ذكاء اصطناعي

كارثة تلوح في الأفق مع تطور GPT-5

مصطفى يسري
مصطفى يسري

4 د

خيّب GPT-5 من OpenAI آمال المستخدمين، مما أثار تساؤلات حول سمعة الشركة.

لاحظ المستخدمون تذبذباً في جودة GPT-5، ما أدى إلى ارتباك وتراجع الثقة.

أظهر GPT-5 "هلوسة اصطناعية"، مختلقاً معلومات غير صحيحة في كثير من الأحيان.

ظهرت ثغرات أمان خطيرة في GPT-5، مما يثير القلق بشأن حماية المعلومات.

بعض المستخدمين يشيرون إلى خفض التكاليف بدلاً من تحسين جودة GPT-5.

لم يكن هناك منتج ذكاء اصطناعي أثار انتظاره هذا القدر من الحماس كما فعل GPT-5 من شركة OpenAI، لكن المفاجأة جاءت عقب الإطلاق الرسمي، فقد خيّب النموذج الجديد آمال العديد من المستخدمين الذين توقّعوا ثورة رقمية جديدة على غرار ما حدث مع إصدارات سابقة كـ ChatGPT و GPT-4. فهل باتت سمعة OpenAI على المحك؟

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحًا أن الإدهاش المعتاد غاب عن الأجواء. المستخدمون القدامى، الذين اعتادوا التفاعل مع خصائص GPT-4o، عبّروا عن سخطهم بعد أن أُجبروا على الانتقال فجأة إلى GPT-5، حيث أزيل خيار العودة للإصدار الأقل سوى للمشتركين المميزين بعد حملة ضغط قوية من الجمهور. هذا التراجع، رغم كونه استجابةً تلقائية لرغبات المستخدمين، كشف عن بوادر أزمة ثقة تتفاقم بين إدارة الشركة وقاعدة جمهورها المتنامية. وهذا يعكس العلاقة الوثيقة بين التطوير التقني وتوقعات المستفيدين في سوق الذكاء الاصطناعي سريع التطور.


الارتباك بين الطموح والواقع

يعزو بعض الخبراء، ومن بينهم باحثو الذكاء الاصطناعي في معهد وارتون، مشكلة GPT-5 الرئيسية إلى اعتماد الشركة مبدأ "الانتقال السلس" بين النسخ السابقة. لكن تبين أن هذا الانتقال لم يكن بالسلاسة المرجوة؛ فقد لاحظ المستخدمون – بحسب تقارير منشورة على منصات التواصل كـ Bluesky – أن الإجابات تتأرجح بشكل كبير من جودة فائقة إلى تدهور ملحوظ حتى أثناء جلسة المحادثة الواحدة. هذا التذبذب أصاب كثيرين بالارتباك، وخالف الوعود بأن النسخة الجديدة ستمنحهم أفضل تجربة للذكاء الاصطناعي على الإطلاق. وبالنظر إلى أن GPT-5 صُمم ليكون الجامع لأفضل ما في سابقاته، فإن هذه الفجوة بين الطموح والواقع أضرت بصورة OpenAI بشكل ملموس.

ورغم ذلك، فإن مسألة تكرار هذه الهفوات التقنية تذكّرنا بأن عالم الذكاء الاصطناعي ما زال قيد التجربة والدراسة، وأن الموثوقية والشفافية تظل مطلبًا أساسيًا للمستخدمين في ظل سباق الشركات للابتكار.


الهلوسة الاصطناعية وتزييف الحقائق

ما زاد الطين بلة أن GPT-5 أظهر نسبًا متزايدة من "الهلوسة الاصطناعية" – وهو مصطلح أصبح يُستخدم للدلالة على اختلاق النظام لمعلومات غير صحيحة أثناء الحوار. فحتى في أبسط الأسئلة، مثل ذكر رؤساء الولايات المتحدة وتواريخ فترات حكمهم، قدم النموذج إجابات مشوّهة وتاريخًا غريبًا جعل الكثيرين يشككون بموثوقيته. وأثار تصرف مشابه تم رصده من قبل مختصين في تعلم الآلة والعلوم البيئية موجة من السخرية والقلق بآن واحد، خاصة مع تنامي ظاهرة "مخلفات الذكاء الاصطناعي" – أي المعلومات المزيفة التي تنتشر على الإنترنت وتسيء لتجربة المستخدمين وتربك حتى الذكاء الاصطناعي المستقبلي.

وبالانتقال من مشاكل الهلوسة، تتكشف أمامنا تحديات أخطر تتعلق بالحماية والخصوصية.


ثغرات أمان خطيرة وهشاشة الحواجز

حذرت تقارير أمنية مستفيضة – منها تحقيقات أعدتها مجموعات "الريد تيمينغ" وشركات دفاع سيبراني – من سهولة اختراق GPT-5 عبر ما يُعرف بتقنية "جلبريك"، إذ أمكن دفع الروبوت للإفصاح عن معلومات شديدة الخطورة بما فيها تعليمات تصنيع أسلحة عن طريق حيل محادثة بسيطة. المفاجئ أن هذه الثغرات ظهرت رغم التعديلات الصارمة التي أجرتها OpenAI على نظامها لمنع إساءة استخدامه، لتُثار التساؤلات حول جدوى حماية المستخدمين والشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في أعمالها اليومية.

تكمن خطورة الأمر في أن الثقة بأنظمة الذكاء الاصطناعي لا تضمنها السمعة أو الشهرة وحدها؛ فالأمان المعلوماتي أصبح همًا مشتركًا بين المطورين والمستهلكين وصُنّاع القرار.


هل تسعى OpenAI لتقليل التكاليف على حساب الجودة؟

عند التأمل في قراءات بعض مستخدمي GPT-5 المخضرمين، تبرز نقطة حساسة مفادها أن OpenAI ربما ركزت في نسختها الجديدة على خفض التكاليف التشغيلية بدلًا من دفع حدود الابتكار. أشار البعض إلى أن الخدمة تسير نحو تبسيط العمليات واستقطاب الأعداد الكثيفة دون الاهتمام الكافي بجودة النواتج أو الاتساق في الأداء. والطريف أن منشوريْن متداولَيْن على الإنترنت شبّها تصرفات الإدارة بحملات دعائية تبرز الغرور والاستعراض أكثر من الواقعية أو الرؤية التقنية البعيدة.

ذو صلة

وهذا يبقى مرتبطًا بدورة متصلة من الطموحات والانتكاسات التي تعيشها كبرى شركات التقنية عند طرح ابتكارات جديدة.

في النهاية، بدأت علامات الاستفهام تحوم حول مستقبل GPT-5 والشركات المنافسة في ميدان الذكاء الاصطناعي. هل تتدارك OpenAI أخطاءها وتعيد بناء ثقة جمهورها؟ أم أن عصر "النموذج المعجزة" يوشك على الغروب لصالح التركيز على الأمان، الشفافية، والاستدامة؟ مامحالة، يبقى سؤال الجودة والمسؤولية حاضرًا بقوة في كل حوار حول الذكاء الاصطناعي اليوم.

ذو صلة