ناسا تفتح الأبواب للجنس البشري على القمر: أداة ثورية ترسم خريطة دقيقة لموارد القمر

4 د
أعلنت ناسا عن انقلاب مفصلي في برنامج أرتميس لاستكشاف القمر.
تعمل أجهزة علمية متقدمة على رسم خريطة موارد القمر ودراسة تاريخه الجيولوجي.
ستحدد التقنية مواقع الجليد والموارد المهمة لدعم البعثات البشرية المستقبلية.
تعزز الأدوات روبوتي ومتراكب العمر من قدرات الاستكشاف العلمي على القمر.
يهدف البرنامج لدعم استكشاف الفضاء الأعمق، بما في ذلك الرحلات المريخية المستقبلية.
وسط سباق فضائي جديد وإحياء الحلم باستكشاف القمر، أعلنت وكالة ناسا عن انطلاق مرحلة مفصلية في برنامج أرتميس، تستعد فيها للكشف عن أسرار القمر الدفينة بفضل أدوات علمية متقدمة تحمل الكثير من الآمال والكشف عن الكنوز المدفونة تحت سطح رفيق الأرض الدائم. هذه التقنيات، التي توصف بأنها ثورية، ستساهم في رسم خريطة دقيقة لموارد القمر، من المعادن وحتى آثار المياه، وستوفر لأكبر بعثة روبوتية تستهدف القطب الجنوبي للقمر منذ نصف قرن أرضية علمية قوية لرحلات الإنسان القادمة.
المهمة التي تجذب انتباه محبي الفضاء والعلماء على حد سواء، تستند إلى ثلاثة أجهزة رئيسية تم تطويرها خصيصاً لهذا الغرض. الأول، “مقياس الطيف لانعكاس وانبعاث الأشعة تحت الحمراء” المعروف بـ (AIRES)، سُيثبّت على المركبة الجوالة الخاصة بأرتميس والتي تحمل الاسم “المركبة القمرية للطرق الوعرة” (LTV). يعمل هذا الجهاز الذكي على تحليل الضوء المنعكس من سطح القمر، ليكشف لنا أسرار توزيع المعادن والمواد المتطايرة، معتمداً على تقنيات الاستشعار الطيفي المتقدمة. وتأتي أهمية ذلك من كونه يرسم لنا خريطة مواد القمر، ما يفتح الباب أمام فهم أفضل لتاريخه الجيولوجي وتحديد مواقع موارد قد تسهم في دعم بعثات بشرية طويلة الإقامة هناك.
وفي خضم الاهتمام بالخفايا القابعة تحت الغبار القمري، يدخل الجهاز الثاني “مقياس الطيف الميكروويفي النشط والسلبي” (L-MAPS) على خط الدعم العلمي، إذ يوظف تقنيات الرادار المخترق للأرض إلى جانب مستشعرات الحرارة لاستكشاف الطبقات الداخلية للقمر حتى عمق يصل إلى 40 متراً. هنا تبدأ مهمة البحث عن جيوب الجليد المدفونة، وقياس خصائص التربة تحت السطح، ما قد يكون جوهرياً في تقدير مدى إمكانية استدامة المهام البشرية وسلامة رواد الفضاء في تلك البيئة القاسية. وهذا يربط أهمية بيانات هذا الجهاز مباشرة بإمكانات استخراج المياه أو استخدامها لتوليد الأكسجين وحتى الوقود مستقبلاً.
أما الجهاز الثالث، فهو مخصص للعمل في مدار القمر، وهو “مُحلل الطيف الصوري فائق الصغر” (UCIS-Moon). سيحلق هذا الجهاز فوق سطح القمر ليلتقط صوراً عالية الدقة ومسوحاً طيفية فائقة، تعزز قدرتنا على تكوين صورة مركبة عن توزيع المياه السطحية وتأثير النشاط البشري على البيئة القمرية. وهنا يتم ربط نتائج هذا الجهاز بما يجمعه AIRES وL-MAPS على السطح نفسه، مما يمنح الباحثين القدرة على رؤية شاملة قد تقود لاكتشاف مواقع الموارد الأكثر قيمة على القمر من معادن فلزية إلى أحزمة جليدية مخفية.
التكامل العلمي: مفتاح نقلة جديدة في الاستكشاف
كل هذه الأجهزة المتطورة لا تعمل بمعزل عن بعضها، بل تشكل منظومة متكاملة تسمح بمواءمة البيانات الطيفية، الرادارية والصورية لتحقيق فهم متعمق للبنية الجيولوجية والخصائص الفيزيائية للقطب الجنوبي القمري. التحليل المتشابك للبيانات، من خرائط المعادن إلى توزيع الجليد وخصائص التربة، ضروري لاختيار مواقع الهبوط المستقبلية وتخطيط قواعد رواد الفضاء، بل وحتى تمكين “اقتصاد القمر” في المستقبل عبر معرفة الموارد القابلة للاستخراج. وهذا التكامل يوضح لنا مدى اعتماد ناسا على علوم متداخلة حديثة توظف الذكاء الاصطناعي، علم الطيف، الاستشعار عن بعد وتحليل الصور لتعزيز فهمنا للأرض وجيرانها في المجموعة الشمسية.
في هذا الإطار، أكدت نِك فوكس المديرة المساعدة في ناسا أهمية المركبة الجوالة الجديدة التي ستأخذ الإنسان أبعد من أي وقت مضى على القمر، بفضل توظيف الأنظمة الروبوتية جنباً إلى جنب مع الاستكشاف البشري. ومن هنا، يقف برنامج أرتميس كبوابة رئيسية لطموحات استكشاف الفضاء الأعمق، وفي مقدمته المريخ، مع الإشارة المستمرة لأهمية تجهيز البعثات بأحدث الابتكارات التقنية والعلمية حتى تثمر المهمة عن اكتشافات تعمق فهم البشرية للكواكب الصخرية.
ودائماً، تبرز نقطة جوهرية، وهي أن ما سيجمعه العلماء من بيانات بواسطة هذه الأجهزة – سواء صور فائقة الدقة أو تحاليل لمركبات القمر أو مجسات الحرارة والرادار – سيغيّر الطريقة التي نفكر بها في تطوّر سطح القمر وتاريخه، وقد يلقي الضوء على كيفية تشكل بقية الكواكب الصخرية في نظامنا الشمسي. مع كل خطوة تخطوها ناسا على السطح القمري، تتجدد الأسئلة حول مدى قابلية هذه التقنيات للعثور على مفاجآت كمخزونات جديدة من الماء، أو حتى أنواع غير متوقعة من المعادن.
ربما لو ركزنا أكثر على مصطلحات من قبيل “استدامة المهام الفضائية” أو استخدمنا كلمة “استشعار مركّب” بدلاً من “تحليل الصور”، لأضفنا مزيداً من الزخم التقني إلى النص، كما أن جملة ربط إضافية في منتصف المقال تربط بين أهمية اكتشاف الجليد بنجاح مهام المريخ المستقبلية ستكون مفيدة في شد انتباه القارئ إلى ترابط مشروعات ناسا عبر الزمن.
هكذا، يبقى برنامج أرتميس واعداً بتغيير وجه الاستكشاف القمري. وها نحن على أعتاب عصر جديد قد تترسخ فيه الحقائق وتندثر الأساطير، بينما تحمل الأجهزة الذكية على ظهور الجوالات والآليات، بين الصخور والفوهات، مفاتيح لغز القمر المدفون منذ ملايين السنين.