ذكاء اصطناعي

شركة نرويجية تحوّل رمال الصحراء إلى تربة خصبة خلال سبع ساعات فقط

محمد كمال
محمد كمال

3 د

حولت شركة نرويجية رمال الصحراء إلى تربة خصبة باستخدام تقنية "الطين السائل النانوي".

التقنية تعمل على تحسين احتفاظ التربة بالرطوبة والسماح بنمو النباتات.

تكلفة التطبيق تعتبر مرتفعة لكن التوسع في التصنيع قد يخفض من التكاليف.

تسعى الشركة لتوسيع ابتكارها عالميًا وتحقيق تأثير إيجابي على الأمن الغذائي.

تحتاج التربة المعالجة إلى إعادة تطبيق التقنية كل خمس سنوات للحفاظ على خصوبتها.

قبل سنوات قليلة فقط، لم يكن أحد ليتخيل أن الرمال القاحلة، رمز التصحر وصعوبة الزراعة، يمكن أن تصبح خلال ساعات أرضاً صالحة لزراعة المحاصيل، لكن شركة نرويجية تحمل اسم "ديزيرت كونترول" جعلت من هذا الحلم حقيقة بفضل تقنيتها الثورية “الطين السائل النانوي”، أو ما يعرف بـ Liquid NanoClay (LNC).


في قلب الابتكار: كيف يحول “الطين النانوي” الرمال إلى تربة؟

لطالما عرف المزارعون أن الطين يلعب دوراً محورياً في الحفاظ على رطوبة الأرض ومنحها القدرة على تخزين المياه والمغذيات. هذا هو سر خصوبة دلتا النيل، حيث تمتزج الطبقات الطينية مع التربة على مدى قرون. لكن توزيع الطين الثقيل على أراضٍ صحراوية ظلت دوماً مهمة شبه مستحيلة وصعبة التنفيذ. وهنا تحديداً تميزت شركة Desert Control، إذ استطاع الفريق العلمي بقيادة المخترع النرويجي كريستيان أولسن تقليص جزيئات الطين لدرجة أن تحوله إلى محلول مائي رقيق جداً، أقرب ما يكون إلى الماء، ما مكنهم من رش الرمال بهذا المحلول العجيب وجعل الطبقة العليا منها تمتص الطين وترتبط بجزيئاته.

وهذا يفسر سر نجاح الأسلوب، حيث يتغلغل الطين النانوي إلى عمق عشرات السنتيمترات، فيغلف حبيبات الرمل المتناثرة ويخلق تربة تستطيع الاحتفاظ بالرطوبة لمدد طويلة، وتسمح بإنبات النباتات ونمو الأشجار في مناطق كان من المستحيل زراعتها سابقاً.


تحديات التكلفة ومساعي توسع الابتكار عالمياً

لكن مع هذا التقدم اللافت، تظهر عقبات لا يمكن التغاضي عنها، وأبرزها ارتفاع تكلفة هذه التقنية. فبحسب تقارير صحفية، يصل سعر معالجة المتر المربع الواحد من الرمال إلى ما بين دولارين وخمسة دولارات، وهو مبلغ كبير خاصة إذا ما تحدثنا عن مساحات شاسعة بحجم صحارى العالم العربي أو الدول الفقيرة. تعي شركة Desert Control أهمية هذه العقبة وتعمل حالياً على تطوير وحدات إنتاج بالحجم الصناعي، لأن التوسع في التصنيع سيخفض الأسعار تدريجياً ويضمن وصول التقنيات للدول محدودة الدخل التي تعاني من التصحر والجفاف.

ومن هذا المنطلق، تستكشف الشركة السوق الإماراتي الغني، حيث يمثل استيراد 90% من الأغذية تحدياً أمنياً واستراتيجياً في بيئة الصحراء القاسية. نجاح تجربة “الطين النانوي” في الإمارات يمثل بوابة محتملة لتوسيع التقنية عبر مناطق أخرى بحاجة لإنقاذ أراضيها الزراعية.


آفاق مستقبلية وتأثيرات متوقعة على الأمن الغذائي العالمي

تكمن أهمية هذا الابتكار في قدرة Desert Control على التصدي لمعضلة التصحر التي تتسبب في فقدان 12 مليون هكتار من الأراضي الخصبة سنوياً حول العالم. إذا ما تم تعميم هذه التكنولوجيا وزيادة قدرتها على الإنتاج وخفض كلفتها، فإن الأثر سيكون فعلاً بمثابة معجزة حديثة في ميدان الأمن الغذائي والتنمية الزراعية. مدير عام المركز الدولي للزراعة الملحية في دبي أشاد بالتقنية مؤكدًا أن جعلها في متناول الدول الأقل دخلاً سيغيّر مستقبل الأمن الغذائي ومصير ملايين البشر الذين يعتمدون على محاصيلهم للبقاء.

هذه النقطة تحدد هدف الشركة في المدى البعيد، وتسعى من خلالها لجعل زراعة الصحراء واقعاً ممكناً يحسن من قدرات الدول على إنتاج غذائها محلياً ويمكّن المجتمعات من استثمار أراضيها المنسية.


ديمومة التأثير والحاجة للمتابعة

لكن حتى هذه المعجزة لها عمر افتراضي، إذ تدوم مفاعيل الطين النانوي على الرمال ما يقارب خمس سنوات، وبعدها يحتاج المزارعون لإعادة تطبيق التقنية لضمان استمرار خصوبة الأرض. وهو أمر يمكن تسهيله إذا ما انتشرت وحدات الإنتاج وزادت وتيرة التصنيع محلياً.

ذو صلة

وهنا، يجدر لفت النظر إلى فرص التحسين، مثل تعميق الشرح حول الفارق بين خصوبة التربة الناتجة عن هذه التقنية والخصوبة الطبيعية للتربة الغنية السوداء، أو الإشارة لضرورة اعتماد سياسات دعم حكومي لتسريع دخول التقنية للأسواق الأشد احتياجاً. كما أن إعادة استخدام كلمة “التصحر” أو “الابتكار” بطريقة مدروسة يضفي تماسكاً أكبر للنص، ويربط بين رؤية الشركات الناشئة والمصالح البيئية على المدى الطويل.

في النهاية، تفتح Desert Control نافذة أمل جديدة أمام المجتمعات الصحراوية، وتجعل حلم الزراعة المستدامة وسط الرمال واقعاً ملموساً، شريطة أن تتضافر جهود الابتكار مع سياسات الدعم الحكومي وتوعية المزارعين لتحقيق الأثر الأكبر وتحويل الصحراء إلى جنان نامية.

ذو صلة