ذكاء اصطناعي

مجرة لا تشبه أي مجرة: هابل يرصد مجرة هجينة تجمع بين الشكل الحلزوني والبيضاوي

محمد كمال
محمد كمال

3 د

تلسكوب هابل يصوّر مجرة هجينة مدهشة تُدعى NGC 2775.

تكشف المجرة عن مزيج ملحوظ بين المجرات الحلزونية والإهليلجية.

تقع NGC 2775 في كوكبة السرطان على بعد 67 مليون سنة ضوئية.

تشير الاكتشافات إلى احتمالات اندماج وتفاعلات جاذبية سابقة.

المجرة تقدم نظرة مثيرة على تطور واستقرار المجرات عبر الزمن.

في اكتشاف جديد يثير الفضول، التقط تلسكوب هابل صورًا لمجرة نادرة تُدعى **NGC 2775**، تُظهر مزيجًا غريبًا بين الخصائص المعتادة للمجرات الحلزونية والإهليلجية، ما يمنح العلماء نافذة فريدة لفهم مراحل تطور المجرات.

هذه المشاهدات تضع العلماء أمام سؤال جوهري: هل المجرات تتطور بطريقة خطيّة، أم أن المسألة أكثر تعقيدًا مما كنا نعتقد؟


مزيج فريد بين الحلزوني والإهليلجي


تقع المجرة على بُعد يقارب **67 مليون سنة ضوئية** في كوكبة **السرطان**، وتتميز بمركز ناعم يفتقر إلى الغاز والغبار، وهو سمة قريبة من المجرات الإهليلجية الهادئة، بينما يحيط بهذا القلب حلقة مليئة بالنجوم الشابة والعناقيد النجمية، على غرار ما نراه عادة في المجرات الحلزونية. وهذا التمازج دفع بعض علماء الفلك إلى تصنيفها ضمن المجرات العدسية، وهي فئة وسطية تمزج بين الاثنين.

وهذا يعيدنا إلى طبيعة هذا النوع من الأجسام الكونية الانتقالية، التي تكشف عن أسرار التحولات بين المجرات في مراحل تاريخها الطويل.


تفاصيل دقيقة بفضل هابل


ما يميز رصد هابل هو الدقة الاستثنائية التي أتاحت للباحثين رؤية البقايا الخافتة للأذرع الحلزونية وكذلك مناطق تُظهر نشاطًا في تكوين النجوم. هذه الميزات تشير إلى أن **NGC 2775** ليست مجرد خليط بسيط، بل نظام كوني يعيش **مرحلة تحول تدريجي معقدة**.

ومن هنا يتضح أن دراسة هذه التفاصيل تساعد العلماء على بناء تسلسل زمني أكثر وضوحًا لتطور المجرات، يربط بين النظريات والنماذج الحاسوبية وبين الأدلة المرصودة فعليًا.


تلميحات عن ماضٍ مليء بالتفاعلات


أحد الاكتشافات اللافتة هو وجود ذيل هيدروجيني يمتد لمسافة تتجاوز **100 ألف سنة ضوئية**. هذا الذيل يُرجّح أن المجرة قد دخلت في **اندماجات أو تفاعلات جاذبية** مع جيرانها في الماضي. مثل هذه الأحداث الكونية عادة ما تُطلق موجات من نشاط تشكيل النجوم، خاصة في الحلقات الخارجية، بينما تبقى المراكز أكثر هدوءًا.

هذا يعزز فكرة أن المجرات الهجينة كـ **NGC 2775** تُعد بمثابة مختبر طبيعي يتيح دراسة كيفية تلاشي الأذرع الحلزونية وظهور الحلقات أو القضبان داخل البنى المجرية مع مرور الزمن.


أهمية علمية وجاذبية بصرية


لا تكمن أهمية **NGC 2775** في قيمتها العلمية فحسب، بل أيضًا في جمالها البصري الذي أسَر الجمهور. فهي تذكّرنا بأن تصنيف المجرات إلى حلزونية أو إهليلجية أو غير منتظمة هو تبسيط مفرط، بينما الواقع أكثر تنوعًا وتعقيدًا. تركيبتها الاستثنائية تسرد قصة مليئة بالاندماجات والنشوء والاضمحلال، كأنها سجل مصور لمليارات السنين من التغيّرات الكونية.

وهذا يربط الاكتشاف الجديد بأفق أوسع، إذ يفتح المجال أمام مقارنات دقيقة مع مجرتنا **درب التبانة** التي قد تخوض بدورها مسارًا مشابهًا على مدى مليارات السنين المقبلة.


خاتمة


تكشف لنا مجرة **NGC 2775** عن أن الكون أكثر حيوية مما نتصور، وأن المجرات ليست كيانات جامدة بل أنظمة تنبض بالتغير والتحول المستمر. ما سجّله هابل ليس مجرد صورة مذهلة، بل دليل حي على أن تاريخ المجرات هو قصة طويلة من الدمج، والتبدّل، والتجدد.

ذو صلة

ذو صلة