ذكاء اصطناعي

علاج جيني يصدم العالم… إبطاء مرض هنتنغتون بنسبة 75% لأول مرة!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

علاج جيني يبطئ تقدم داء هنتنغتون بنسبة 75%، ويعتبر إنجازًا طبيًا كبيرًا.

يعتمد العلاج على توصيل شيفرة جينية باستخدام فيروس معدل لتحفيز إنتاج microRNA.

النتائج أظهرت تقليل موت الخلايا العصبية وتباطؤ تطور الأعراض لدى المرضى.

الشركة تسعى للحصول على موافقة هيئة الغذاء والدواء لبدء توزيع العلاج.

في خطوة وُصفت بأنها أحد أبرز الإنجازات الطبية خلال العقد الأخير، أعلن باحثون في بريطانيا عن نتائج تجربة سريرية أظهرت أن علاجاً جينياً مبتكراً تمكن من إبطاء تطور أعراض داء هنتنغتون بنسبة وصلت إلى 75%. المرض المعروف بكونه وراثياً قاتلاً ظل لعقود عصياً على أي علاج حقيقي، لكن البيانات الجديدة تفتح باباً غير مسبوق للأمل.

بدأت شركة "يونيكيور" بنشر نتائج المرحلة الأولى والثانية من تجربتها التي تحمل الرمز AMT-130، بالتعاون مع علماء من جامعة كوليدج لندن. وبحسب الفريق العلمي، لم يقتصر الأمر على تباطؤ مسار المرض لدى المشاركين بل ظهرت مؤشرات واضحة على تقليل موت الخلايا العصبية في الدماغ، وهو العامل الأبرز في تدهور المرضى عادةً. هذه النتائج، رغم أنها أولية، تُعد بمثابة إثبات مبدئي لإمكانية تغيير مسار الداء بدل الاكتفاء بعلاج الأعراض.
وهذا يوضح كيف أن التطور في مجال العلاجات الجينية لم يعد نظرياً، بل بدأ يترجم إلى أرقام ونتائج ملموسة.


ما هو داء هنتنغتون؟


هذا المرض ينشأ عن طفرة في جين يُدعى "هنتنغتين"، تدفع الجسم لإنتاج بروتين شاذ يهاجم تدريجياً الخلايا العصبية، خصوصاً تلك المسؤولة عن التحكم في الحركة والذاكرة والإدراك. وبما أن الخلل وراثي سائد، فإن انتقال الجين من أحد الأبوين يكفي لإصابة الأبناء بنسبة تصل إلى 50%. غالباً ما تبدأ الأعراض في العقدين الرابع أو الخامس من العمر، مثل اضطرابات الحركة والتفكير، قبل أن تتفاقم نحو الخرف وفقدان القدرة على الاستقلالية. من هنا يبرز الطابع المأساوي للمرض: حياة طبيعية نسبياً ثم تدهور لا يُمكن إيقافه.
وبالانتقال من التعريف الأساسي للمرض، يصبح من الأسهل فهم حجم الإنجاز الطبي الذي أحرزته التقنية الجديدة.


كيف يعمل العلاج الجديد؟


العلاج AMT-130 يعتمد على فيروس معدل يُستخدم كـ"وسيلة نقل" لتوصيل شيفرة جينية إلى خلايا الدماغ. هذه الشيفرة تدفع الخلايا لإنتاج جزيئات صغيرة تُعرف بالـmicroRNA، وظيفتها تعطيل إنتاج بروتين الهنتنغتين الضار. ونظراً لأن الخلايا العصبية غير قابلة للتجديد المستمر مثل بقية أنسجة الجسم، فإن الجرعة الواحدة كافية نظرياً لتأمين حماية طويلة الأمد. التجربة شملت 29 مريضاً في المراحل المبكرة من المرض، وبعد ثلاث سنوات تبيّن أن وتيرة تطور الأعراض تباطأت بشدة مقارنة بالمعدل المتوقع، خصوصاً لدى من تلقوا جرعات أعلى.
هذه النتائج تربط بوضوح بين الاستهداف الجيني العميق وبين التأثير الإكلينيكي المباشر على جودة حياة المرضى.


آفاق وآمال مستقبلية


رغم الحاجة لمراجعة البيانات من جانب خبراء مستقلين، فإن المؤشرات الأولية حملت قصصاً إنسانية لافتة: بعض المشاركين ما زالوا قادرين على المشي رغم التوقعات باستخدام الكراسي المتحركة، فيما عاد آخرون إلى عملهم بعد أن كانوا قد استقالوا لظروف طبية. ومع ذلك، تظل هناك تساؤلات عملية حول تكلفة العلاج وإمكانية تعميمه، خصوصاً أن جميع العلاجات الجينية المعتمدة حتى الآن تُعد باهظة الثمن. الشركة المطورة تستعد للتواصل مع هيئة الغذاء والدواء الأمريكية أملاً بالحصول على موافقة رسمية خلال العام المقبل، وهو ما قد يفتح الباب لخطط توزيع أوسع.
وهذا يعيدنا إلى النقطة الجوهرية وهي أن العلاج الجيني لا يمثل فقط ثورة علمية، بل يثير نقاشاً مجتمعياً حول المساواة في الحصول على الدواء.


خاتمة

ذو صلة


النجاح الأولي لعلاج AMT-130 قد يكون بداية فصل جديد في التعامل مع الأمراض الوراثية المستعصية. وبينما ينتظر العالم الخطوة التالية من التجارب والمراجعات العلمية، تظل الرسالة الأهم أن الأمل لم يعد وهماً بالنسبة لعائلات المصابين بداء هنتنغتون، بل حقيقة تتشكل على أرض الواقع.

ذو صلة