مطاعم رومانية مدفونة تظهر بعد 2000 سنة… والمفاجآت داخل الأطباق!

3 د
اكتشف علماء الآثار في بومبي أكشاك طعام سريعة تعرف بـ"ثيرموبوليا" تعود لألفي عام.
كانت هذه الأكشاك تقدم وجبات بسيطة مثل الخبز والسمك، وتعكس نبض الحياة اليومية القديمة.
التنقيب أسفر عن أكثر من 150 كشكًا مزودًا بأوانٍ فخارية لتسخين الطعام.
تزيّنت بعض الأكشاك برسوم حية، ما يدل على التنافس وجذب الزبائن في تلك الفترة.
بومبي ليست مجرد أطلال، بل مدينة تحكي قصصها الحياتية اليومية حتى بعد ألفي عام.
بين أزقة مدينة بومبي الأثرية، التي ابتلعها بركان فيزوف قبل نحو ألفي عام، كشف علماء الآثار عن عشرات الأكشاك التي يمكن وصفها بمطاعم الوجبات السريعة الرومانية. هذه الأكشاك المعروفة باسم *ثيرموبوليا* كانت جزءاً من حياة سكان المدينة البسطاء، حيث لجأوا إليها للحصول على وجبات سريعة مثل الخبز والسمك المملح والعدس، في وقت لم تكن فيه معظم المنازل مزودة بمطابخ.
ومن هنا، يتضح كيف أن تفاصيل صغيرة مثل الطعام، تعكس نبض الحياة اليومية في حضارة توقفت فجأة بفعل ثوران مدمر.
أكشاك محفورة في الرماد تكشف أسرار الحياة اليومية
عمليات التنقيب الأخيرة في منطقة *Regio V*، التي لا تزال مغلقة أمام الجمهور، أسفرت عن اكتشاف أكثر من 150 كشكاً من هذا الطراز. ما يميز هذه الأكشاك هو طريقة تجهيزها، إذ كانت الحجارة تُفرّغ من الداخل لتُثبت بداخلها أوانٍ من الفخار يحافظ أصحابها على الطعام ساخناً فيها. بعض هذه الأكشاك تزيّنت بلوحات جدارية ملوّنة وحيوية، ما يشير إلى أن التنافس على جذب الزبائن لم يكن بعيداً حتى عن الرومان في الشوارع المزدحمة.
وهذا يربط بين الاكتشاف الأثري وبين فهمنا اليوم لثقافة الغذاء الجماعي، وكيف تؤثر البساطة على حركة المدن.
طعام للفقراء ومكان للقاء
لم يكن ارتياد هذه المطاعم الشعبية عادةً محبذة عند طبقة النخبة التي فضّلت الولائم في منازلها، لكن لذوي الدخل المحدود وأولئك الذين افتقدوا المطابخ المنزلية، مثّلت هذه الأكشاك حلاً سريعاً وميسور التكلفة. الأطعمة المقدمة تراوحت بين العدس، والجبن المخبوز، والأسماك المالحة، والخبز، والشراب المخلوط بالتوابل. أما موقعها على الطرقات الرئيسية مثل *Via Stabiana* فقد جعلها جزءاً من الحياة النابضة بالمدينة، ومكاناً يجمع بين الأكل والتواصل الاجتماعي.
وبهذه الصورة، يتضح أن الأكشاك لم تكن مجرد مصدر للغذاء، بل فضاءً عاماً يربط بين الناس ويتيح لهم فرصة للتفاعل.
فن يجذب الأنظار وسط البساطة
اللافت أن بعض هذه الأكشاك تزيّنت برسوم أسطورية مثل لوحة نرجس وهو يحدّق في صورته المنعكسة، ما يكشف عن نزعة جمالية حتى في أماكن الطعام السريعة. هذا الاستثمار في الفن أعطى الأكشاك شخصية مميزة، وكأن أصحابها أرادوا تقديم مشهد بصري قبل أن يقدموا الطعام.
وهذا يربط بين جاذبية المكان ودوره الاجتماعي، حيث كان الزبون يجد المتعة في المشهد كما في المذاق.
بومبي… مدينة معلّقة بين الموت والحياة
خلال نفس الحفريات، عُثر أيضاً على بقايا بشرية لنساء وأطفال وحتى حصان مُجهز بسرجه، وكلها شواهد صامتة على القصة الإنسانية التي طمرها الرماد البركاني في لحظة مأساوية. لقد أعاد هذا الاكتشاف التذكير بأن بومبي ليست مجرد أطلال رومانية، بل مدينة مجمّدة في لحظة زمنية واحدة، تسمح للعلماء برؤية التفاصيل الصغيرة للحياة اليومية، من الطعام حتى آخر لحظات الذعر.
وبهذا، يكتمل المشهد: أكشاك طعام شعبية، جداريات مبهرة، وبشر حاولوا النجاة. كلها تفاصيل تجعل من بومبي أكثر من مجرد ذكرى—إنها مدينة ما زالت تحكي قصتها حتى بعد ألفي عام.









