ذكاء اصطناعي

ليست نقية كما تظن… المياه المعبأة قد تكون أخطر مما تتخيل!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

الدراسة الحديثة تكشف أن المياه المعبأة تحتوي على جسيمات بلاستيكية دقيقة قد تدخل أجسامنا.

تبين أن مستهلكي مياه الزجاجات يبتلعون حوالي 90 ألف جزيء بلاستيكي سنويًا.

الجسيمات البلاستيكية قد تصل إلى أعضاء رئيسية وتسبب التهابات واضطرابات صحية.

تدعو الدراسة للوعي بمخاطر البلاستيك والتقليل من استخدامه اليومي.

في الوقت الذي يظن فيه كثيرون أن المياه المعبأة أكثر نقاءً من مياه الصنبور، تكشف دراسة حديثة أن هذا الخيار "المريح" قد يحمل في طياته مخاطر غير مرئية. فالاستهلاك المنتظم لمياه الزجاجات قد يُدخل إلى أجسامنا عشرات الآلاف من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة كل عام، من دون أن نشعر.

تبدأ الحكاية من مكان غير متوقع؛ حيث اكتشفت الباحثة الكندية **سارة ساجدي** خلال زيارة لجزر في في التايلاندية أن الشواطئ الخلابة تغطيها مخلفات بلاستيكية، أغلبها قوارير مياه. هذا المشهد دفعها إلى ترك عالم الأعمال والعودة إلى الجامعة لتحليل التأثيرات الصحية للمواد البلاستيكية على الإنسان. وبخبرتها الطويلة في مجال الاستدامة البيئية، أصدرت دراستها الأخيرة بالتعاون مع زملائها في جامعة كونكورديا، والتي نشرت في مجلة *Journal of Hazardous Materials*.

وهذا يربط بين ملاحظتها الميدانية الأولى وبين التحذير العلمي الذي أطلقته دراستها الجديدة حول مخاطر الاستخدام اليومي للعبوات البلاستيكية.


أرقام صادمة ومصادر خفية

وفق تحليل ساجدي لأكثر من 140 دراسة علمية، يبتلع الإنسان العادي ما بين **39 إلى 52 ألف جزيء بلاستيكي صغير سنوياً**. أما من يعتمد على مياه الزجاجات المعبأة، فقد يتعرض لنحو **90 ألف جزيء إضافي**. هذه الجسيمات تُطلق أثناء تصنيع القوارير وتخزينها ونقلها، كما يتسارع تحللها مع التعرض للضوء أو الحرارة. وبسبب أن كثيراً من القوارير تُصنع من بلاستيك منخفض الجودة، فإنها تطلق جزيئات دقيقة، خصوصاً عند الفتح المتكرر أو عند إعادة الاستخدام.

هذا يقودنا إلى التساؤل حول مدى قدرة أجسامنا على التعامل مع هذه الكميات المتزايدة من البلاستيك المنتشر في كل مكان تقريباً.


تأثيرات دقيقة... وأمراض محتملة

توضح الدراسة أن الجزيئات البلاستيكية النانوية والميكروسكوبية تستطيع تجاوز الحواجز الحيوية في الجسم، لتصل إلى مجرى الدم وربما إلى أعضاء رئيسية كالكبد والدماغ. وتُرجِّح النتائج ارتباطها بمشكلات **الالتهابات المزمنة** و**الاضطرابات الهرمونية**، إضافة إلى **أضرار عصبية** واحتمال **زيادة خطر السرطان**. إلا أن الباحثة تؤكد أن العلم ما زال في بداياته، فغياب أدوات القياس الموحدة يجعل دراسة هذه الظاهرة بدقة أمراً معقداً.

من هنا، تنتقل ساجدي للحديث عن جهود الكشف العلمي.


اكتشاف الجسيمات... التحدي الأكبر

هناك عدة طرق لرصد الجزيئات البلاستيكية في العينات، بعضها يكشف عن حجمها المجهري، فيما يحدد آخر تركيبها الكيميائي. غير أن الأدوات الأكثر دقة تظل باهظة الثمن ولا تتوفر إلا في المختبرات المتقدمة. ولهذا ترى الباحثة أن الحل لا يقتصر على تطوير التقنية فحسب، بل أيضاً على وعي المستهلك بدوره في تقليص استخدام البلاستيك الذي لا يُعاد تدويره.

وهنا تربط ساجدي بين ضرورة الابتكار العلمي والتغيير السلوكي اليومي للمستهلك.


ما العمل الآن؟

رغم الخطوات التشريعية التي اتخذتها بعض الحكومات لتقليل النفايات البلاستيكية، فإن أغلبها يركّز على الأكياس والمصاصات، بينما تظل عبوات المياه الاستعمالية في الظل. تقول ساجدي: "لا ضرر في استخدام القوارير البلاستيكية أثناء الطوارئ أو السفر، لكن الاعتماد اليومي عليها يفاقم التعرّض للتلوث الخفي". وتضيف أن المشكلة الحقيقية ليست في السمّية الفورية بل في **التراكم المزمن** داخل الجسم والبيئة على حد سواء.

ذو صلة

### خلاصة القول

تطرح هذه الدراسة رسالة واضحة: قد لا تكون الشفافية البلورية لمياه الزجاجات دليلاً على نقائها. الجزيئات المجهرية التي لا تُرى بالعين تحمل أثراً بيئياً وصحياً لا يمكن تجاهله. وبينما تستمر الأبحاث لكشف المدى الحقيقي لهذه المخاطر، يبقى الخيار الأكثر أماناً في المدى البعيد هو **التقليل من استخدام البلاستيك أحادي الاستعمال**، والبحث عن بدائل أكثر استدامة تحفظ الماء... وتحمي الإنسان.

ذو صلة