روبوت خارق يحاكي الطبيعة… ويمشي فوق الماء كما لو كان كائناً حيًا

3 د
كشف علماء عن روبوت "رهاغوبوت" يمشي على الماء، مستوحى من حشرة "رهاغوفيليا".
تعتمد الحشرة على أرجل مروحية توزع الوزن وتمنح دَفعة قوية عبر الماء.
صُمم الروبوت باستخدام تكنولوجيا تحاكي تركيبة الحشرة وتجهز بزوايا حسكيات رفيعة.
تفوق "رهاغوبوت" على الروبوتات التقليدية، ما يزيد من آفاق استخداماته البحثية والإنقاذية.
هل تخيلت يوماً أن ترى روبوتًا يخطو فوق الماء دون أن يغرق؟ قد يبدو هذا المشهد أقرب إلى الخيال العلمي، إلا أن فريقًا من العلماء الأمريكيين كشف مؤخرًا عن إنجاز جديد في عالم الروبوتات، مستوحى بالكامل من أسرار الحشرات، وتحديدًا حشرة "رهاغوفيليا" القادرة بفعل تكيفها البيولوجي المذهل على المشي فوق سطح الماء بكل سهولة.
يخبرنا هذا الاكتشاف المثير أن للطبيعة حلولاً لمشكلات لطالما بدت مستحيلة، وقد باتت هذه الحلول، اليوم، مفتاحًا لتقدم هندسة الروبوتات والذكاء الصناعي.
كيف تمشي الحشرات فوق الماء؟ سر الأرجل المروحية
تعتمد حشرة "رهاغوفيليا" أو ما يسمّى بـ"حشرة التموج"، على تكوين فريد في أرجلها الوسطى. هذه الأرجل مزوّدة بزوائد شبيهة بالمراوح، تفتح تلقائيًا مع كل حركة عبر سطح الماء وتغلق في اللحظة التي يرتفع فيها الساق، وذلك بسرعات تفوق غمضة العين بعشر مرات. هذا التكيّف الفريد يسمح للحشرة بتوزيع وزنها على مساحة أكبر من السطح ويمنحها دَفعة قوية، كما أن هذه الزوائد صُممت لتكون صلبة عندما تكون مفرودة ومرنة لحظة الانقباض، مما يجعل التنقل سهلاً حتى عند مواجهة تيارات الماء أو الحواجز الصغيرة.
وهذا يوضح أن سر البراعة في حركة الحشرة لا يعود فقط إلى بنية أرجلها، بل إلى طريقة تفاعل هذه الزوائد مع قوى الشد السطحي للماء، ما يسمح لها بالإسراع، الانعطاف السريع، والقيام بمناورات فريدة.
مستوحى من الطبيعة: كيف صُنِعَ روبوت يمشي على الماء؟
إدراك العلماء لهذا السر البيولوجي دفع فريق البروفيسور فيكتور أورتيغا-خيمينيز في جامعة كاليفورنيا إلى إعادة تخليق هذه البنية معتمدين على تكنولوجيا متطورة. عبر دراسة الزوائد المروحية عن قرب باستخدام مجهر إلكتروني، اكتشف الفريق أن التركيب الدقيق يتكون من "حسكيات" رفيعة تتشابك كالمروحة. استُنسخ هذا الهيكل بدقة في أرجل روبوت صغير أطلق عليه اسم "رهاغوبوت". عند ملامسة الأرجل للماء، تنتشر الزوائد فورًا، وتغلق مع الخروج بنفس آلية الحشرة.
من اللافت للنظر أن الروبوت لا يحتاج لمصدر طاقة إضافي لفتح أو غلق هذه المراوح، إذ تعمل بشكل تلقائي حسب تدفق الماء وحركة الأرجل، مستغلة التوتر السطحي للماء ومرونة المادة.
رهاغوبوت يتفوق: اختبارات وتحركات مذهلة
استكمالاً لهذا الإنجاز، أجرى العلماء مقارنة مباشرة بين "رهاغوبوت" وروبوت آخر اعتمد على أساليب دفع تقليدية. المفاجأة أن رهاغوبوت تفوق بوضوح، إذ تحرك لمسافات أطول، وانعطف بسرعة أكبر، وحقق استجابة أفضل لكل انحناءة وتغيير في الاتجاه. التقنية الجديدة زادت من الدفع للأمام وسرّعت من عمليات التوقّف. ليس هذا فقط، بل خفّضت بوضوح الجهد المطلوب لرفع الساقين من سطح الماء، ما يحسن من كفاءة الطاقة ويطيل من عمر عمل الروبوت الصغير.
وهذا الإنجاز يفتح أمام العلماء آفاقاً واسعة، نحو تطوير أجهزة استطلاع بيئية قادرة على مراقبة الأنهار والبحيرات، وربما روبوتات إنقاذ تعمل في الفيضانات والعواصف، وحتى استكشاف محيطات بعيدة مثل بحار الميثان في قمر تيتان الذي يدور حول زحل.
من الواضح أن مزج الحلول الطبيعية بالهندسة الحديثة يمنح الروبوتات إمكانات جديدة وغير مسبوقة.
تلخيصًا، يُظهر مشروع "رهاغوبوت" كيف يمكن للتقليد الدقيق للحلول البيولوجية أن يدفع حدود الابتكار التكنولوجي. الأمل اليوم أن يكون هذا الروبوت، بهيئته الجديدة وقوته المستمدة من أسرار الطبيعة، حجر الأساس لجيل قادم من الأجهزة الذكية المتنقلة فوق الماء، تعيد تعريف ما هو ممكن في علم الروبوتات والاستكشاف العلمي.









