ذكاء اصطناعي

قبل الديناصورات… عنكبوت غامض ترك آثاره ليحيّر العلماء!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

اكتشاف بصمات العنكبوت في أريزونا قبل 260 مليون عام يسبق وجود الديناصورات بكثير.

هذه البصمات توفر لمحة عن الكائنات البدائية التي استعمرت اليابسة.

تماثل البصمات المحفوظة بدقة حركة العناكب الحية المعاصرة.

يعكس الاكتشاف تاريخ الحياة المبكرة ويمثل جزءًا من إرث الحياة القديم.

في أعماق صحراء أريزونا القاحلة، اكتُشفت مجموعة من **البصمات المتحجرة** التي قد تعود إلى **أقدم عنكبوت** سار على الأرض منذ أكثر من **260 مليون عام**، أي قبل أن تطأ الديناصورات الكوكب بزمن طويل. هذه الآثار، المحفوظة في الحجر بدقة مدهشة، تفتح نافذة نادرة على عالم بدائي كانت العناكب فيه من أوائل المفترسات التي غزت اليابسة.


بداية القصة: صدفة علمية تحولت إلى اكتشاف نادر


تعود القصة إلى عام 1968 عندما عثر عالم الحفريات **رايموند ألف** على لوح من الحجر الرملي في شمال أريزونا يحمل آثار خطوات دقيقة تشبه الكؤوس الصغيرة. أدرك ألف أن أمامه **بصمات لكائن غابر** عبر الرمال الرطبة ثم جفّت من حوله، لتتحول خطواته إلى شهادة زمنية لا تمحى. اليوم، يُعرض ذلك اللوح في **متحف ألف لعلم الحفريات**، حيث يمكن للزائرين مشاهدة “مشية” عنكبوت من الحقبة البرمية وقد حفظها الزمن بكرم نادر. وكما أشار أمين المتحف أندرو فاريك، فإن “العناكب نادرًا ما تُحفظ أجسادها الرخوة، لذا فهذه الآثار من أغلى سجلاتها على الإطلاق”.

وهذا الاكتشاف يعيدنا إلى محاولات لاحقة لفهم هوية الكائن بدقة أكبر.


تتبع الخطوات بالحبر والرمل


في تجربة طريفة، قام ألف في نهاية الستينيات بتغليف أرجل **عناكب حيّة** بالحبر وجعلها تمشي على الورق لمقارنة الآثار، وكانت النتيجة شبه مطابقة لتلك المتحجرة. بعد سنوات، أعادت **الجيولوجية كريستا سادلر** التجربة بأسلوب علمي أدق، فبنت ممراً رملياً بطول أربعة أمتار وبدرجات رطوبة مختلفة، وأطلقت عليه **عقارب وعناكب الرتيلاء**. أثبتت نتائجها أن الخطوات fossilized تطابق تماماً حركة **عنكبوت بحجم الرتيلاء** يسير بثبات على رمال رطبة.

ومن هنا انطلقت دراسة جديدة لعلم “إيكنولوجيا” أو علم **آثار الأقدام الأحفورية** لفهم سلوك الكائنات التي اندثرت.


قراءة آثار القدم: لغز من الحقبة البرمية


الخبير **أنتوني مارتن** من جامعة إيموري أكد أن نمط التموج في الآثار يُظهر حركة “متناوبة للأرجل” على جانبي الجسم، وهي سمة يعرفها علماء الأحياء في **اللافقاريات الأرضية** كالرتيليات. كما أشار إلى أن عرض المسار يوحي بعنكبوت عريض الأرجل، رغم صعوبة تحديد وضعيته الدقيقة أثناء المشي. اللافت أن هذا المسار يعود إلى **العصر البرمي**، أي قبل أكثر من ثلاثين مليون عام من ولادة أول الديناصورات. في ذلك الحين كانت أريزونا صحراء واسعة تكسوها الكثبان، ومع كل خطوة لعنكبوت صغير على الرمال، كانت الأرض تسجل ذاكرة جديدة في سجل الحياة.


إرث العنكبوت الأول

ذو صلة


اليوم، يقف زوار **متحف ألف** أمام لوحة رملية لا تحمل سوى سلسلة من النقاط المتصلة، لكنها تروي **قصة البدايات**: كيف سبق العنكبوت أضخم المخلوقات إلى الأرض، وكيف حفظت الرمال خطواته كأنها توقيع في كتاب الزمن. هذه البصمات ليست مجرد أثر بيولوجي، بل ذكرى لكائن عاش ومات ومضى دون أن يعلم أن خطاه ستكون بعد ملايين السنين موضع دهشة البشر.

وهكذا يربط هذا الاكتشاف بين **تاريخ الحياة القديمة** وفضول الإنسان المعاصر، مذكّراً بأن المخلوقات الصغيرة كانت دوماً روّاد البدايات في مسيرة الكوكب الطويلة.

ذو صلة