ذكاء اصطناعي

طبيعة أم حضارة مفقودة؟ العثور على كرات حجرية ضخمة لا تفسير لها بعد!

محمد كمال
محمد كمال

2 د

تُعتبر كرات كوستاريكا الحجرية الغامضة إبداعًا حضاريًا سابقًا لعصره.

تم نحتها بين القرنين الثامن والخامس عشر من الميلاد بواسطة شعوب ما قبل كولومبوس.

تثير دقة انحناء الكرات تساؤلات حول التقنيات المستخدمة في نحتها بشكل مثالي.

يضم موقع "فينكا 6" هذه الكرات، وهو متحف أثري مفتوح يشرح الحضارة والمجتمع القديم.

تجمع النظريات الشعبية بين الأسطورة والعلم لفهم الدلالات الفكرية والتقنية لتلك الشعوب.

في أعماق غابات كوستاريكا المطيرة، وتحديداً في شبه جزيرة أوسا، تقبع عشرات الكرات الحجرية الضخمة التي حيّرت علماء الآثار لعقود طويلة. هذه الصخور المتقنة الاستدارة، التي يصل وزن بعضها إلى أكثر من 16 طناً، تبدو كأنها نتاج حضارة متطورة سبقت زمنها، وهو ما جعلها موضع جدل علمي واسع منذ اكتشافها في ثلاثينيات القرن الماضي.

وتشير الدراسات الأثرية إلى أن هذه الكرات الغامضة نحتت في فترة بين القرنين الثامن والخامس عشر للميلاد، على يد شعوب ما قبل كولومبوس التي سكنت جنوب كوستاريكا. غير أن الحيرة لا تزال قائمة حول الغرض الحقيقي من صناعتها، وهل كانت رموزاً للمكانة والسلطة أم علامات فلكية تحدد مواقع الشعائر.

وهذا يقود إلى التساؤل عن أسرار الدقة الهندسية التي ظهرت في تلك الحقبة البعيدة.


أسرار الروعة الهندسية

من الناحية التقنية، تتّسم الكرات بدرجة انحناء شبه مثالية يصعب تحقيقها حتى بأدوات حديثة، ما دفع بعض المهتمين إلى تبني نظريات أسطورية تربطها بالقارة المفقودة أتلانتس أو بزوار من خارج الأرض. ومع ذلك، يرى معظم الباحثين أن نحتها تم بأدوات حجرية وغرانيتية محلية، وأن الحرفيين القدماء استخدموا تقنيات التنعيم عبر النار والماء والرمل حتى الوصول إلى الشكل النهائي المتوازن.

وهذا يربط بين المهارات القديمة وثقافة الرموز الكونية التي عُرفت عند شعوب أمريكا الوسطى.


موقع "فينكا 6" شاهد العصر

يُعد موقع "فينكا 6" من أبرز المواقع التي تحوي هذه التشكيلات الحجرية. تم تحويله اليوم إلى حديقة ومتحف أثري مفتوح يعرض عشرات من الكرات في مواقعها الأصلية داخل حقول خضراء شاسعة. ويقدم المتحف شروحات عن الحضارة التي أنتجت هذه المعجزة الفنية وعن علاقتها بالطقوس الزراعية والدينية في تلك المنطقة. وتعمل السلطات بالتعاون مع منظمة اليونسكو على إدراج الموقع ضمن قائمة التراث العالمي تقديراً لقيمته التاريخية والإنسانية.

هذا الاهتمام المتجدد أعاد تسليط الضوء على الترابط بين الفن القديم والعلوم الطبيعية آنذاك.


بين الأسطورة والعلم

وفي حين تستمر بعض النظريات الشعبية في نسب هذه الكرات إلى قوى خارقة أو حضارات غارقة، يتمسك العلماء بقراءات علمية تستند إلى الحفريات والتحليل الجيولوجي، معتبرين أن أهميتها تكمن في الدلالة على نضوج فكري وتقني لدى شعوب ما قبل كولومبوس. فهي تعكس فهماً عميقاً للهندسة والفلك، وربما الارتباط بدورات الشمس والقمر التي كانت تحدد مواسم الزراعة والاحتفالات الدينية.

ذو صلة

خاتمة

ورغم مرور ما يقارب القرن على اكتشافها، لا تزال كرات كوستاريكا الحجرية تمثل لغزاً جميلًا يجمع بين الفن والعلم والأسطورة. إنها تذكير بأن تاريخ البشرية مليء بالإبداع الغامض، وأن ركام الحجارة قد يخفي وراءه حضارة لا تقل سحراً عن خيالنا الحديث.

ذو صلة