مروحية ناسا السرّية تحلّق في سماء المريخ… فهل تعثر على أثر للحياة؟

3 د
تستعد ناسا لإطلاق مروحية "نايت هوك" لاستكشاف المريخ بشكل مستقل.
تستهدف المهمة منطقة "شرق نوكتيس لابرينثوس" بتراثها الجيولوجي المتميز.
ستستخدم "نايت هوك" أجهزة متقدمة لتصوير واكتشاف المياه والمعادن.
تهدف المهمة لتوفير معلومات قد تدعم بعثات بشرية مستقبلية للمريخ.
سباق البشرية لاستكشاف المريخ يأخذ منحى جديدًا مع المروحية الثورية "نايت هوك" من ناسا، والتي من المنتظر أن تُحدث نقلة نوعية في البحث عن إمكانية الحياة على سطح الكوكب الأحمر. فبعد نجاح طائرة إنجينيويتي التابعة لناسا في التحليق لأول مرة فوق المريخ، ها هي الوكالة تستعد بجدية لإرسال مروحية أكثر تطورًا وطموحًا تحمل اسم "نايت هوك"، في محاولة لكشف أسرار واحدة من أكثر مناطق المريخ غموضًا وثراءً جيولوجيًا.
خطط هذه المهمة الطموحة أُعلن عنها مؤخرًا أثناء مؤتمر علوم القمر والكواكب بواسطة الباحث باسكال لي من معهد SETI الشهير، حيث تستهدف منطقة تُعرف باسم "شرق نوكتيس لابرينثوس"، الشهيرة بمظاهرها الجيولوجية الفريدة والمعقدة من كهوف عميقة وقنوات قديمة. وتتميز هذه المنطقة بوجود بقايا بركان عملاق يُعرف بـ "بركان نوكتيس"، إضافة إلى رواسب جليدية تشير إلى تاريخ من النشاط المائي والبركاني، مما يجعل هذه البقعة وجهة ثمينة لدراسة الظروف التي قد تسمح بظهور الحياة.
وهذا ما يجعل مهمة نايت هوك أكثر إثارة، ففي حين تعتمد مروحية إنجينيويتي على المركبة برزفيرنس في التنقل والتوجيه، ستكون لنايت هوك القدرة على التحليق والاستكشاف بصورة مستقلة تمامًا، مستفيدة من نظام متطور من ست مراوح كبيرة وقوية، صُممت خصيصًا لتحمل الغلاف الجوي الرقيق للمريخ، والقيام برحلات طويلة وعالية على ارتفاعات تصل إلى 1500 متر فوق سطح الكوكب، ولمسافات تقارب الثلاثة كيلومترات كل رحلة.
ولكي تتمكن من تحقيق أهدافها العلمية، ستزود "نايت هوك" بثلاثة أجهزة علمية متقدمة: الأول OCCAM وهي كاميرا ملونة توفر صورًا عالية الوضوح، تسمح للعلماء بتحديد مسار المروحية ومحيطها الجغرافي؛ الثاني NIRAC وهو جهاز لقياس ورصد المعادن يسمح بفهم التركيب الجيولوجي لمناطق الاستكشاف، والثالث PMWS، المعروف أيضًا باسم "مستكشف بولي للمياه على المريخ"، وهو جهاز متقدم للكشف عن المياه الموجودة تحت السطح، وهو ما يشكل محورًا رئيسيًا للبحث عن دلائل الحياة على مر التاريخ المريخي.
وليس ذلك فحسب، بل إن هذه الرحلات الجوية الممتدة إلى ما يزيد على مئة رحلة، والمتوقع إتمامها خلال فترة تمتد لـ240 يومًا مريخيًا، ستزود العلماء بمعلومات قيمة للغاية، قد توفر إجابات طال انتظارها حول صلاحية هذه المنطقة لنزول رواد فضاء من البشر مستقبلاً، وإمكانية وجود موارد مائية قريبة من السطح.
ويأتي مشروع نايت هوك ضمن مخطط واسع لوكالة ناسا، التي تهدف لإرسال بعثات مأهولة إلى المريخ في العقود القادمة. ففهم تفاصيل هذه المنطقة، بما فيها من بقايا براكين خامدة، أنشطة مائية قديمة، ورواسب جيولوجية غنية، لن يساعد فقط في الإجابة عن سؤال قديم حول إمكانية الحياة على الكوكب الأحمر؛ بل سيسهم أيضًا في توفير البنية الأولية اللازمة لاستقبال رواد الفضاء في المستقبل.
إن تحقيق هذه القفزة النوعية نحو استكشاف المريخ جعل مشروع "نايت هوك" مصدر تفاؤل كبير لدى العلماء والباحثين. وإذ يُرسم مستقبل استكشاف الإنسان للمريخ عبر هذه المهام الريادية الجديدة، سيكون من المهم في المستقبل توضيح المفاهيم والمصطلحات العلمية المعقدة بصورة مبسطة للقارئ العربي؛ فتقديم شرح واضح لمصطلحات مثل الغلاف الجوي الرقيق أو أجهزة الاستكشاف الحديثة، كالكاميرات الطيفية ومستكشفات مياه باطن السطح، قد يعزز بسهولة من تفاعل الجمهور مع اكتشافات ناسا القادمة ويخلق اهتمامًا أكبر بعلوم الفضاء بشكل عام.