منزل روماني يحترق منذ 1900 سنة… ويخفي ثروة تقلب التاريخ!

3 د
اكتُشف كنز روماني في هيستريا برومانيا داخل منزل احترق منذ ألفي عام.
يتضمن الكنز أربعين قطعة نقدية وحُليّ معدنية تميزت بالتصميم الروماني الدقيق.
يمثل الاكتشاف رمزًا للثراء والنفوذ لأسرة رومانية في زمن البرينسيبات.
هيستريا، كانت مدينة يونانية تحولت إلى حصن روماني بارز وتستقطب بعثات أثرية.
الكنوز ستُعرض في المتحف الوطني للتاريخ في رومانيا بعد الترميم.
في اكتشاف أثري لافت، عثر باحثون في مدينة **هيستريا** الأثرية برومانيا على صندوق من الكنوز يعود إلى ما يقارب ألفي عام، محفوظًا داخل منزل احترق بالكامل. وكما يحدث أحيانًا في مفارقات التاريخ، فإن الحريق الذي دمّر المكان ساعد على بقاء هذه النفائس حتى يومنا هذا، كنافذة تطل على حياة عائلة رومانية ثرية.
ومع أن الاكتشاف يبدو للوهلة الأولى كقصة من الماضي البعيد، إلا أنه يقدّم تفاصيل حيّة عن **المجتمع الروماني** ونمط عيش طبقاته الميسورة. وهذا يفتح الباب أمام فهم أعمق للبنية الاجتماعية والسياسية في أوج ازدهار الإمبراطورية.
تفاصيل الكنز المحترق
داخل المنزل المنكوب عثر علماء الآثار على أكثر من أربعين قطعة نقدية، وحُليّ معدنية، وأدوات ثمينة أخرى ذابت تحت حرارة النيران حتى التصقت ببعضها في شكل أقرب إلى الصندوق الخشبي الذي كانت محفوظة بداخله. ورغم تأثر المعادن بالعوامل الزمنية، إلا أنّ أغلبها احتفظ بشكله الدائري أو الزخارف المميزة التي تدل على التصميم الروماني الدقيق.
وهذا يعزز الاعتقاد بأن الكنز لم يكن مجرد مقتنيات عادية، بل رمزًا لمكانة اجتماعية مرموقة لعائلة عاشت في قلب **الإمبراطورية الرومانية**. الانتقال من طبيعة هذه القطع يقودنا إلى طبيعة البيت الذي احتواها.
بيت يدل على رفاهية
المنزل الذي ظهرت فيه هذه الآثار تميّز بأرضيات حجرية من الحجر الكلسي وجدران مزخرفة بطلاء ملوّن، وهي بصمات معمارية طالما ارتبطت ببيوت النخبة الرومانية. ويرى الباحثون أن هذه المؤشرات، إلى جانب الكنز ذاته، دليل واضح على أن العائلة التي سكنت المنزل كانت ذات نفوذ وثروة.
وهذا بدوره يعيدنا للسياق التاريخي، إذ تؤرّخ اللقى للفترة ما بين القرنين الثاني والثالث الميلادي، أي زمن ما يُعرف بـ“عصر البرينسيبات”، الذي امتاز بتركيز السلطة في يد الإمبراطور مع الحفاظ شكليًا على ملامح الجمهورية القديمة.
أهمية موقع هيستريا
تقع **هيستريا** على ساحل البحر الأسود، وقد بدأت كمدينة يونانية قبل أن تتحول إلى حصن روماني بارز. لهذا السبب ظلّت مقصدًا للبعثات الأثرية منذ عقود طويلة، حيث كُشف فيها عن طرق مرصوفة وأنظمة مياه وأفران ومساكن مترفة. الاكتشاف الأخير يضيف بُعدًا جديدًا لفهم تاريخ هذه المدينة وقيمتها كمصدر غني للمعرفة.
وما يجعل الحدث أكثر إثارة هو أن هذه القطع الآن تنتقل إلى المتحف الوطني للتاريخ في رومانيا ليجري ترميمها وحفظها، تمهيدًا لعرضها أمام الزوار، لتتحول من بقايا متفحمة إلى دروس ملموسة في تاريخ الحضارة.
لمحة ختامية
تكشف هذه الكنوز عن زاوية حميمة من الحياة الرومانية، ليست في القصور الكبرى أو ميادين السياسة، بل في بيت عائلة فقدت كل شيء ليلة حريق منذ ألفي عام. والمفارقة أن فقدانهم هذا أتاح لنا أن نطل على ثراء الإمبراطورية من داخل جدرانها المنزلية. لقد قدّم الاكتشاف الجديد مزيجًا بين التراجيديا الإنسانية والذاكرة التاريخية، ليذكّرنا أن الماضي ما زال يبوح بأسراره متى ما أُتيحت له الفرصة.









