لأول مرة.. العلماء يشيدون طريقاً كمومياً لنقل المعلومات بطول 11 ميلاً باستخدام الفوتونات

3 د
أعلن باحثون عن نجاحهم في إنشاء "طريق كمومي" تجريبي بطول 11 ميلاً.
تستخدم شبكة روتشستر الكمومية الفوتونات في نقل المعلومات عبر الألياف الضوئية.
يوفر التشابك الكمومي حماية غير مسبوقة للبيانات المرسلة.
تهدف الشبكة لتوزيع التشابك الكمومي وربط نقاط متعددة بفعالية.
يسعى المشروع لتطوير تقنيات كمومية عملية ومتكاملة بشكل أكبر.
هل تخيلت يوماً إرسال رسائل آمنة بنسبة مئة بالمئة، يستحيل اعتراضها أو التجسس عليها؟ يبدو أن هذا لم يعد حلماً بعيد المنال خصوصاً بعدما أعلن مؤخراً باحثون من جامعتي روتشستر ومعهد روتشستر للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، عن نجاحهم في إنشاء "طريق كمومي" تجريبي يربط بينهما عبر خطوط الألياف الضوئية، بطول يصل تقريباً إلى 11 ميلاً (حوالي 18 كلم).
استطاع الباحثون في هذا المشروع المبتكر والمسمى "شبكة روتشستر الكمومية" (RoQNET)، إرسال المعلومات بواسطة جزيئات الضوء الفردية المسماة "الفوتونات"، وذلك باستعمال كابلات الألياف الضوئية العادية التي نستخدمها الآن في نقل بيانات الإنترنت، ولكن بشكل جديد كلياً يفتح آفاقاً واسعة لمستقبل الاتصالات الآمنة.
لماذا نستخدم الفوتونات تحديداً؟
يعتبر استخدام الفوتونات في عملية التواصل الكمومي أمراً مثالياً، لأنها بالفعل تسير بسرعة الضوء، ويمكنها الانتقال بسهولة عبر شبكات الألياف الضوئية التي تغطي معظم أنحاء العالم. وتتميز الفوتونات أيضاً بتوافقها مع البنية التحتية الحالية المستخدمة في الاتصالات، مما يقلل بصورة كبيرة الحاجة لاستبدال الشبكات القائمة أو تطوير تكنولوجيات مكلفة.
لكن لماذا تُعتبر الرسائل الكمومية بهذه القوة في تأمين البيانات؟ يرجع السبب إلى خاصية جوهرية في فيزياء الكم تسمى "التشابك الكمومي". فهذه الخاصية تجعل من المستحيل تقليد أو نسخ أو التنصت على المعلومات المرسلة دون اكتشاف ذلك مباشرةً، مما يضمن درجة غير مسبوقة من الأمن الرقمي.
وهذا يربط ما توصل إليه الباحثون، بخطط أبعد طموحاً لتطوير شبكات كمومية أكبر وأكثر تعقيداً.
ما الجديد الذي يميز شبكة روتشستر الكمومية؟
بحسب الدكتور نيكولاس فاميفاكس، أستاذ الفيزياء الضوئية في جامعة روتشستر وقائد الجانب البحثي في المشروع، فإن الجديد الذي يميز شبكة روتشستر الكمومية هو استخدامها الرائد لرقائق فوتونية كمومية مدمجة لتوليد الفوتونات، وكذلك اعتماد تقنية جديدة مبنية على ذاكرة كمومية في الحالة الصلبة لحفظ المعلومات لفترات زمنية محددة، وهو ما يمثل نقلة نوعية مهمة في مجال الاتصالات الكمومية العملية.
ويشير الدكتور ستيفان بريبل، الأستاذ في كلية الهندسة بمعهد روتشستر للتكنولوجيا، إلى أن هدفهم الأساسي هو تمكين التشابك الكمومي الموزع، وهو طريقة لربط عدة نقاط بشبكة واحدة آمنة تماماً، مضيفاً: "شبكة روتشستر الكمومية حالياً مجرد منصة تجريبية لاختبار هذه التقنيات الواعدة".
ويأمل الفريق أيضاً في تحقيق تقدم إضافي بالاستغناء عن الأجهزة المكلفة والكبيرة الحالية، مثل كواشف الفوتونات أحادية النانو فائقة التوصيل، واستبدالها بحلول أبسط وأرخص وأكثر اندماجاً مع التكنولوجيا الحالية.
وهذا يقودنا لطموح أوسع يتمثل بتوسيع هذه الشبكة لتربط مراكز بحثية رئيسية أخرى في ولاية نيويورك، مثل مختبر بروكهافن الوطني، جامعة ستوني بروك، مختبر أبحاث القوات الجوية، وجامعة نيويورك، لتكوين شبكة أكثر شمولاً وفعالية في المستقبل القريب.
وفي الختام، نحن اليوم أمام نقلة نوعية في عالم الاتصالات الرقمية، يفتح فيها هذا البحث الواعد آفاقاً جديدة كلياً حول إمكانيات التكامل بين الاتصالات الضوئية وتقنيات الكم، وقد تصبح قريبة من الاستخدام العملي والفعلي في حياتنا اليومية. ولو كان بإمكاننا تطوير بعض المصطلحات لتكون أكثر قرباً من القارئ، كتوضيح "التشابك الكمومي" بمصطلح أبسط، أو استعمال مصطلحات أكثر حيوية عند تقديم الباحثين وأعمالهم، فسنحقق تواصلاً أقوى وأكثر وضوحاً مع جمهورنا العربي. فهل يكون المستقبل القادم اتصالات كمومية آمنة للجميع؟ الأيام القادمة قد تجيب بوضوح أكبر عن هذا السؤال.