ذكاء اصطناعي

حملة كبرى من شركة ميتا ضد الحسابات المقلّدة والمحتوى غير الاصلي على فيسبوك

محمد كمال
محمد كمال

4 د

أطلقت شركة ميتا حملة لمحاربة الحسابات التي تنشر محتوى غير أصيل على فيسبوك.

تمّ إزالة 10 ملايين حساب مزيّف، واتّخاذ تدابير ضد الحسابات "السبامية".

ميتا تفرض عقوبات على الحسابات المكرّرة، بضمنها حرمان مؤقت من الدخل.

شركة ميتا تختبر أنظمة جديدة لضمان نسبة المحتوى ومساعدة المبدعين.

في خطوة جريئة تعكس التزامها بجودة المحتوى، أطلقت شركة ميتا مؤخراً حملة واسعة لمحاربة الحسابات التي تنشر محتوى "غير أصيل" عبر فيسبوك. هذا الإجراء يطال كل من يكرر نشر نصوص أو صور أو فيديوهات ليست من إنتاجه الأصلي، أو يعتمد على إعادة استعمال أعمال الآخرين دون إذن منهم. وقد بلغت الحصيلة الأولية إزالة 10 ملايين حساب ادعت الانتماء لكبار صناع المحتوى، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير ضد نصف مليون حساب ثبتت مشاركتها بأنشطة "سبامية" أو متطفلة.

تأتي هذه الخطوة امتداداً لحملات تطهير أكبر نفذتها ميتا خلال النصف الأول من عام 2025، شملت إزالة أكثر من 100 مليون صفحة مزيفة صممت لزيادة التفاعل الوهمي. يبدو أن إدارة فيسبوك تسعى لفرض مزيد من الانضباط على منصتها، لا سيما بعد أن أشارت بيانات الشركة الداخلية إلى أن 3% تقريباً من مجموع مستخدمي فيسبوك النشطين شهرياً هم في الأصل حسابات وهمية. ورغم أن الإجراءات الصارمة شملت ما يقارب مليار حساب مزيف في فترة وجيزة، فإن القراءات النقدية من المستخدمين، خصوصاً عبر منصات مثل ريديت، تشير إلى أن 10 ملايين حساب لا يشكلون إلا قطرة في بحر الثلاثة مليارات مستخدم نشط يدعيهم فيسبوك شهرياً. هذا الجدل الشعبي يسلط الضوء على التوازن الصعب بين رغبة ميتا في تطهير منصتها والحفاظ على حرية التعبير وحجم الجمهور.


عواقب وخيمة للمحتوى المكرر

ولم تتوقف حملة الشركة عند حدود إخفاء المنشورات المقلدة أو تقليل انتشارها. فقد أقرت ميتا عقوبات مشددة بحق الحسابات التي تكرر مشاركة المحتوى غير الأصيل، من بينها الحرمان المؤقت من برامج تحقيق الدخل كالإعلانات داخل التطبيق وبرامج المكافآت التي سيتم إلغاؤها بحلول نهاية أغسطس 2025. هكذا أصبحت مصادر الدخل بالنسبة لصناع المحتوى أكثر عرضة للمخاطر، في وقت بات فيه كثيرون يعتمدون على فيسبوك كمصدر رئيسي للربح. هذه الإجراءات تهدف إلى تشجيع المبدعين على التفكير خارج الصندوق وإنتاج مواد جديدة وحصرية، الأمر الذي ربما سيعيد رسم خريطة صناعة محتوى التواصل الاجتماعي.

وفي ذات السياق، ولتسهيل الامتثال على صناع المحتوى الجادين، بدأت ميتا بإطلاق أدوات جديدة مثل إحصائيات المنشورات الفردية، وإشعارات التحذير حول محتوى تم الإبلاغ عنه أو تراجعت شعبيته بسبب سياسات المنصة. كذلك، يجري اختبار خاصية فريدة تقوم تلقائياً بإرجاع المشاهدين إلى مصدر الفيديو الأصلي متى تم اكتشاف نسخ متطابقة أو مشابهة بشكل كبير. هذه التحديثات تلعب دور الحامي لصناع الأعمال الأصلية، وتمنحهم نسب المشاهدة والانتشار المستحق بدلاً من سماحها بتصدر "المحتالين الرقميين" للمشهد.

ومن هنا يمكننا أن نرى كيف يرتبط تعزيز مصداقية فيسبوك بقدرة المنصة على حماية جهود المبدعين، وجعل عالم المحتوى الرقمي أكثر عدلاً وتفاعلاً.


أنظمة نسب المحتوى وإجراءات حماية المبدعين

لضمان عدم تعرض منشئي المحتوى الأصيل للهضم أو السرقة، تختبر ميتا فيسبوك نظام نسب جديد يضيف تلقائياً رابطاً يوصل المشاهد إلى منشور صانع المحتوى الأصلي في حال اكتشاف تكرار كامل أو جزئي لمادة ما. بهذه الطريقة، تعترف الشركة بأن إعادة النشر ليست دائماً بنية سيئة—بل قد يكون الأمر أحياناً تعاوناً مشروعاً أو توزيعاً بإذن، والمعروف باسم "التوزيع النقلي". النظام الجديد يقدم حماية مزدوجة: يحمي مصالح المنشئ الأصلي ويمنح المتابعين مؤشراً واضحاً لتمييز المنشورات الأصلية عن تلك المنسوخة، الأمر الذي يعزز الشفافية ويقوي ثقة الجمهور في ما يقرأ ويشاهد.

ولا تقتصر وسائل حماية الحقوق الرقمية على ما طرحته ميتا رسمياً فقط. لكل منشئ محتوى أدوات إضافية يمكن اللجوء لها، منها مطالبة المواقع الناقلة لمحتواه بوضع روابط "أساسية" (كانونيكل)، أو روابط مباشرة لمنشوره الأصلي، الأمر الذي يساعد على الحفاظ على ملكيته الفكرية وتحسين ظهوره لدى محركات البحث. كما يتيح فيسبوك نفسياً للمبدعين مشاركة منشوراتهم بنموذج المسار المضمن أو عبر روابط مباشرة للحفاظ على بوصلتها الإسنادية.

ذو صلة

بهذه التحديثات، يصبح من الأسهل على المنشئين مراقبة منشوراتهم، تتبع مصادر النسخ، والتأكد من حصولهم على التقدير المستحق—ما يضيف نوعاً جديداً من الإنصاف الرقمي إلى بيئة التواصل الاجتماعي.

في النهاية، نلاحظ أن اهتمام ميتا المتزايد بالمحتوى الأصيل ومحاربة النشر العشوائي والمكرر يشكل اتجاهاً محورياً قد يعيد تعريف صناعة الإعلام الاجتماعي بأكملها. ربما تكون نتائج جهود الشركة بحاجة لمفردات أدق وأوسع للحديث عن أصلية المحتوى، أو لتركيز أشد على التعاون بين صناع المحتوى ومنصات النشر. وربما يستفيد القارئ لو ربطنا أكثر بين مغزى هذه السياسات الجديدة ومستقبل الإعلام الرقمي ومعايير حماية الملكية الفكرية. ما هو مؤكد أن عصر النسخ ولّى إلى انحسار، وأن زمن الابتكار يشق طريقه بثقة على فيسبوك ومنصات ميتا الأخرى.

ذو صلة