ذكاء اصطناعي

زوابع رملية مشحونة كهربائيًا: اكتشاف مثير على سطح المريخ يُنشئ حقولاً كهربائية غامضة

محمد كمال
محمد كمال

3 د

التقطت مركبة "بيرسيفيرانس" صوتًا غامضًا على سطح المريخ شبيهًا بزوابع رملية مشحونة.

كشف الباحثون عن "الزوابع الرملية" التي تولّد حقولًا كهربائية وشرارات تشبه البرق.

نجحت أجهزة المركبة في تسجيل تفريغات كهربائية محتملة تصل قوتها إلى 25 ألف فولط.

يثير اكتشاف الشحنة الكهربائية تساؤلات حول تأثيرها على مهام استكشاف المريخ المستقبلية.

يُمثّل الاكتشاف خطوة هامة لفهم بيئة المريخ ويطرح المزيد من الفرص للدراسات المستقبلية.

تخيّل أنك في رحلة استكشافية إلى كوكب المريخ، الهدوء يعم المكان، وفجأة تلتقط أجهزتك صوتًا حادًا غامضًا، مشابهًا لصوت عاصفة رعدية صغيرة؛ حسنًا، هذا بالضبط ما حدث لمركبة "بيرسيفيرانس" التابعة لناسا، والتي قد تكون سجلت للتو أول دليل على وجود زوابع رملية مشحونة كهربائيًا على سطح الكوكب الأحمر.

للوهلة الأولى، ربما يبدو الأمر مثل مشهد من أفلام الخيال العلمي، ولكنه في الواقع أحدث اكتشاف توصل إليه علماء ناسا وكُشف عنه في مؤتمر علوم القمر والكواكب لعام 2025. ووفقًا لما ذكره الباحثون، فإن هذه الزوابع الرملية لا تكتفي فقط برفع الغبار، بل قد تولّد حقولًا كهربائية، وربما أيضًا تأثيرات تشبه البرق في الغلاف الجوي الصغير للمريخ.


كيف تتكون هذه الظاهرة الغامضة؟

تمثل الزوابع الرملية ظاهرة معروفة على الأرض، حيث تنتج عن احتكاك جزيئات الرمل الصغيرة والكبيرة بعضها بالبعض الآخر، ما يؤدي إلى نشوء عملية تُسمى "الشحن التلامسي" أو "الشحن الاحتكاكي". هذه العملية تجعل الجزيئات الأكبر حجمًا تحمل شحنة إيجابية، بينما تحصل الجزيئات الصغيرة على شحنة سالبة، وعندما تنفصل هذه الجسيمات تنتج حقلًا كهربائيًا يمكن في بعض الأحيان أن يكوّن شرارات صغيرة. لكن هل يحدث هذا بنفس الطريقة على سطح المريخ أيضًا؟ هذا تحديدًا ما استهدفت مركبة "بيرسيفيرانس" اكتشافه.

وما يجعل اكتشاف المركبة هذه المرة استثنائيًا، هو أن كثافة الغلاف الجوي في كوكب المريخ تعادل أقل من 1% من كثافة الغلاف الجوي لكوكب الأرض، ما يجعل العلماء يتساءلون: كيف يمكن أن تنتج في مثل هذه البيئة الرقيقة عمليات شحن وتفريغ كهربائية؟ مع ذلك، فقد نجحت أجهزة المركبة، وتحديدًا ميكروفون "السوبر كام"، في رصد إشارة صوتية واضحة مرتبطة بتفريغات كهربائية محتملة خلال عبور زوبعة رملية فوقها في اليوم المريخي رقم 215.

ويمثل الصوت المُسجّل إشارة فريدة وحادة ليست مجرد ضوضاء عادية ناتجة من ارتطام الغبار، بل يُشتبه بقوة أنها ناتجة عن تفريغات كهربائية لقوى كهربائية عالية تقدر بنحو 25 ألف فولط لكل متر، وهي قريبة من مستوى مقاومة الغلاف الجوي المريخي، وتعني ببساطة أنها قد تولّد برقًا مصغرًا.

ورغم أن الظاهرة قد تبدو بسيطة، فإن العلماء يعتقدون أن هذه الزوابع والكهرباء غير المرئية التي تولّدها ربما تشكّل تحديًا كبيرًا لمهام استكشاف المريخ المستقبلية، فقد يؤدي تراكم هذه الشحنات الكهربائية إلى مشاكل تقنية، من بينها تأثّر المعدات والاجهزة التي ترسلها ناسا على الكوكب الأحمر في المستقبل، وربما تحتاج الوكالة إلى ابتكار تدابير وقائية متقدمة ضد مثل هذه الظواهر الطبيعية العنيفة.

اكتشاف بيرسيفيرانس لا يقف عند مجرد تسجيل ظاهرة فريدة، بل يفتح الباب أمام مزيد من الدراسات لفهم تكوين وتأثير هذه الحقول الكهربائية على سطح الكواكب الأخرى. هل يمكن أن تشكل هذه الزوابع الكهربائية تهديدات أكبر مستقبلاً أم أنها قد تساعد أجيالًا قادمة من الرحلات الفضائية في فهم بيئة الكوكب وصيانته؟

ذو صلة

يبقى الأمر مفتوحًا لمزيد من البحث والاستكشاف، وقد نرى قريبًا دراسات إضافية تهدف لدراسة سلوك هذه الزوابع وتحديد الظروف الدقيقة التي تؤدي إلى توليد مثل هذه التفريغات الكهربائية، وهو أمر قد يكون حاسمًا لضمان سلامة رواد الفضاء والمعدات في بعثات المريخ المقبلة.

وفي الخلاصة، فإن اكتشاف ناسا يقودنا خطوة هامة نحو فهم بيئة المريخ الغامضة. ومن الجدير بالذكر، أنه ربما يمكننا في المقالات القادمة إضافة تفاصيل أكثر تحديدًا حول طبيعة الأجهزة المستخدمة وكيفية قياسها وتحليلها لهذه الظاهرة، لزيادة وضوح الصورة وتقديم تجربة قراءة أعمق وأكثر متعة.

ذو صلة