ذكاء اصطناعي

علي بابا تُفاجئ العالم بوكيل ذكي مفتوح المصدر ينافس GPT

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

علي بابا تطلق Tongyi DeepResearch كوكيل بحث مفتوح المصدر يثير اهتمام خبراء الذكاء الاصطناعي.

الوكيل الجديد ينافس بقوة نماذج OpenAI رغم صغر حجمه وفعاليته العالية.

حقق الوكيل أداءً بارزاً في اختبارات معيارية، متفوقاً على نماذج شهيرة أخرى.

استخدمت بيئة تدريب افتراضية مبتكرة لتحسين التعلم وتقليل التكاليف.

تفعيل الوكيل في تطبيقات عملية يعزز دوره في الأبحاث الرقمية والتطبيقات الذكية.

مع بداية عام 2025، كان يُنظر إلى النماذج الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي على أنها أقل مستوى من نظيراتها الأميركية. لكن المشهد تغيّر جذرياً مع إطلاق نموذج DeepSeek في يناير، لتبرز الصين سريعاً كمنافس جاد في مضمار الابتكارات المتسارعة. وبعد أشهر قليلة، ها هي شركة **علي بابا** تُشعل مجدداً سباق الوكلاء الذكيين بإعلانها عن وكيل بحث مفتوح المصدر جديد يحمل اسم Tongyi DeepResearch Agent.

هذا التطور يثير الاهتمام بشكل خاص لأنه لا يقتصر على تحسين نماذج اللغة الكبيرة فحسب، وإنما يتناول جوهر ما يُعرف بـ"الوكلاء الذكيين"، أي الأنظمة القادرة على معالجة مهام معقّدة متعددة الخطوات بشكل ذاتي ولفترات طويلة اعتماداً على أوامر نصية بسيطة من المستخدم. وهنا تبدأ القصة الحقيقية.


وكيل أبحاث بقدرات مذهلة

وكيل Tongyi DeepResearch أثار جدلاً واسعاً بين خبراء الذكاء الاصطناعي بعد أن حقق نتائج مقاربة لوكيل "Deep Research" من OpenAI، رغم اعتماده على 30 مليار مُعامل فقط، لا يُفعّل منها سوى 3 مليارات أثناء التشغيل. هذه الأرقام تكفي لإظهار الكفاءة الفائقة للنموذج مقارنة بنماذج تفوقه في الحجم أضعافاً.
وهذا يربط بين طموحات مختبرات علي بابا وسعيها إلى بناء حلول عالية الأداء بتكلفة أقل، ليكون الذكاء الاصطناعي المتقدم في متناول الشركات والمطورين.


أداء يتفوّق على كبار المنافسين


في اختبارات معيارية عدة، جاء أداء الوكيل الجديد في المرتبة الأولى أو الثانية على مستوى العالم. فقد تفوق في اختبار Humanity’s Last Exam على جميع النماذج المنافسة بما فيها نموذج OpenAI o3، كما سجل نقاطاً متقدمة في معايير أخرى مثل WebWalkerQA وBrowseComp.
وهكذا نرى أن الفارق بين النماذج مفتوحة المصدر والمغلقة بدأ يذوب تدريجياً، خاصة مع قدرته على التفوق في أبحاث قانونية دقيقة من حيث جودة الاستشهادات ودقة استخراج النقاط الأساسية.


كيف بُني النموذج؟


السر وراء هذه القفزة يكمن في طريقة التدريب. فريق Tongyi Lab ابتكر بيئة افتراضية مستقرة مستندة إلى نسخة من قاعدة بيانات ويكيبيديا، ليتيح للوكيل التعلم عبر التجربة والخطأ بشكل يحاكي التصفح في الويب الحقيقي. هذه الحيلة مكّنت الباحثين من تقليص التكاليف وتجنب اضطرابات البيانات الحية.
ويُضاف إلى ذلك ما يسمى بـ"صندوق الأدوات الافتراضي"، الذي يضمن للوكيل تنفيذ التعليمات البرمجية وتنظيم البيانات بشكل متوقع. ومن خلال آليات متطورة لتوليد بيانات صناعية متجددة، حُققت قفزة في جودة التعلم والاستقرار.
وبالانتقال من هذه الخطوة المنهجية، يتضح أن بناء قدرات "وكيل بحث" ليس مجرد مسألة تدريب تقني، بل مزيج من بيئات مخصصة وبيانات متطورة تتيح له تطوراً مستمراً.


تطبيقات عملية


الإنجاز لم يبق في المختبر. الوكيل الجديد يفعّل خدمات قائمة بالفعل مثل Gaode Mate، وهو مساعد سياحي ذكي داخل تطبيق الخرائط Amap، بالإضافة إلى Tongyi FaRui الذي يدعم المحامين في استرجاع النصوص القانونية والاستشهاد بالقوانين ذات الصلة.
وهذا يربط بين الابتكار النظري وسوق التطبيقات الواقعية، حيث يلمس المستخدم الفائدة المباشرة في التخطيط للسفر أو العمل القانوني.


نحو مستقبل مفتوح ومشترك


رغم القوة اللافتة، لا تزال هناك قيود مثل حجم نافذة السياق البالغ 128 ألف رمز، وهو أقل مما يقدمه بعض نماذج وادي السيليكون. لكن فريق علي بابا يرى أن المرحلة المقبلة تستدعي إعادة التفكير حتى في منهجيات تقييم قدرات الوكلاء، بحيث يُقاس أداؤهم وفق الخطوات الجزئية واتخاذ القرار المتدرج لا النتائج النهائية فقط.

ذو صلة

في المحصلة، إطلاق Tongyi DeepResearch يمثل خطوة استراتيجية في جعل أدوات البحث المتقدم مفتوحة المصدر ومُتاحة عالمياً. وما قدمته علي بابا قد يشكل منعطفاً في سباق تطوير **الوكلاء الذكيين**، حيث تصبح المنافسة أقل اعتماداً على الحجم، وأكثر ارتباطاً بذكاء التصميم وجودة التدريب.

دخول علي بابا بهذا الوكيل المفتوح المصدر يعلن عن مرحلة جديدة في الذكاء الاصطناعي العملي، حيث تتحول الصين من موقع اللحاق إلى موقع المبادرة، مقدمة نموذجاً يمكن أن يُغيّر قواعد اللعبة في عالم الأبحاث الرقمية والتطبيقات الذكية.

ذو صلة