ذكاء اصطناعي

ناسا تبحث عن عبقري لحل أزمة بيئية حرجة… والجائزة 3 ملايين دولار!

محمد كمال
محمد كمال

4 د

ناسا تُخصص 3 ملايين دولار لحلول مبتكرة لمشكلة النفايات الفضائية.

تراكم النفايات يشمل بقايا صواريخ وأدوات الفضاء التالفة.

"تحدي لونا ريسايكل" يفتح الأبواب للعقول الإبداعية عالميًا.

المسابقة تركز على إعادة التدوير واستخدام النماذج الرقمية.

الفكرة يجب تقديمها بحلول 31 مارس 2025.

هل تخيلتَ يوماً أنك قادر على حل إحدى أكبر مشكلات العصر، والفوز بثلاثة ملايين دولار في الوقت نفسه؟ إذا كان ذلك حلمك، فربما تكون أنت العبقري الذي تقصده ناسا، الجهة الأمريكية المتخصصة في علوم الفضاء واستكشاف الكون.

منذ أن اخترق الإنسان الغلاف الجوي ووصل إلى الفضاء للمرة الأولى، ونحن نحتفل بإنجازات كبيرة ومدوية، مثل الهبوط على القمر وإطلاق محطات الفضاء والأقمار الصناعية. لكنّ هذا النجاح الكبير صاحبه أيضاً ظهور مشكلة حقيقية وخطيرة: تراكم النفايات الفضائية حول كوكب الأرض.

النفايات الفضائية تشمل أجساماً مثل بقايا الصواريخ وأجزاء الأقمار الصناعية المعطلة، وحتى أدوات فقدها رواد الفضاء خلال رحلاتهم. تخيل أنك تقوم بالدوران حول الأرض في مدارك بسرعة قد تصل إلى آلاف الكيلومترات في الساعة، بينما تحيط بك هذه القطع الصغيرة التي يمكن لإحداها أن تدمر مركبة فضائية كاملة. هذا هو السيناريو الذي تقلق منه ناسا نتيجة تصاعد خطر تفاعل الحطام مع بعضه، مما قد يؤدي لظاهرة علمية تُعرف باسم "متلازمة كيسلر"، وهي عبارة عن سلسلة متواصلة من الاصطدامات الخطيرة تُحوّل الفضاء إلى مكان لا يمكن اختراقه أو استخدامه مجدداً.


لماذا تحركت ناسا الآن؟

وليست المسألة بيئية فقط، بل هي مسألة سلامة واستدامة لاستكشاف الفضاء في المستقبل. في 28 فبراير الماضي، كاد القمر الاصطناعي الروسي "Cosmos 2221"، الخارج عن السيطرة، أن يصطدم بالقمر الاصطناعي "TIMED" التابع لناسا. تخيل فقط لو حدث هذا التصادم، لسارع إلى نشر آلاف الشظايا بسرعة كبيرة، مهدداً العديد من البعثات العلمية القيّمة في الفضاء ومضاعفاً حجم المشكلة.

وبسبب هذه المخاوف الملحة، أطلقت ناسا مسابقة "تحدي لونا ريسايكل" (LunaRecycle Challenge). المسابقة تفتح أبوابها للعقول الإبداعية حول العالم لتتقدم بأفكار مبتكرة تسمح بإعادة تدوير المخلفات الفضائية بطرق ذكية وفعالة وبتكلفة معقولة. الجائزة التي رصدتها الوكالة لهذه الفكرة الاستثنائية هي ثلاثة ملايين دولار، تكريمًا للحل الأكثر ذكاءً وفاعلية.

ويتضمن تحدي ناسا محورين أساسيين. المحور الأول يتعلق بابتكار نماذج وأنظمة ملموسة وعملية يمكنها جمع النفايات على سطح القمر، ثم إعادة تدويرها لاستخدامها من جديد بطرق مبتكرة. هذه الطريقة ستفتح الباب أمام بعثات المستقبل لتقليل الاعتماد على الإمدادات القادمة من الأرض، ما يعني توفير تكلفة كبيرة وتقليل المخاطر المرتبطة بشحن المواد إلى الفضاء.

المحور الثاني في التحدي يأخذ اتجاهًا عصريًا متطورًا للغاية؛ حيث تطلب ناسا من المتسابقين تطوير "نماذج رقمية محاكية" (Digital Twins) لهذه الأنظمة. هذه النماذج الافتراضية تسمح للعلماء والمهندسين بتجربة الأفكار وتعديلها واختبار كفاءتها بشكل عملي وبتكلفة منخفضة قبل تصنيعها وإرسالها إلى الفضاء. إنها طريقة مبتكرة لاختبار الأفكار بشكل آمن واقتصادي، وتختصر الكثير من الوقت والجهد والتكاليف.

وما يجعل هذا التحدي تحديدًا مثيرًا للغاية، هو دمجه الذكي بين العلم والإبداع واستخدام التقنيات الرقمية المتطورة. فهو ليس مجرد حلم في الوصول إلى تقنيات جديدة، بل هو فرصة عملية لتنفيذ حلول مستدامة تُمكن المستقبل من الاستفادة من الفضاء بصورة مستمرة وآمنة.


كيف تشارك في تحدي ناسا؟

إذا كانت لديك فكرة مبدعة لحل هذه الأزمة المعقدة، فإن ناسا تدعوك للمشاركة. لديك حتى الحادي والثلاثين من مارس 2025 لتقديم فكرتك. سيتم الإعلان عن المتأهلين الأوائل في الجولة الأولى من التحدي في مايو التالي. لكن تذكر جيدًا: لن يتم قبول أي مشاركات ترسل عبر البريد الإلكتروني أو أي منصة أخرى سوى النموذج الرسمي الذي خصصته الوكالة.

هذا التحدي لا يُظهر فقط المخاطر التي تواجهنا في الفضاء الخارجي، بل يحمل في جوهره رسالة مهمة لنا جميعًا على الأرض: إذا كنا نواجه مشكلات هائلة تتعلق بالنفايات وإعادة التدوير هنا في كوكبنا، كيف يمكن أن نتجرأ على غزو الفضاء الشاسع دون أن نتعلم أولًا كيف نتصرف بمسؤولية ونُبدع حلولاً تساعدنا على الاستدامة؟

في نهاية الأمر، الفضاء ليس مكانًا يتسامح مع الأخطاء، وإعادة تدوير النفايات هناك ليست مجرد خيار جيد، بل ضرورة للنجاة وضمان اكتشاف المستقبل.

ذو صلة

التحدي الآن أمامنا جميعًا: هل لديك فكرة يمكن أن تجعل هذا الحلم الفضائي يتحقق؟ هل واجهت يومًا تحديًا يتطلب منك تفكيرًا إبداعيًا وخارج الصندوق؟ لا تتردد في كتابة أفكارك وتبادل تجاربك، قد تكون ملهمًا للآخرين ومساهمًا في إيجاد حلول تغير مستقبل البشرية وعلاقتها بالفضاء.

ذو صلة