في سبق علمي: اكتشاف عضو جديد داخل الخلايا يشبه “رجل الثلج” يفتح آفاقًا جديدة في علم البيولوجيا!

3 د
علماء من جامعة فيرجينيا اكتشفوا عضوًا خلويًا جديدًا يسمى "هيميفيوزوم".
الوصف يشبه "رجل ثلج صغير يرتدي وشاحًا"، ويؤدي دورًا في تدوير الخلايا.
الاكتشاف يفتح الباب لفهم أعمق لعمليات الخلايا الداخلية.
التقنيات الحديثة تمكنت من رصد البنية الدقيقة لأول مرة.
النموذج قد يفسر دورًا محتملاً في الأمراض مثل الزهايمر.
في خبر يثير فضول الكثيرين ويضيف اكتشافاً هاماً لعالم البيولوجيا، تمكن علماء من جامعة فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية من رصد بنية غامضة وُصفت بأنها "عضو خلوي جديد"، وأطلقوا عليها اسم "هيميفيوزوم" (hemifusome). المثير في الأمر ليس فقط الاكتشاف، بل أيضاً شكل العضو الجديد، حيث شبهته الباحثة سيهام إبراهيم بـ"رجل ثلج صغير يرتدي وشاحاً".
قبل أن نضيع في التفاصيل العلمية المعقدة، دعونا نوضح الأمر بشكل أبسط؛ يتكون جسم الإنسان من ملايين الخلايا، وكل خلية منها تحوي بداخلها أعضاء أصغر تسمى "عضيات"، وهي تؤدي وظائف محددة مهمة لاستمرار الحياة. أشهر هذه العضيات هي "الميتوكوندريا" التي ربما سمعتم عنها من قبل، والمعروفة بأنها مصنع الطاقة في الخلية.
أما العضو الجديد هذا فتمت مشاهدته أثناء تنفيذ العلماء لصور ثلاثية الأبعاد عالية الدقة باستخدام تقنية التصوير المجهري البارد (cryo-electron tomography) التي تعتمد على تجميد الخلايا بسرعة كبيرة، مما يحفظ بنيتها كما هي تماماً، ويسمح للعلماء برؤية واضحة ومباشرة للمكونات الخلوية دون تغيّر أو تحريف.

أهمية "رجل الثلج الصغير" في عملية التدوير الخلوية
وهذا يقودنا للحديث عن الدور المحتمل لهذا العضو الجديد، فالعلماء يرجحون أن "الهيميفيوزومات" هي مراكز تدوير داخل الخلايا. وتتلخص وظيفتها ربما في إعادة تدوير وفرز والتخلص من البروتينات الزائدة، مما يمنع تراكم النفايات في الخلية ويضمن استمرار أدائها بكفاءة عالية. وبحسب الدراسة، فإن هذا العضو صغير جدًا—لا يتجاوز 100 نانومتر فقط، ما يعني أنه يقل عن نصف حجم الميتوكوندريا.
وهذا الاكتشاف المثير ليس فقط لصيغته الشكلية الفريدة بل أيضاً لأنه يفتح مجالًا أوسع لفهم العمليات الحيوية التي تحدث داخل خلايا الإنسان. إذ أوضحت الباحثة سيهام أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها رصد مثل هذه البنية "شبه المندمجة" بين حوصلتين في الخلية، وهي حالة طالما توقّع العلماء وجودها نظريًا لكنهم لم ينجحوا في رؤيتها مسبقًا.
الجدير بالذكر هنا، أن تقنيات التصوير الخلوي التقليدية السابقة كانت تفشل دائمًا في ملاحظة مثل هذه البُنى الدقيقة، إما لصغر حجمها أو لعدم استخدام طرق مناسبة لحماية البِنى الخلوية من التلف أثناء التصوير.
وحتى الآن، ما تزال الكثير من تفاصيل "الهيميفيوزوم" غامضة. فالعلماء لا يعرفون بعد بدقة كيف تتشكل هذه البُنية أو ما دورة حياتها بالضبط. كما لم يتم حتى الآن تأكيد وظيفتها بالكامل. ومع ذلك، يُرجّح الباحثون أنها قد تلعب دورًا في تكوين حويصلات خاصة، تساعد على إعادة تدوير غشاء الخلية وإزالة التجمعات البروتينية الضارة، وهو أمر قد يحدث فرقاً كبيراً في شرح أمراض مثل الزهايمر الذي يرتبط بسوء إزالة تراكمات بروتينية في الدماغ.
في النهاية، يبدو أن اكتشاف "الهيميفيوزوم" ليس سوى البداية. فكما ذكرت الباحثة سيهام إبراهيم وعبرت عن هذا الاكتشاف قائلة: "بدون التصوير المجهري البارد، لما رأينا هذا الجزء أبداً، وربما هناك عالم واسع مختبئ داخل خلايانا ينتظر منا اكتشافه".
وبهذا نرى أن البحث الدقيق والتقنيات الحديثة يمكن أن تقود علماءنا باستمرار نحو اكتشافات كبرى. لنجعل ذلك تذكيراً بأهمية مواصلة دعم البحث العلمي وتشجيع استخدام أساليب تصوير أكثر دقة وحساسية، كي لا تفوتنا أدق التفاصيل التي قد تغير من فهمنا للحياة نفسها.