ذكاء اصطناعي

شرائح إنفيديا تتحول إلى ساحة صراع.. أول رد أميركي بعد قرار الصين بالحظر

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

بكين تحظر شراء بعض منتجات إنفيديا، ملفتة النقاش الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين.

الرئيس التنفيذي لإنفيديا يعبر عن استيائه ويدعو إلى التساؤل حول تعاون اقتصادي محدود.

الولايات المتحدة تواجه الصين بتصريحات صارمة حول التجارة والمزيد من القيود.

إنفيديا تستثمر 15 مليار دولار في بريطانيا لتنويع الأسواق بعيدًا عن الصين.

لم تمضِ سوى أيام قليلة على إعلان بكين حظر شراء بعض منتجات شركة إنفيديا حتى عمّ الصدى أروقة السياسة الأميركية. الحدث يعكس من جديد كيف أصبحت التكنولوجيا المتقدمة، خصوصًا شرائح الذكاء الاصطناعي، محورًا أساسياً في التنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين. ما بدا في البداية توجيهاً إدارياً داخلياً سريعاً، تحول إلى عنوان رئيسي للنقاش حول مستقبل الابتكار وسلاسل التوريد العالمية.


خيبة أمل قاسية في سيليكون فالي

الرئيس التنفيذي لإنفيديا، جنسن هوانغ، لم يخف استياءه من الخطوة الصينية. الرجل الذي قاد شركته لتصبح رائدة عالمياً في مجال الشرائح ومعالجات الرسوميات، وصف الأمر وكأنه “رحلة أفعوانية” صعوداً وهبوطاً مع السوق الآسيوي. وأوضح هوانغ أن إنفيديا لن تدرج الصين في توقعاتها المالية المقبلة، لأن مصير أعمالها هناك مرهون بالحوار السياسي بين الحكومتين. هذا التصريح يضع المستثمرين أمام واقع جديد: التكنولوجيا لم تعد محكومة فقط بمعايير السوق، بل أصبحت متشابكة مع السياسات الاستراتيجية.

وهذا الربط المباشر بين الصناعة والقرار السياسي يفتح الباب أمام تساؤلات أكبر حول حدود التعاون الاقتصادي في ظل تصاعد الحساسيات بين بكين وواشنطن.


واشنطن ترفع الصوت

الرد الأميركي السياسي جاء سريعاً، حيث وصف رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، الصين بأنها “خصم مباشر” واتهمها بسرقة الملكية الفكرية وممارسة تجارة غير عادلة. التصريحات كشفت عن لهجة متشددة، خصوصاً أن الولايات المتحدة نفسها فرضت في وقت سابق قيوداً صارمة على تصدير معالجات متقدمة مثل H20 إلى السوق الصيني بدعوى حماية الأمن القومي. اليوم، يبدو المشهد وكأن كل طرف يسعى لتوظيف التفوق التكنولوجي كسلاح نفوذ اقتصادي.

وبين هذا الشد والجذب، تجد إنفيديا نفسها عالقة بين ضغوط البيت الأبيض ومتطلبات السوق الصيني، أحد أكبر أسواق التكنولوجيا الاستهلاكية في العالم.


سباق استثمارات بديلة

ورغم العاصفة، لم تجلس الشركة مكتوفة الأيدي. فقد أعلنت استثماراً ضخماً في بريطانيا بقيمة 15 مليار دولار لتطوير بنية تحتية للذكاء الاصطناعي، إلى جانب مايكروسوفت وغوغل اللتين عززتا وجودهما هناك. الخطوة تحمل رسالة واضحة: إذا أغلقت الصين أبوابها، فإن أسواقاً أخرى في أوروبا والشرق الأوسط قد تكون ساحات توسع بديلة. بالنسبة للشركة، تنويع الجغرافيا الاستثمارية ليس خياراً فقط بل ضرورة للبقاء في صدارة الثورة الرقمية.

ذو صلة

وهذا التوجه يوحي بأن معركة الشرائح الإلكترونية لم تعد مجرد قضية شركتين أو حكومتين، بل جزء من إعادة تشكيل كامل لخريطة الابتكار العالمية.

القرار الصيني بحظر شرائح إنفيديا سلّط الضوء مجدداً على هشاشة العلاقات التجارية بين العملاقين الاقتصاديين. وبين استياء المدير التنفيذي للشركة وردود الفعل الحادة من الكونغرس الأميركي، يتضح أن التكنولوجيا أصبحت منطقة نزاع بامتياز. وفي حين تتحرك إنفيديا لترسيخ حضورها في أسواق أخرى مثل بريطانيا، يبقى السؤال الأهم معلقاً: هل سيؤدي التصعيد المتبادل إلى تسريع سباق عالمي نحو استقلالية تكنولوجية، أم سيدفع الطرفين عاجلاً للتفاوض على خطوط حمراء جديدة؟

ذو صلة