ذكاء اصطناعي

محفز ذهبي جديد يكسر رقماً قياسياً في الكيمياء الخضراء

محمد كمال
محمد كمال

3 د

تمكن فريق بحثي من ابتكار محفز جديد يعتمد على الذهب والبيروفسكايت لتحسين كفاءة إنتاج الأسيتالدهيد.

يستخدم المحفز الجديد مركب Au/LaMn₀.

₇₅Cu₀.

₂₅O₃ ويحقق عائد 95% عند 225 مئوية.

يعتمد المحفز على التفاعل بين جزيئات الذهب والنحاس والمنغنيز لتحقيق الأكسدة الكحولية بكفاءة.

تقدم كبير في الكيمياء الخضراء بفضل الضبط الذري الدقيق والمزج بين علم المواد والكيمياء النظرية.

في إنجاز علمي يُبشّر بتحوّل كبير في مجال الكيمياء المستدامة، تمكن فريق من الباحثين من ابتكار محفزٍ يعتمد على الذهب ومركّب البيروفسكايت لتحقيق كفاءة غير مسبوقة في تحويل الإيثانول الحيوي إلى أسيتالدهيد عند درجات حرارة منخفضة، متفوقاً بذلك على نتائج استقرت لأكثر من عقد كامل.

تُعد مادة الأسيتالدهيد حجر أساس في صناعة العديد من المواد البلاستيكية والأدوية والمركّبات الكيميائية، وغالباً ما يتم إنتاجها باستخدام عملية "واكر" التقليدية التي تعتمد على الإيثيلين. إلا أن تلك الطريقة تُعتبر مكلفة وتُخلّف أضراراً بيئية ملحوظة، ما دفع العلماء إلى البحث عن بدائل أكثر صداقة للبيئة، مثل أكسدة الإيثانول الحيوي بطريقة انتقائية. رغم المحاولات السابقة، لم تتمكن أغلب المحفزات من تجاوز عتبة إنتاج 90% من الأسيتالدهيد دون فقدان في الانتقائية أو الكفاءة.

وهنا يأتي الربط مع النقطة التالية التي توضح كيف بُني هذا التطور العلمي على جهود سابقة امتدت لعقد كامل.

قبل أكثر من عشرة أعوام، ابتكر العالمان ليو وهينسن محفزاً يعتمد على تفاعل خاص بين ذرات الذهب والنحاس حمل اسم **Au/MgCuCr₂O₄**، وحقق حينها مردوداً استثنائياً فاق 95% عند حرارة 250 درجة مئوية، مع ثبات في الأداء لأكثر من 500 ساعة تشغيل. غير أن التحدي ظل قائماً في خفض الحرارة التشغيلية دون التأثير على الكفاءة، وهو ما أراد العلماء معالجته في أبحاث لاحقة.

وانطلاقاً من هذا الأساس العلمي، قاد البروفيسوران **بينغ ليو** من جامعة هواتشونغ الصينية و**إميل هينسن** من جامعة آيندهوفن الهولندية فريقاً بحثياً لتطوير جيل جديد من المحفزات قائم على الذهب ومركب **LaMnCuO₃**. ومن خلال تعديل نسب المنغنيز والنحاس بدقة داخل البنية البلورية، توصّل الفريق إلى تركيبة مثالية هي **Au/LaMn₀.₇₅Cu₀.₂₅O₃** أظهرت تناغماً رائعاً بين جزيئات الذهب وأيونات النحاس والمنغنيز. هذا التآزر حفّز عملية الأكسدة الكحولية بكفاءة عالية عند درجة 225 مئوية فقط، محققاً عائداً بلغ 95% واستقراراً دام لأكثر من 80 ساعة تشغيل متواصل.

وهذا يربط بين النتائج التجريبية والدراسة النظرية التي كشفت تفاصيل تلك التفاعلات الدقيقة.

اعتمد العلماء على محاكاة حاسوبية متقدمة مثل نظرية الكثافة الإلكترونية وديناميكا التفاعل الميكروي لفهم آلية عمل المحفز. وتبيّن أن وجود النحاس في تركيبة البيروفسكايت يولّد مواقع نشطة بالقرب من جزيئات الذهب، ما يسهل امتصاص جزيئات الأكسجين والإيثانول ويقلل من العوائق الطاقية للتفاعل. أما عند زيادة نسبة النحاس عن الحد الأمثل، فيفقد العنصر فعاليته تدريجياً بسبب تحوله إلى شكل أقل نشاطاً كيميائياً، وهو ما أكدت عليه التجارب العملية أيضاً.

ذو صلة

وبهذه النتائج، يبرهن الفريق البحثي على أن **الضبط الذري الدقيق** والتكامل بين العناصر يمكن أن يصنعا فرقاً نوعياً في كفاءة وبيئة التفاعلات الكيميائية. ويُعد هذا التطور خطوة واعدة نحو إنتاج مواد كيميائية نظيفة بتكلفة أقل وانبعاثات أقل ضرراً.

في الختام، تُبرز هذه الدراسة المنشورة في *المجلة الصينية للحفز* كيف يمكن للدمج المبتكر بين علم المواد والكيمياء النظرية أن يفتح الباب أمام ثورة في تكنولوجيا **الكيمياء الخضراء**، مما يعزز من قدرة الصناعة الكيميائية على التوجّه نحو مستقبل أكثر استدامة وفعالية.

ذو صلة