علماء يبتكرون طريقة لطباعة معادن تفوق الفولاذ في الصلابة بـ20 ضعفًا!

2 د
نجح باحثون في EPFL في طباعة ثلاثية الأبعاد تعزز صلابة المعادن باستخدام الهيدروجيل.
يعتمد الأسلوب الجديد على تحويل الهياكل الهلامية إلى أجسام معدنية متماسكة بتقنية متقدمة.
تنتج التقنية الجديدة مواد ذات كثافة عالية بنسبة انكماش منخفضة مقارنة بالطرق القديمة.
يتيح الابتكار إنتاج هياكل دقيقة للاستخدام في المستشعرات والأجهزة الطبية والأنظمة الطاقية.
يعمل الفريق على أتمتة العملية لزيادة الكفاءة والانتقال إلى التصنيع الصناعي الشامل.
نجح فريق بحثي من **المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان (EPFL)** في ابتكار طريقة جديدة للطباعة ثلاثية الأبعاد تجعل المعادن والخزفيات أكثر صلابة وكثافة بنسبة غير مسبوقة، مستندين إلى **الهيدروجيل** كمادة هيكلية مؤقتة تُحوَّل لاحقاً إلى جسم معدني متماسك.
بداية القصة: من الهيدروجيل إلى المعدن الصلب
تقوم التقنية على طباعة هيكل ثلاثي الأبعاد من مادة هلامية مائية تُعرف بالهيدروجيل، ثم يُغمر هذا الهيكل في محلول من **أملاح المعادن**، حيث تتحول داخل الجل إلى **جسيمات نانوية معدنية** توزَّع بشكل متجانس في كل جزء منه. بتكرار هذه العملية عدة مرات، يزداد تركيز المعدن في المادة حتى تصل إلى درجة تسمح بالتحول الكامل عند تسخينها، لتبقى النتيجة جسماً معدنياً أو خزفياً مطابقاً تماماً لشكل الجل الأصلي.
وهذا الربط بين الطباعة بالهيدروجيل وتقنيات التحويل الكيميائي يعيد تعريف مفهوم **التصنيع الإضافي** ويمنح مهندسي المواد حرية غير مسبوقة في اختيار نوع المعدن بعد انتهاء عملية الطباعة، وليس قبلها كما هو معتاد.
جودة أعلى وكثافة مذهلة
أوضح الأستاذ **داريل يي**، رئيس مختبر كيمياء المواد والتصنيع بالمعهد، أن الأساليب السابقة كانت تنتج مواداً كثيرة المسام تتعرض لتقلص وتشوه عند التسخين. أما الطريقة الجديدة فتعطي أجساماً بالغة الكثافة، إذ تقل نسبة الانكماش إلى نحو 20% فقط مقارنة بما بين 60 و90% في الطرق القديمة.
ومن هنا يتضح كيف نجح الباحثون في رفع **مقاومة الضغط** للعينات إلى عشرين ضعف قوة النماذج المطبوعة سابقاً باستخدام عملية مشابهة. هذه النتيجة توضح التوازن بين **المتانة** و**الوزن الخفيف**، وهو هدف تسعى وراءه معظم الصناعات الدقيقة.
تطبيقات هندسية وطبية واعدة
اختبر الفريق طباعة هياكل رياضية معقدة تُعرف باسم **الجيـرويد** مستخدمين الحديد والفضة والنحاس، ما يثبت دقة التقنية وقدرتها على إنتاج أشكال شبكية دقيقة ومتينة في آن واحد. يرى الباحثون إمكان توظيف هذا الابتكار في مجالات متنوعة مثل **المستشعرات الدقيقة**، و**الأجهزة الطبية الحيوية**، و**أنظمة تخزين الطاقة وتحويلها**، بل وحتى في صناعة **المحفّزات المعدنية** اللازمة للتفاعلات الكهربائية والكيميائية.
وهذا يفتح الباب أمام استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج مكونات معدنية ذات **مساحة سطحية عالية** ومزايا تبريد محسّنة تخدم تقنيات الطاقة الحديثة.
خطوة نحو التصنيع الصناعي
ويواصل فريق EPFL جهوده لزيادة كثافة المواد وتسريع العملية الكاملة، إذ تتطلب دورات التكرار المتعددة بعض الوقت مقارنة بالطرق التقليدية. ولهذا يعمل العلماء على أتمتة المراحل باستخدام **الروبوتات الصناعية** لتقليل المدة وتحسين الكفاءة، تمهيداً للانتقال من المختبر إلى خطوط الإنتاج.
في النهاية، يمثل هذا الاكتشاف نقلة نوعية في عالم **الطباعة ثلاثية الأبعاد**، حيث يلتقي الإبداع الكيميائي مع الذكاء في التصميم ليمنحنا جيلاً جديداً من المعادن والخزفيات الصغيرة الحجم والعظيمة القوة.









