكبات الذي يدور بين المريخ والمشتري أحد أكثر ألغاز النظام الشمسي إثارة للفضول. فمنذ تشكّل المجموعة الشمسية قبل نحو 4.6 مليار سنة، يفترض العلماء أن المواد في تلك المنطقة كانت كافية لتكوين كوكب جديد. لكن جاذبية المشتري الهائلة أربكت الحسابات، وحولت ما كان قد يصبح جسماً كوكبياً إلى ساحة مليئة بالتصادمات العنيفة، ليبقى اليوم مجرد فتات لا يتجاوز 3% من كتلة القمر موزعة عبر ملايين الكيلومترات.

وهذا السياق التاريخي يربط بين نظرية نشأة النظام الشمسي وبين ما يحدث حالياً لحزام الكويكبات من تغيّرات مستمرة.


جاذبية المشتري ودور التصادمات


لم تكتف قوة المشتري بمنع ولادة كوكب جديد، بل زرعت اضطرابات جاذبية تُسمى «الرنين المداري»، حيث يتفاعل دوران الكويكبات مع أزمنة دوران المشتري وزحل والمريخ. هذه الانقطاعات تخلّ باستقرار المدارات، فتقذف بعض الصخور إلى داخل النظام الشمسي نحو الأرض، أو تبعدها خارجاً لتقترب من مدار المشتري. أما البقية، فتدخل في سلسلة من الاصطدامات التي تطحنها تدريجياً إلى غبار نيزكي يضيء سماءنا كوهج باهت بعد الغروب أو قبل الشروق.

وبهذا يصبح من السهل فهم العلاقة بين الاضطرابات المدارية وبين استمرار فقدان الكتلة من الحزام مع مرور الزمن.


قياسات دقيقة لفقدان الكتلة


فريق من علماء الفلك بقيادة خوليو فرنانديز من جامعة الأوروغواي، توصل إلى قياس معدل التناقص الحالي بدقة لافتة. ووفق حساباتهم، يخسر الحزام نحو 0.0088% من مادته القابلة للتصادم في كل فترة زمنية مدروسة. قد يبدو الرقم ضئيلاً، لكنه يعكس تدفقاً هائلاً من المادة على مدى مليارات السنين. والأهم أن نحو 20% من الكتلة المفقودة يشق طريقه كنيازك تقترب أحياناً من مدار الأرض، بينما 80% يتفتت إلى جسيمات دقيقة تعزز ما يعرف بغبار «الزودياك» المرئي ليلاً.

وهذا يربط بين إحصاءات الفقدان وبين المخاطر المحتملة التي قد تصل إلى كوكبنا كنتيجة طبيعية لهذا التآكل المستمر.


أثر طويل المدى على الأرض والتاريخ الجيولوجي


يشير الباحثون إلى أن الحزام كان أكثر ضخامة بنحو 50% قبل 3.5 مليار سنة، وأن معدل فقدانه كان آنذاك ضعف المعدل الحالي، وهو ما يتماشى مع السجلات الجيولوجية على القمر والأرض التي تُظهر تقلصاً تدريجياً في حدة القصف النيزكي عبر الزمن. هذه النتائج تفسر الطبقات الزجاجية الدقيقة الموجودة في الصخور الأرضية، والتي تعكس مرحلة أكثر عنفاً عندما كانت ارتطامات الكويكبات شائعة ومكثفة.

وبهذا المعطى يتضح كيف أن تراجع الحزام غيّر من ملامح التاريخ الجيولوجي للأرض، وحوّل الفوضى الكونية السابقة إلى واقع أكثر استقراراً نعيشه اليوم.


حزام متغيّر لا ثابت

ذو صلة


عادة ما يُنظر إلى حزام الكويكبات كهيكل ثابت ضمن النظام الشمسي، لكن الدراسة تكشف أنه في الحقيقة نظام ديناميكي يتآكل ببطء منذ مليارات السنين. نحن نشهد الآن نسخة «مخففة» من ذلك الخزان السماوي، لكنه يظل مصدراً أساسياً لفهم أصولنا الكونية، ورؤية واضحة للمخاطر المستقبلية عندما نتحدث عن الأجسام القريبة من الأرض وتهديداتها المحتملة.

وفي خلاصة المشهد، يمكن القول إن حزام الكويكبات ليس مجرد بقايا من الماضي، بل هو سجل حيّ لكيفية تشكّل الكواكب وتغيّرها، ودليل قائم على أن النظام الشمسي ليس متجمداً بل في حركة وتحوّل دائمين.

ذو صلة