علماء الفلك يكتشفون مجرة متجمدة في الزمن: “ديناصورات الفضاء” تكشف أسرار الكون القديمة

3 د
تمكن علماء الفلك من اكتشاف مجرة KiDS J0842+0059 محفوظة منذ 7 مليارات سنة.
تبعد المجرة المكتشفة عن الأرض حوالي 3 مليارات سنة ضوئية.
توقفت هذه المجرة عن تشكيل النجوم منذ فترة طويلة، لتصبح "أحفورة كونية".
هذا الاكتشاف يتيح للعلماء دراسة بدايات الكون وتطور المجرات عبر الزمان.
هل تخيلت يومًا أنك ترى الماضي فعليًا أمام عينيك؟ ربما هذا الحلم يبدو بعيدًا جدًا، لكنه في الواقع أصبح ممكنًا بفضل الاكتشافات العلمية المثيرة. مؤخراً، استطاع علماء فلك رصد مجرة كونية نادرة ظلت حبيسة الزمن دون تغيير ملحوظ لمليارات السنين، هذه المجرة - والتي أطلقوا عليها اسم KiDS J0842+0059- هي بمثابة أحفورة كونية متجمدة، وكأنها "ديناصورٌ فضائي"، تُتيح لنا اليوم فرصة فريدة لاستكشاف ماضٍ غابر عن الكون.
تسمى هذه الظواهر العلمية الفريدة "المجرات الأحفورية"، وهي مجرات استطاعت أن تُحافِظ على خصائصها الأصلية دون أي تصادمات أو تداخلات مع المجرات الأخرى طوال تاريخها الممتد لمليارات السنين، مما يجعلها أشبه بالكبسولات الزمنية التي تقدم للعلماء أدلةً واضحةً عن شكل وحالة المجرات في المراحل المبكرة من عمر الكون.
مجرة محفوظة منذ 7 مليارات سنة: كيف تم كشف أسرارها؟
استطاع فريق من علماء الفلك بقيادة الباحث كريسشنزو دوف من المعهد الوطني للفيزياء الفلكية في إيطاليا، دراسة هذه المجرة بدقة عالية للغاية باستخدام تلسكوبات حديثة مثل تلسكوب المسح الكبير VST، والتلسكوب الكبير جدًا VLT، وأخيرًا التلسكوب الثنائي الكبير LBT، ليكشفوا أن هذه المجرة بقيت دون تغيير يُذكَر لمدة تقارب 7 مليارات سنة.
المجرة KiDS J0842+0059 تبعد عن الأرض حوالي 3 مليارات سنة ضوئية، وتمتلك كتلة نجمية تعادل نحو 100 مليار مرة كتلة الشمس، ورغم هذه الكتلة الهائلة، إلا أن حجمها بقي مضغوطًا وصغيرًا مقارنة بالمجرات الأخرى المماثلة. اللافت أيضًا أن هذه المجرة توقفت تمامًا عن تشكيل النجوم منذ وقت طويل جدًا، ما أكد للعلماء هويتها كأحفورة نادرة من آفاق الكون القديم.
وهذا الاكتشاف المميز يربط بين فهمنا الحالي للكون، وكيف كانت بداياته الحقيقية، فهو يمكِّن العلماء من دراسة الظروف البيئية التي تسببت في ولادة وتشكيل مثل هذه المجرات في الماضي البعيد.
وقد صرحت الباحثة كيارا سبينييلو من جامعة أكسفورد، وعضو الفريق البحثي، قائلة: "الصور التي حصلنا عليها من التلسكوب LBT منحتنا تفاصيل تزيد عن 10 أضعاف ما حصلنا عليه من الصور السابقة، وهذا ما سمح لنا بإثبات أنها مجرة مضغوطة لم تتغير طوال هذه المدة الطويلة، وهذا الأمر يحدث لأول مرة بهذا المستوى العالي من الدقة لمجرة على هذه المسافة الكبيرة".
هذا الاكتشاف المهم لمجرة مثل KiDS J0842+0059 يعيد للأذهان اكتشاف مجرة أخرى اسمها NGC 1277 تقع في مجموعة مجرات "بيرسيوس" والتي يعتبرها العلماء مثالاً آخر لمجرة أحفورية نادرة في مكانٍ أكثر قربًا (240 مليون سنة ضوئية فقط من الأرض). وجود مثل هذه الأحافير الكونية القريبة والبعيدة على حد السواء يساعدنا بكفاءة على معرفة كيف تكونت المجرات العملاقة التي نراها اليوم.
وفي خطوة مستقبلية، يسعى العلماء الآن لاكتشاف ودراسة المزيد من هذه "الديناصورات الفضائية" بواسطة التلسكوبات الجديدة مثل تلسكوب الفضاء "يوكليد" (Euclid)، والذي سيتيح للعلماء الحصول على صور وبيانات أكثر وضوحًا ودقةً حول تكوّن هذه المجرات الأحفورية.
هذا النوع الفريد من الاكتشافات يقدم لنا مفتاحًا لفك أسرار الكون القديم، وقد يساعد في فهم تاريخ تطور المجرات وكيف اندمجت وتطورت بمرور الزمن. من المهم دائمًا السعي للوضوح في الأفكار، وربما تكون إضافة جمل رابطة قصيرة في مستقبل توضيح تسلسل الأفكار بين اكتشاف المجرة ونظيرتها القريبة (NGC 1277) لتقوية تماسك النص أكثر. وإلى أن يَتم الكشف عن المزيد من هذه المجرات القديمة، سيبقى الكون يُفاجئنا دائمًا بمساحات شاسعة مليئة بالاكتشافات المثيرة والمدهشة.