ليس البشر وحدهم… الأسماك تتبول وتتبرز وتُطلق الريح يوميًا!

3 د
تتحلل الأسماك الأطعمة وتزيل الفضلات، مثل المخلوقات البحرية القديمة.
يتحدث البروفيسور عن كيفية تشابه التبول عند الأسماك والإنسان.
تستخدم الخياشيم والكلى في تصفية الدم وإفراز الفضلات في الماء.
تستخدم الأسماك في المياه المالحة آليات لإخراج الأملاح الزائدة.
توفر دراسة تبول الأسماك رؤية جديدة حول تطور الإنسان.
قد يبدو السؤال غريباً، لكنه في الواقع باب إلى فهم أعمق عن الحياة البحرية وعن الروابط الخفية بيننا وبين أسلافنا من الكائنات المائية. فعلى غرار الإنسان، تتبول الأسماك كوسيلة للتخلص من الفضلات وتنظيم توازن السوائل والأملاح داخل أجسامها.
يرى البروفيسور بروسنتا شاكرابارتي، عالم الأسماك ومدير متحف العلوم الطبيعية بجامعة لويزيانا، أن عملية التبول لدى الأسماك ليست مجرد تفصيلة بيولوجية؛ بل هي آلية أساسية للحفاظ على الحياة. يقول: “الأسماك تتبول تماماً مثلنا، فهي تطرح الأمونيا واليوريا عبر الكلى قبل أن تغادر أجسامها عبر فتحة تسمى المجمع أو الـ vent، تلك الحجرة التي تتجمع فيها مسارات الإخراج والهضم معاً”. وهذا يربط بين فكرة التبول عند الإنسان وبين جذوره التطورية التي نشأت في عالم الأحياء المائية.
جهاز الإخراج بين الخياشيم والكلى
الأسماك لا تعتمد على الكلى وحدها، بل تلعب خياشيمها دوراً وظيفياً محورياً في طرح الأمونيا مباشرة إلى البيئة. وهكذا تصبح عملية الإخراج موزعة بين عدة أعضاء: الدم يُصفّى في الكلى، الفضلات تخرج عبر المجمع، والغازات الذائبة تتبادل عبر الخياشيم. وهذا يفتح الباب لفهم أعمق بشأن كيفية تكيف الكائنات مع بيئاتها سواء في المياه العذبة أو المالحة.
ومن هنا يأتي الرابط مع نوعية موطن السمكة؛ فالكائن الذي يعيش في مياه البحر يحصل على الأملاح بكثرة ويحتاج إلى إخراج فائضها، بينما الأسماك النهرية تسعى للاحتفاظ بما لديها من أملاح قليلة. هذا الاختلاف جوهري لفهم علم وظائف الأحياء البحرية.
التوازن المائي والملحي
ما يميز الأسماك التي تعيش في المياه المالحة أنها تقوم بما يشبه “شرب الماء” باستمرار لتعويض فقدان السوائل، ثم تعتمد على آليات معقدة لإخراج الملح الزائد. أما نظيراتها في المياه العذبة فلا تضطر للشرب بكثرة لأن أجسامها تميل لامتصاص المياه بسهولة عبر الخياشيم. بهذا الأسلوب الذكي، تحقق الأسماك ما يسميه العلماء “الاتزان الداخلي” أو **Homeostasis**، وهي نفس المبدأ الذي تعمل به أجسادنا عند تنظيم الأملاح والمواد الكيميائية.
وهنا يظهر الرابط مع علم وظائف الكلى عند الإنسان؛ فالمبدأ واحد وإن اختلفت الأدوات والأعضاء.
الأسماك والإنسان… خيط تطوري واحد
قد يبدو الحديث عن بول الأسماك أمراً فكاهياً، لكنه في جوهره يفسر مساراً طويلاً من تطور الكائنات الحية. فالكلى والرئتان وحتى أعضاؤنا التناسلية لها جذور مشتركة في تلك الأجهزة البدائية التي امتلكتها أسماك قبل ملايين السنين. كما يقول شاكرابارتي: “نحن في النهاية أحفاد أسماك، والأعضاء التي نعتبرها خصوصيات بشرية تعود جذورها إلى عصر مائي بامتياز”.
بذلك ترسم دراسة الإخراج عند الأسماك صورة أشمل عن كيفية انتقال الحياة من البحر إلى اليابسة، وعن النموذج البدائي الذي بُنيت عليه أجسامنا الحالية. وهذا يربط علم الأسماك بعلم التطور البشري في سلسلة واحدة متصلة.
خاتمة
إذن، ما كان يبدو سؤالاً بسيطاً (هل تتبول الأسماك؟) يكشف لنا أفقاً علمياً واسعاً عن **التوازن الحيوي، الكلى، الأمونيا، اليويا، الخياشيم، المجمع، الاتزان الداخلي، المياه العذبة، الأسماك البحرية، الفضلات، الملح، والتطور**. فبيننا وبين تلك الكائنات المائية خيط خفي من التشابه البيولوجي، يذكرنا بأننا جميعاً أبناء عالم واحد يتنفس ويطرح الفضلات ويبحث عن التوازن.









