مفاجأة من قلب الأرض… ناسا تعثر على أعجوبة لا تصدق!

3 د
أقمار ناسا تكشف عن جزر الدراملين الجليدية الفريدة في ميناء بوسطن.
تعتبر هذه الجزر مختبراً طبيعياً لدراسة تغير المناخ وارتفاع البحار.
تمثل الجزر قيمة بيئية تاريخية، حيث تحتضن تنوعًا حيويًا ومواقع أثرية بارزة.
تشير التغيرات المناخية الحالية إلى تحديات جديدة لتضاريس الجزر.
جزر الدراملين تجسد مزيجًا من العلم والتاريخ في مواجهة المناخ المتغير.
صورة حديثة التقطتها أقمار ناسا الصناعية أعادت تسليط الضوء على مشهد طبيعي فريد من نوعه في ميناء بوسطن بالولايات المتحدة، حيث أظهرت التكوينات الجليدية الغامضة المعروفة باسم **جزر الدراملين** والتي يعود تاريخها إلى آلاف السنين. هذه الصورة لم تثر الانبهار الجمالي فقط، بل فتحت الباب أمام أسئلة علمية حول المناخ والأرض وتاريخها الجيولوجي.
من هنا يبدأ الحديث عن القصة العلمية وراء هذا الاكتشاف، وما الذي يجعل هذه الجزر مختلفة عن غيرها حول العالم.
التلال الجليدية: إرث العصر الجليدي
الدراملين هي تلال طويلة تشكلت نتيجة تحرك الأنهار الجليدية قبل نحو 20 ألف سنة خلال ما يُعرَف بـ **العصر الجليدي الويسكونسي**. أثناء تقدّم الجليد، كان يحمل معه كميات ضخمة من الصخور والرمال والطمي، ثم يتركها خلفه ليعيد نحت الأرض بشكل مميز. ما يميز دراملينات ميناء بوسطن أنها ليست فقط فوق اليابسة، بل تغمرها مياه البحر جزئياً، لتصبح بذلك الظاهرة الوحيدة من نوعها في أمريكا الشمالية.
وهنا يتضح الرابط بين هذه التلال وارتفاع مستويات البحار، إذ أن ذوبان الجليد وتمدّد المحيطات غيّر شكلها وحوّل بعضها إلى جزر وسط الماء.
جزر تحت الماء… مختبر طبيعي للمستقبل
تميزت دراملينات بوسطن عن غيرها لكونها غُمرت بالمياه مع ارتفاع مستوى البحر عقب ذوبان الأنهار الجليدية، وهو ما جعلها بمثابة **مختبر طبيعي** لدراسة العلاقة بين تغير المناخ وتشكّل السواحل. هذه الجزر تمنح الباحثين فرصة فريدة لتتبع كيف تؤثر زيادة منسوب المياه على التضاريس وعلى النظم البيئية الساحلية.
وكأننا أمام كتاب مفتوح يروي كيف شكّلت الثلوج والمياه معاً ملامح الأرض، وهو ما يفسّر اهتمام العلماء بمراقبتها بشكل مستمر.
إرث بيئي وتاريخي
لا تتوقف قيمة هذه الجزر عند كونها معجزة جيولوجية، فهي أيضاً غنية بالتنوع الحيوي والتاريخ. هناك غابات، ومستنقعات ملحية، وأحواض مد وجزر تشكّل موطناً للطيور والحياة البحرية. كما تحتضن بعض المواقع الأثرية البارزة مثل **أقدم منارة عاملة في الولايات المتحدة** على جزيرة "ليتل بروستر" منذ عام 1716، وحصن "وارن" الذي لعب دوراً استراتيجياً خلال الحرب الأهلية الأمريكية.
وهذا يوضح أن قيمة هذه الجزر ليست علمية فحسب، بل تمتد إلى كونها وجهة سياحية وثقافية، إذ تحولت إلى جزء من **حديقة ميناء بوسطن الوطنية والولائية**.
بين الماضي والمستقبل: ما الذي ينتظر هذه الجزر؟
اليوم، ومع استمرار ارتفاع مستوى البحار بسبب **التغير المناخي العالمي**، تواجه دراملينات بوسطن تحديات جديدة. التآكل الساحلي قد يعيد تشكيل هذه الجزر مرة أخرى، والعلماء يراقبون بدقة كيف ستتغير التضاريس والأنظمة البيئية معها. هذه التحولات تمثل نموذجاً مصغراً لما قد يحدث في مناطق ساحلية أخرى حول العالم.
وبذلك نرى كيف تتحول هذه الجزر الصغيرة إلى مرآة كبرى للتغيرات التي تطال كوكبنا في عصر الاحترار العالمي.
خاتمة
تكشف صورة ناسا الأخيرة أن ما يبدو منظراً طبيعياً جميلاً يخفي وراءه قصة طويلة من الصراع بين الجليد والماء. جزر الدراملين في ميناء بوسطن ليست مجرد إضافة لعلم الجيولوجيا، بل محطة لفهم الحاضر والمستقبل في ظل تغير المناخ. وبينما تواصل الأرض إعادة تشكيل ذاتها، تبقى هذه الجزر شاهداً حياً على قوة الطبيعة وقدرتها على التغيير المستمر.









