ذاكرتك في مهب الريح… 4 أيام من الوجبات السريعة تكفي لتدميرها!

3 د
تناول الوجبات السريعة الغنية بالدهون يؤثر سلبًا على ذاكرة الدماغ خلال أيام قليلة.
الدراسة توضح دور البروتين “PKM2” في اضطراب استخدام الجلوكوز بالدماغ.
إعادة تزويد الدماغ بالجلوكوز يمكن أن يعيد الوظائف الإدراكية لطبيعتها.
تناول الكربوهيدرات بكميات معتدلة يفيد الأداء الرياضي والتركيز.
السيطرة على الجلوكوز قد تقي من أمراض عصبية مثل الخرف والزهايمر.
تخيّل أن أيامًا قليلة فقط من تناول الوجبات السريعة الغنية بالدهون المشبعة قد تكفي لتغيير طريقة عمل دماغك، تحديدًا في المنطقة المسؤولة عن الذاكرة. هذا ما كشفته دراسة حديثة لجامعة نورث كارولاينا الأمريكية، نُشرت في مجلة “Neuron”، لتسلّط الضوء على العلاقة المعقدة بين الغذاء وصحة الدماغ.
تشير نتائج الفريق البحثي إلى أن النظام الغذائي الغني بالدهون يؤدي بسرعة إلى تعطّل مجموعة محدّدة من الخلايا العصبية في الحُصين، تُدعى “CCK interneurons”، فتفقد قدرتها على الاستفادة من الجلوكوز، وهو الوقود الأساسي للمخ. واللافت أنّ هذا الاضطراب لا يحتاج سوى لبضعة أيام من تناول وجبات على الطريقة الغربية مثل البرغر والبطاطس المقلية، ليظهر أثره في ضعف معالجة الذاكرة.
وهنا يبرز الرابط مع النقاش العالمي الدائم حول مخاطر السمنة والأنظمة الغذائية السريعة.
كيف يحدث الخلل داخل الدماغ؟
شرح الباحثون أن البروتين “PKM2”، المسؤول عن تنظيم استهلاك الطاقة في الخلايا العصبية، يلعب دورًا محوريًا في هذه العملية. حين تقل قدرة الدماغ على استخدام الجلوكوز، تزداد نشاطية تلك الخلايا بشكل غير طبيعي، فيتأثر توازن الشبكات العصبية المرتبطة بالذاكرة. وبذلك يتحول النظام الغذائي إلى عامل خطر مباشر قد يعزز فرص الإصابة بأمراض عصبية مثل الخرف والزهايمر.
ومن هنا يصبح الحديث عن التغذية الصحية أكثر من مجرد نصيحة عامة، بل خط دفاع أساسي عن سلامة الذاكرة.
فرص التدخل المبكر
ما يبعث على التفاؤل هو أن الباحثين وجدوا حلولًا محتملة. فقد أظهروا أن إعادة تزويد الدماغ بالجلوكوز يساهم في تهدئة الخلايا المفرطة النشاط ويعيد الوظائف الإدراكية لطبيعتها، على الأقل في التجارب التي أُجريت على الفئران. كما اكتشفوا أن أنماط غذائية مثل الصيام المتقطع بعد فترة من الحمية الدهنية نجحت في تحسين نشاط خلايا الحُصين وإحياء القدرة على التذكر.
وهذا يربط بين أهمية تعديل السلوك الغذائي وبين الاستراتيجيات الطبية المستقبلية للوقاية من التنكس العصبي المرتبط بالسمنة واضطرابات الأيض.
تأثيرات تمتد إلى عالم الرياضة
لا تقتصر أهمية الجلوكوز على الوقاية من الأمراض العصبية، بل تمتدّ لتفسير ظواهر في الأداء الرياضي. فعدد من الرياضيين المحترفين، مثل راكبي الدراجات، رفعوا كميات الكربوهيدرات التي يستهلكونها أثناء المنافسة إلى حدود 130 غرامًا في الساعة. هذا الارتفاع في توافر الجلوكوز لم يؤثر فقط على قدرة التحمل البدنية بل انعكس على مستويات التركيز واليقظة الذهنية خلال السباقات.
وبالتالي، فإن العلاقة بين السكر والدماغ ليست سوداء بالكامل، بل تعتمد على التوازن والسياق.
في الختام، تسلط هذه الدراسة الضوء على هشاشة دوائر الذاكرة أمام تأثيرات النظام الغذائي قصير المدى، لكنها في الوقت نفسه تفتح باب الأمل لإمكانيات التدخل بالعادات الغذائية أو العلاجات الدوائية. ومع استمرار الأبحاث، قد نجد يومًا ما أن السيطرة على الجلوكوز ليست مجرد وسيلة لتحسين المزاج أو الأداء الرياضي، بل استراتيجية تجنب أجيال كاملة خطر الخرف واضطراب الذاكرة.









